تكتبين قصصاً للأطفال بعدما كانت البداية في الشعر. كيف جاء هذا التحوّل؟
كانت البداية شعراً بديوان «أسرار الريح»، كذلك كتبت قصصاً وروايات للكبار من بينها قصة «هشاشة» ورواية «بنات ميموزا». إلا أن التحوّل إلى الكتابة للأطفال جاء مع تجربة الأمومة، وأعتقد أن الكاتبة حين تصير أماً تبدأ في حكي القصص لأطفالها، ثم تفكر لمَ لا تحول هذا الحكي إلى كتابة. من هنا، كانت البداية للكتابة للأطفال. ورغم أن لا فوارق بين الأجناس الأدبية، فإنني أفضل القصة القصيرة والرواية وكتب الأطفال، لأني أشعر بأني مرتاحة فيها أكثر، وبأن السرد بيتي.
الأطفال في زمن الفضائيات
ما مواصفات الكتابة للطفل في زمن الفضائيات وأفلام الكرتون؟فرادة الفكرة! إذا كانت الفكرة جديدة ومعاصرة وغير مكررة ورافقتها رسوم مدهشة وجميلة، فلا يستطيع أي برنامج كرتون أن يخطف الطفل من القصة، وأقول هذا من تجربتي ككاتبة وأم.كيف وجدت التوجّه إلى الطفل في تجربتك الخاصة؟ وما الذي نحتاج إليه عموماً كأدباء كي يمكننا توجيه أطفالنا ثقافياً بشكل ينعكس على حياتهم المستقبلية إيجاباً؟نحتاج إلى فكرة ولغة بسيطة ومرحة. تكون الفكرة قريبة من قلب الطفل وتمسه وتعنى بمشاغله ومشاكله. للأطفال أيضاً هواجسهم، التي لا يجيدون التعبير عنها، ويسعدون عندما يكتشفون من خلال القصص أن مئات بل آلاف الأطفال غيرهم يعانون المشكلة نفسها كالتنمر أو الغيرة بين الإخوة. توجيه أطفالنا يكون عبر الكتب، لكنه يكون أيضاً عبر التحدّث إليهم من دون السقوط في فخ الوعظ أو فخ الترهيب. أن تصادق طفلك أو طفلتك، بحسب رأيي، هي مهمة صعبة وتحدّ كبير لكنه الطريق الأسرع إلى ضمان خطوات ثابتة نحو المستقبل.الومضة القصصية
أنت كاتبة جيدة للقصة القصيرة، ما رأيك في القصة القصيرة جداً والتي بدأت تشهد رواجاً عربياً كبيراً؟ وهل أصبحت الومضة القصصية نوعاً أدبيّاً جديداً؟ أحب قراءة القصة الومضة وأستمتع بها، فهي تحمل من الدهشة ومن الكثافة ما يجعلنا نفكر أكثر من مرة. يستسهل البعض كتابتها ولكن أرى أن من يكتبها ويجيدها يملك ملكة صُقلت جيدا كي تأسر القراء. ادواردو غاليانو مثلاً يكتب القصة القصيرة جداً والقصة الواحدة من قصصه تتركنا كقراء منبهرين تارة بالفكرة المدهشة وطوراً باللغة وشعريتها المدهشة. عموماً، ثمة حركة مهمة تشهدها الساحة الثقافية المغربية حيث تجد أقلاماً كثيرة تكتب القصص القصيرة والقصيرة جداً.هل أثّر العمل الصحافي في تجربتك الأدبية؟أغنى العمل الصحافي تجربتي الأدبية في نقطة مهمة، وهي الالتزام بمواعيد التسليم والنفس الطويل. أن يتوجب عليّ إنجاز تحقيق صحافي وتسليمه خلال يومين وفي عدد معين من الكلمات والصفحات كان تجربة مفيدة بالنسبة إلي، بالإضافة إلى كوني عملت في تغطية مواضيع متنوعة تهمّ المجتمع.مجموعتك القصصية «هشاشة» فيها لغة شعرية. هل السبب كونك قادمة من خلفية شعرية؟تحكي المجموعة عن هشاشة الإنسان الذي يتعرّض للفشل، أو الخيانة، أو غيرهما من تجارب. في كل قصة نقطة ضعف تكشف جانباً من جوانب الإنسان. بالنسبة إلي، عندما أكتب، لا أفكر سوى في النص والشخصيات، فيما اللغة والأسلوب يأتيان بعفوية، ولا أتحكم فيهما. أتحكم فحسب في مرحلة التحرير الأخيرة، لكن الجملة تأتي بعفويتها منذ البداية.الرواية والحركة النقدية
يقول البعض إننا نعيش عصر الرواية لأنها طغت على الألوان الأدبية الأخرى، فما ردك؟تتسع الساحة للأجناس الأدبية كافة. سيطرت الرواية على المشهد لأسباب كثيرة من بينها كما سبق وقلت تحملها طرح القضايا الكبرى والهواجس التي تهمّ الكاتب والقراء على حد سواء، ومن بينها الجوائز التي أثرت حركة النشر. الرواية حاضرة وبقوة، لكنها لم تلغ الشعر ولا القصة ولا المسرح بدليل كم الإصدارات الشعرية والقصصية السنوية في تونس ولبنان ومصر مثلاً.هل النقد في تونس بنفس مستوى الحركة الأدبية؟ وهل من تجارب نقدية رافقت تجربتك الأدبية؟لا أرى أن ثمة حركة نقدية حقيقية في العالم العربي، ما عدا بضعة أسماء تركز على «أسماء» أخرى، وأرى أن الأدب العربي، خصوصاً مع الدور المهم الذي يؤديه الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، شهد ويشهد طفرة كبيرة في الكتابة حيث سيكون الزمن هو النقد الحقيقي، أو الإجابة التي سيقدمها الزمن بعد سنوات من الآن، وما هي الأسماء التي ستبقى؟ تلك هي الكتابة الحقيقية والجميلة والمدهشة، وهذا وهو الأهم، بحسب رأيي.أسرار الريح
نالت إيناس العباسي أولى جوائزها الأدبية عن ديوانها الأول «أسرار الريح» وهي: جائزة أحسن كتاب شعري تونسي لعام 2004، ثم نالت عن كتابها «أرشيف الأعمى» جائزة «الكريديف» لعام 2007، التي ينظمها مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول إنجازات المرأة التونسية. شاركت العباسي في مهرجانات ثقافية دولية عدة من بينها: المهرجان الأدبي الآسيوي الإفريقي بكوريا الجنوبية، ومهرجان أدب الشباب بالأردن، وملتقى أدب الشباب العربي بسلطنة عمان. كذلك شاركت في إقامة أدبية مدتها ستة أشهر في سيول (كوريا الجنوبية) ضمن برنامج يعني بالتبادل الثقافي بين كوريا وبقية بلدان العالم، ذلك بهدف ترجمة رواية كورية إلى العربية من خلال اللغة الفرنسية، وترجمت «حكايات شهرزاد الكورية»، وصدرت لها كتب عدة للأطفال من بينها «أحذية الكبار»، وهو عبارة عن قصة طويلة مصحوبة برسومات للفنانة الإسبانية سيلفيا فيفانكو، تتحدث عن طفلة تهوى لبس أحذية من يحيطون بها لتنتهي في النهاية إلى قناعة راسخة بأن حذاءها هو الأفضل.