وثيقة لها تاريخ : الكويت... ودور أبناء القبائل في تاريخها
نشأت الكويت الجديدة قبل حوالي أربعمئة عام تقريباً عندما استقرت فيها مجموعة من العائلات التي تنتمي إلى قبيلة العوازم، وبعض العائلات التي تنتمي إلى قبيلة بني خالد، التي كان لها نفوذ كبير في منطقة الإحساء والبحرين، امتداداً إلى الكويت وأطراف البصرة. وبعد سنوات عديدة استقرت في الكويت مجموعة كبيرة من حلف العتوب، الذين توطنوا تحت حكم بني خالد، ثم استقل أهل الكويت في حكمهم بعد "تضعضع" حكم بني خالد، وأجمع أهل الكويت على تنصيب الشيخ صباح الأول وذريته حكاماً على البلاد منذ حوالي ثلاثة قرون من الزمان وإلى اليوم. ويمكن الاستدلال على توطن العائلات القبلية في الكويت قديماً من عدة دلائل واضحة نتكلم عنها في مقالنا اليوم. أول هذه الدلائل، وجود فرجان (أحياء سكنية) باسم هذه القبائل، فالكل يعرف أن العوازم لهم فريج وسط مدينة الكويت (فريج العوازم)، ولهم أيضاً فريج "الصوابر" المعروف، وموقعه حالياً مقر المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وما حوله. وكذلك الأسر التي تنتمي إلى قبيلة مطير لهم فريج المطران، وموقعه حالياً بين مسجد الدمّاك (هلال) ومسجد العتيقي (مسجد المطران)، والعنوز لهم "سكة عنزة"، ومنهم أسرة الهويدي، والرشايدة لهم فريج جنوب فريج المطران، ولهم أيضاً فريج آخر في الحي القبلي (جبلة) عند مدرسة عايشة، والسبعان استقروا حول "براحة السبعان"، وأُطلق عليها لاحقاً براحة "بن بحر"، وفريج هلال المطل على البحر شرق مدينة الكويت.
وهناك أيضاً عائلات قبلية أخرى متفرقة ليس لها فريج خاص بها، لكنها تواجدت في الكويت منذ فترة طويلة، وتنتمي إلى قبائل: شمر، الظفير، العجمان، بني هاجر، وغيرها. وقد وردت في التاريخ الكويتي أسماء كثيرة ومعالم عديدة تنسب إلى القبائل، منها نقعة المطيري (التي آلت إلى الخرافي)، وبوابة البريعصي في سور الكويت الثالث، ونقعة هلال المطيري في الحي الشرقي، ومقبرة هلال، التي ما زالت قائمة خارج السور الثاني للكويت، وغير ذلك. أما ما يتعلق بالأعلام المنتمين إلى قبائل سكنت الكويت قديماً، فمنهم الشيخ مساعد العازمي الشهير، ومنهم نواخذة (ربابنة) سفن عديدون، كالنوخذة طاحوس بن شدّيد (العتيبي)، والنوخذة حمد الزوّير (الهاجري)، ونواخذة آل دويلة وآل العلبان وآل المسيلم وآل الشنفا (الرشايدة)، ونواخذة بني عازم الكثيرون، والذين كتب عنهم الزميل طلال الرميضي في كتاب قيِّم، وذكر أسماءهم وسيرهم الذاتية، ومنهم: الأذينة، والأصفر، والغريّب، والهران، وغيرهم. ولا ننسى المعلمون ورجال الدين القدماء والأدباء من أبناء القبائل، فهم عديدون، ولا أستطيع حصرهم في هذا المقال الصغير، لكن على سبيل المثال نذكر منهم: الملا عبدالمحسن الظفيري، الشيخ عيد بداح المطيري، الشاعر مرشد البذال، الشاعر صقر النصافي، الشاعر مطلق الجافور، الشاعر إبراهيم بن خالد الديحاني. ومن الفرسان المشهورين في تاريخ الكويت ممن ينتمون إلى القبائل: غصاب بن زمانان العجمي، مرشد بن طوالة الشمري، وهناك المئات من الشهداء من أبناء القبائل الذين وُثقت أسماؤهم في عدد من المصادر التاريخية. هذه معلومات من التاريخ الكويتي أحببت أن أسطرها في هذا المقال، امتناناً بدور أبناء القبائل في بناء وحماية بلدنا الغالي.