تقلب إنتاج العراق يعرقل تمديد اتفاق «أوبك»
5 ملايين برميل مع نهاية العام... والمناورة «عنوان اللعبة»
تسعى «أوبك» إلى تحقيق إجماع مع الدول غير الأعضاء فيها، بما فيها روسيا، حول ما إذا كان التمديد بعد شهر مارس يهدف إلى التخلص من التخمة النفطية.
تواجه منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» مشكلة عراقية: فإنتاج العراق، وهو ثاني أكبر دولة مصدرة للنفط في المنظمة، يتأرجح بين تجاوز الحصة المخصصة للبلاد وبين أزمة تعطل الإنتاج، مما يلقي بظله على المنظمة، التي يريد وزراء النفط فيها التوصل إلى قرار بشأن تمديد خفض الإنتاج.وكانت صادرات حقول الشمال في العراق، تراجعت بحوالي 40 في المئة في النصف الأول من شهر نوفمبر، في أعقاب المواجهات بين الجيش العراقي ومقاتلي إقليم كردستان، التي أدت إلى تعطل إنتاج حقول النفط في كركوك. وبعد أن كان قد تجاوز حصته من الإنتاج طوال السنة انخفض إنتاج العراق في شهر أكتوبر عندما بدأت المواجهات.
وتكافح منظمة «أوبك» التي سوف تجتمع هذا الأسبوع في فيينا إزاء الإنتاج المتقلب في نيجيريا وليبيا ويضيف العراق احتمالات أخرى من عدم اليقين.وبالنسبة إلى صناع السياسة يهدد الاضطراب القصير الأجل بإخفاء حقيقة طويلة الأجل، وهي أن العراق الذي حصل على حصة إنتاج في السنة الماضية فقط، بعد عقود من الاستثناءات، لم يشعر بارتياح قط ورغب في رفع إنتاجه إلى حده الأقصى. وقال عصام شلبي، وهو مستشار ووزير نفط عراقي سابق: «سوف يظل الإنتاج متقلباً»، وفيما سيكون من الصعب بالنسبة إلى العراق تعويض كمية النفط، التي فقدت في الشمال بسرعة، فإن «نوايا العراق الحقيقية تتمثل في بلوغ مستوى خمسة ملايين برميل يومياً بحلول نهاية هذه السنة، والمناورة السياسة هي عنوان اللعبة».ويجعل الشك الوضع أكثر صعوبة بالنسبة إلى منظمة «أوبك» إزاء التوازن العالمي من العرض والطلب في العام المقبل، واتخاذ قرار حول مدة تمديد خفض الإنتاج. وتسعى «أوبك» إلى تحقيق إجماع مع الدول غير الأعضاء فيها، بما فيها روسيا حول ما إذا كان التمديد بعد شهر مارس يهدف إلى التخلص من التخمة النفطية.
مواقف نيجيريا وليبيا
وفيما تظهر الإمدادات من ليبيا ونيجيريا – اللتين ليس لهما حصص إنتاج رسمية بموجب اتفاق أوبك الحالي– إشارات على الاستقرار، بات العراق أكثر تأرجحاً، إذ هبط إنتاجه الشهر الماضي بنحو 120 ألف برميل يومياً– وهو الأعلى منذ شهر يناير الماضي– نتيجة النزاع بين الحكومة المركزية والأكراد، بحسب معلومات جمعتها بلومبيرغ. وذلك يعني أن العراق ضخ 4.35 ملايين برميل يومياً في شهر أكتوبر وهو الأقل من حصة أوبك للمرة الأولى في هذه السنة. على الرغم من ذلك، تتابع الشركات الدولية، التي تنتج النفط في العراق خططاً تهدف إلى رفع طاقة الانتاج– بحسب تصريح وزير النفط العراقي جبار اللعيبي في شهر سبتمبر في مؤتمر بدولة الإمارات حيث قال، إن الحكومة تقيد الإنتاج في حقول تشغلها بنفسها من أجل الالتزام بحصة «أوبك».وأظهرت استراتيجية أوبك مؤشرات على النجاح في تحسين الأسعار مع تداول خام برنت عند أكثر من 60 دولاراً للبرميل في الشهر الجاري بعد هبوطه إلى أقل من 30 دولاراً العام الماضي. وارتفع السعر ثمانية سنتات في لندن ليصل إلى 62.30 دولاراً للبرميل. وبحسب دانييل يرغين، وهو نائب رئيس آي اتش اس ماركيت، فإن توترات إقليمية أخرى أسهمت في زيادة الأسعار أيضاً.وقال يرغين في مقابلة في أبوظبي في الرابع عشر من شهر نوفمبر الجاري: «هذه هي المرة الأولى، التي نشهد فيها بداية عودة العوامل الجيوسياسية الإقليمية إلى أسعار النفط. وهو شيء يتعين على أوبك التعامل معه».ومن غير الواضح متى سوف يعود إنتاج حقول النفط حول مدينة كركوك، التي لا تزال تتطلب استخدام خط أنابيب يسيطر عليه الأكراد من أجل الوصول الى الأسواق الدولية. وقد صدر هذا الأنبوب 320 ألف برميل يومياً في النصف الأول من شهر نوفمبر الجاري مقارنة مع 565 ألف برميل يومياً بشكل متوسط خلال أول تسعة أشهر من هذه السنة، بحسب معلومات بلومبيرغ. ويقول جعفر الطائي وهو العضو المنتدب لدى مجموعة المنار الاستشارية، التي تعمل في العراق، إن «التعطيل الذي يشمل مناطق الأكراد قد يستمر ستة أشهر أخرى».وكان إنتاج نيجيريا، الذي هبط إلى أدنى مستوى في نحو ثلاث سنوات في شهر أغسطس الماضي بعد سلسلة من هجمات ميليشيات مسلحة قد تعافى إلى درجة قالت الحكومة معها، إنها سوف تنضم إلى اتفاق أوبك بعد ستة أشهر من الاستقرار. لكن ذلك الهدوء، قد ينتهي بعد إنهاء الميليشيات في دلتا نهر النيجر للهدنة في وقت سابق من هذا الشهر.ومن غير المحتمل، أن يضاهي التقلب في إنتاج العراق الإنتاج في ليبيا، حيث لاتزال الأجنحة المسلحة تتنافس على السيطرة على البلاد، بعد أكثر من ستة أعوام على سقوط معمر القذافي، بحسب ستاندرد تشارترد.وعلى الرغم من ذلك، يعتبر العراق اليوم بين الملفات الساخنة، التي يتعين على أوبك أخذها في الحسبان، بحسب إد مورس وهو رئيس بحوث السلع لدى سيتي غروب، الذي قال إن « العراق قد انضم اليهم الآن على شكل منتج لا يعول عليه».