فجر يوم جديد : «جيل الإنقاذ»!
«رب ضارة نافعة»!انزعج الكثيرون، في مصر، بعد الإعلان في المؤتمر الصحافي لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، أن المسابقة الدولية للأفلام الروائية والتسجيلية الطويلة، في الدورة التاسعة والثلاثين (21 – 30 نوفمبر 2017)، ستعاني غياباً للفيلم المصري، وتسابق البعض في اتهام إدارة المهرجان بالتخاذل، والتفريط، وإهانة السينما المصرية، بينما الحقيقة، التي لم يفطن إليها هؤلاء وأولئك، أن عدم وجود الفيلم المصري الطويل ربما يُصبح «بشرة خير» أو بمثابة «فأل حسن» على مجريات الدورة التاسعة والثلاثين!
يُدرك كل متابع لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، في دوراته السابقة، أن الفيلم المصري الطويل، كان يستحوذ، مهما كان ضعيفاً أو هزيلاً، على اهتمام الصحافيين، وممثلي الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب، بالإضافة إلى بعض النقاد، بشكل مُبالغ فيه، وكانت العروض الأولى للأفلام المصرية تُحقق أكبر نسبة حضور، ومشاهدة، وفوضى عارمة تتحول إلى معارك صاخبة، تعقبها متابعة صحافية وإعلامية مُفرطة، ومساحات هائلة من الثرثرة تخصصها المطبوعات الصحافية، والشاشات الفضائية، للحديث عن الفيلم المصري، ونجومه، بينما تعاني الأفلام الأخرى، سواء المعروضة في المسابقة الدولية أو التظاهرات المختلفة، تجاهلاً مخجلاً!من هنا لا أنكر سعادتي بغياب الفيلم المصري الطويل عن الدورة التاسعة والثلاثين لإحساسي بأنه سيكون سبباً في عودة الأوضاع إلى طبيعتها، وتوزيع الاهتمام الإعلامي والصحافي والنقدي بين أفلام المهرجان بقدر من التوازن افتقدناه في الدورات السابقة، سواء على صعيد الأفلام العربية، التي تتألق في مسابقة «آفاق السينما العربية»، أو على مستوى الأفلام المصرية القصيرة، التي كانت تُعرض في مسابقة «سينما الغد الدولية للأفلام القصيرة»، وتعاني فقراً في الاهتمام، والتجاوب، بشكل لا نتوقع تكراره في دورة هذا العام، حيث بدأت الالتفاتة واضحة، بالحضور المتوهج للسينما العربية، عبر الأفلام الثمانية المشاركة في مسابقة «آفاق السينما العربية»، والترحيب الواسع بالمخرج السوري الكبير عبد اللطيف عبد الحميد الذي وافق على دعوة المهرجان ليكون، مع فيلمه «طريق النحل»، ضيف افتتاح المسابقة.أما على صعيد الأفلام المصرية القصيرة فأزعم أنها المرة الأولى التي تتسابق الصحف فيها إلى إلقاء الضوء عليها، وتوجيه الأنظار إلى مخرجيها، ممن تحولوا في نظر الكثيرين إلى «جيل الإنقاذ» الذي سيعوض غياب الفيلم المصري الطويل عن المسابقة الدولية، مثلما يرسم ملامح مستقبل السينما المصرية الجديدة. ففي فيلم «حاجة ساقعة» (روائي/ 20 دقيقة) سيناريو عمروش وإخراجه، الذي اعتمد في بطولته على هواة، يتوقف عند حيوات خمس شخصيات في الإسكندرية الملبدة بالغيوم، وفي الحي العتيق بأصالة مبانيه، حيث الكهل الذي تُوفيت زوجته لكنه يبدو غير مُصدق أو مقتنع، والطفل الذي يعيش وحيداً مع والده، الذي طلق أمه، ويتشاجرا على الموتوسيكل الذي يملكاه، والمرأة التي تُصفف الشعر وتعاني بسبب علاقاتها العاطفية التي لا تكتمل، والشاب النوبي الذي يدخل في مشاكل مع عائلته التي ترفض سفره إلى النوبة أو انضمامه إلى فرقة رقص في الشارع. وسبق للفيلم المشاركة في مهرجان. أما «كل الطرق تؤدي إلى روما» (روائي/ 15 دقيقة) فكتب له السيناريو وأخرجه حسن صالح واني، في أول عمل له، فيحكي أحداث الليلة الأخيرة في حياة الفتاة الشابة «أمل»، التي تنوي الهجرة بشكل غير شرعي من دون علم أسرتها، قبل أن تكتشف حملها من حبيبها الذي هجرته منذ شهر، بينما يحمل الفيلم الثالث عنوان «رد فيلفيت» (روائي/ 15 دقيقة) سيناريو يوسف محمود ومحمود سمير وإخراجهما، وتدور أحداثه حول «نانسي»، التي تتعرض، في صباح يوم من الأيام، لوعكة صحية مميتة، وتكاد تتوقف حياتها على طفل يبلغ من العمر خمس سنوات. والفيلم هو الجزء الأول من ثلاثية أفلام قصيرة تتناول قصص أمهات في الشرق الأوسط، والجزءان المقبلان في طور التطوير، وهما «جنازة سماوية» و{ثريا والبافارية»، والمخرج محمود سمير طالب بالسنة الأخيرة في قسم الإخراج بالمعهد العالي للسينما، أما المخرج يوسف محمود فقد تخرج في كلية الإعلام جامعة القاهرة، وصاحب خلفية في عالم المؤثرات البصرية، حيث عمل قرابة عشر سنوات في صناعة المؤثرات البصرية لكثير من الأفلام المصرية، كذلك أخرج عدداً من الإعلانات التجارية والكليبات.... الأمل في الشباب.