جبل البابا... جريمة التطهير العرقي والتصفية والحاجة للوحدة الوطنية
![مصطفى البرغوثي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1564897822016822100/1564897879000/1280x960.jpg)
ورغم أن أحداً لم يسمع أو يرى مقترحات رسمية بشأن ما يسمى "صفقة القرن"، فان التسريبات المتتالية يجب ألا تثير قلقاً فلسطينياً فقط بل استنفارا وطنياً تجاه خطورة هذه المقترحات. فالتسريبات تتحدث عن ترتيبات لإبقاء الجيش الإسرائيلي مسيطراً على الأغوار بكاملها، وعن إبقاء السيطرة الأمنية الإسرائيلية الشاملة على كل الضفة الغربية، وعن رفض أي احتمال لتكون القدس العربية جزءاً من دولة فلسطينية أو عاصمة لها، بل إن الحديث يدور في الواقع عن عدم وجود دولة فلسطينية واستبدالها بحكم ذاتي هزيل محكوم بالسيطرة العسكرية الاحتلالية، بالتزامن مع أخطر الاقتراحات، وهو ضم الكتل الاستعمارية الاستيطانية وأجزاء كبيرة مما يسمى منطقة "C" إلى إسرائيل، ومن ثم استخدام هذه الترتيبات الهزيلة غطاء لتطبيع إسرائيلي كامل مع المحيط العربي والإسلامي على حساب القضية الفلسطينية ودون حلها.إن ما يجري في جبل البابا، وفي منطقة الأغوار، وفي نشاطات الاستيطان الاستعماري وعمليات هدم البيوت والممتلكات الفلسطينية، لا يمكن فصله عن المخططات والمشاريع المشبوهة التي أشرنا لها.والاستنتاج المنطقي من كل ذلك، هو أننا لا نعيش في مرحلة "حل"، ولا أمل في المراهنة على "المفاوضات وما يسمى عملية السلام"، بل نحن نعيش في مرحلة نضال وكفاح لحماية حقوقنا الوطنية ولتعزيز نضالنا من أجل الحرية والتحرر والعدالة. وأن جُل الحوار الوطني الفلسطيني يجب أن يتجاوز الانتقال من حيز "صراع وخلاف على سلطة تحت الاحتلال" إلى حيز "الاتفاق على آليات عمل وتمكين السلطة تحت الاحتلال"، وإلى إطار أوسع مضمونه كيفية التوافق على استراتيجية وطنية موحدة ومتكاملة لخوض النضال من أجل حقوقنا الوطنية، وكيفية خلق قيادة وطنية موحدة تقود النضال الوطني الفلسطيني، وهي أمور لامسها حوار القاهرة ولكنه لم يعالجها حتى الآن.وإذا أريد لذلك الحوار أن يتقدم فعلاً وأن يخلق لدى الناس شعوراً حقيقياً بالأمل، فلا بد من تطبيق أمرين فوراً:أولا– إلغاء كل الإجراءات التي اتخذت تجاه قطاع غزة والتي لم يعد هناك أي مبرر لاستمرارها.ثانيا– التنفيذ الفعلي والفوري لما اتفق عليه فيما يخص الحريات العامة ولجنة الحريات والمصالحة المجتمعية وانعقاد المجلس التشريعي، ودعوة إطار تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية.هناك مخاطر ومخططات تصفية، ويجب أن تقابل بردود فلسطينية حازمة وموحدة، ولا مجال بعد اليوم للتسويف أو الانتظار.* الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية