«اجتماع الرياض» يفعّل «التحالف الإسلامي» ويتوعد الإرهاب

البيان الختامي يقر آليات لمواجهة التطرف والطائفية... واتفاق على تنظيم مناورات عسكرية مشتركة
• بن سلمان: لن نسمح بتشويه العقيدة الإسلامية... وسنلاحق الإرهابيين حتى يختفوا عن وجه الأرض
• الخالد: الاحتقان الطائفي والميليشيات يضاهيان خطورة الإرهاب
• المومني: نواجه تحدياً غير مسبوق

نشر في 26-11-2017
آخر تحديث 26-11-2017 | 21:45
بينما تدخل الحرب على الإرهاب في المنطقة والعالم مرحلة جديدة مع اقتراب نهاية التنظيمات المتطرفة التي تمكنت من السيطرة على أراض في سورية والعراق، شهدت السعودية أمس أول اجتماع لوزراء دفاع التحالف الإسلامي ضد الإرهاب الذي أسس قبل عامين، في خطوة قال مراقبون إنها بمنزلة تفعيل لهذا التجمع الذي يضم 40 دولة.
بعد عامين من إعلان تشكيل التحالف الإسلامي العسكري لـ«محاربة الإرهاب»، استضافت العاصمة السعودية الرياض أمس أول اجتماع لوزراء دفاع دول هذا التحالف الذي تتركز نشاطاته على التنسيق الاستخباراتي والمالي والعسكري والسياسي، في وقت تدخل الحرب على الارهاب مرحلة جديدة.

وقال ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان الذي ترأس الاجتماع إن «الإرهاب في السنوات الماضية كان يعمل في جميع دولنا، وأغلب المنظمات المتطرفة تعمل في عدة دول من دون أن يكون هناك تنسيق قوي وجيد ومميز بين الدول الإسلامية». وأضاف الأمير الشاب (32 عاما) الذي يتولى منصب وزير الدفاع أن اجتماع الرياض «أنهى هذا الوضع».

وشدد ولي العهد، في كلمته الافتتاحية، على أهمية هذا الاجتماع لمواجهة التطرف ومكافحة الإرهاب، مؤكداً أن أكبر خطر للإرهاب هو تشويه العقيدة الإسلامية السمحة والدين الحنيف، وترويع الأبرياء، مشدداً على أن دول التحالف لن تسمح بمواصلة عمل تلك المنظمات الإرهابية، وستلاحق الارهاب حتى يختفي عن وجه الأرض.

وتابع أمام وزراء دفاع ومسؤولين عسكريين من دول التحالف: «اليوم ترسل 40 دولة إسلامية إشارة قوية جداً بأنها سوف تعمل معاً وسوف تنسق بشكل وثيق جداً لدعم جهود بعضها البعض سواء الجهود العسكرية أو الجانب المالي أو الجانب الاستخباراتي أو السياسي، وهي عازمة على عدم السماح بتشويه الدين وترويع الآمنين».

وبينما أشار إلى أن «العديد من المبادرات» سيتم الإعلان عنها في نهاية الاجتماع، قدم الأمير التعزية لمصر في ضحايا هجوم «قرية الروضة»، الذي أسفر عن مقتل 305 أشخاص الجمعة الماضية.

من جانبه، أكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ محمد الخالد أن الكويت حرصت على المشاركة ضمن الصفوف الأمامية لـ«التحالف الإسلامي» انطلاقا من «موقفها الثابت تجاه الإرهاب والتطرف ورفضها ممارسات استغلال الدين كذريعة».

وقال الخالد في كلمته بالاجتماع: «إننا نتابع ذلك السرطان واتساع رقعته جغرافيا بمختلف أشكاله على المستويين الإقليمي والدولي».

وشدد على أن «ذلك يحتم علينا توجيه الجهود والطاقات للتصدي لهذه الظاهرة والقضاء عليها وتجفيف منابعها كما يحتم علينا العمل معاً للحد من انتشار الفتن والاحتقان الطائفي لما يشكله ذلك من تهديد لكيان الأمم وأمنها واستقرارها لا يقل عن الارهاب».

وأوضح أن «الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم اجمع ومنطقتنا بشكل خاص افرزت مخاطر وتحديات خطيرة يعاني البعض تداعياتها وسيعاني الجميع تبعاتها دون استثناء إن لم نقف معا صفا واحدا»، مشدداً على أن «هذه الظروف تتطلب منا أن نقف بحزم لمنع استغلال تلك الظروف من قبل الجماعات والتنظيمات الارهابية والمتطرفة بما في ذلك الميليشيات المسلحة لوقف نشر أفكارها الهدامة وممارساتها الاجرامية من قتل وتشريد وترويع».

وأضاف أن «تبرير تلك التنظيمات والجماعات بأن أعمالها ونشاطاتها مستوحاة من تعاليم الدين الإسلامي لهو أمر بعيد كل البعد عن مبادئ وقيم الشريعة والإنسانية».

وبين أن ما تعرض له «مسجد الروضة» بشمال سيناء من استهداف للمصلين الآمنين لهو دليل على أن الإرهاب لا يمت إلى الإسلام بصلة، لافتاً إلى أن دولة الكويت تعرب عن ادانتها واستنكارها الشديدين للحادث وتتقدم بخالص التعازي لأهالي الضحايا مؤكدة وقوفها إلى جانب مصر.

وأعرب الخالد عن شكره للسعودية لعقدها واستضافتها اجتماع التحالف الذي يأتي في إطار دور محوري للمملكة بمكافحة التطرف والإرهاب وبناء التحالف الإسلامي.

وناقش أول اجتماع للتحالف «الاستراتيجية العامة» والآليات المنظمة لـ»عملياته ونشاطاته ومبادراته المستقبلية في الحرب على الإرهاب»، ضمن أربعة مجالات هي «الفكرية والإعلامية ومحاربة تمويل الإرهاب والعسكرية»، إلى جانب التكامل مع الجهود الدولية الأخرى في مجال حفظ الأمن والسلم الدوليين.

من جهته، قال قائد الجناح العسكري للتحالف القائد السابق للقوات الباكستانية راحيل شريف إن «المجال العسكري يهدف إلى تنسيق وتأمين الموارد، وتيسير عمليات تبادل المعلومات العسكرية بصورة آمنة، وتشجيع الدول الأعضاء على بناء القدرات العسكرية لمحاربة الإرهاب».

وألقى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، الشيخ محمد العيسى، كلمة أكد فيها على المبادئ والقيم الإسلامية، كالاعتدال والتسامح والرحمة، والتصدي لنظريات وأطروحات الفكر الإرهابي، بإيضاح حقيقة الإسلام الصحيح، وإحداث الأثر الفكري والنفسي والاجتماعي لتصحيح هذه المفاهيم الإرهابية المتطرفة.

ولفت العيسى إلى أن الإرهاب قام على «أيديولوجية متطرفة»، مشيراً إلى أن «التطرف المعاصر كان خليطا من حماسة قتالية بعاطفة دينية عشوائية».

وأشار إلى أن التقديرات الأولية لتعداد الدول التي التحق الإرهابيون منها بتنظيم «داعش» الذي يطلق على نفسه اسم «الدولة الإسلامية» تبلغ 100 دولة من مدارس فقهية وعقدية متنوعة ويجمعهم هدف مشترك هو إقامة «كيانهم المزعوم»، مضيفاً أن تقديرات نسبة الملتحقين بهذا التنظيم الإرهابي من أوروبا وحدها بلغ 50 في المئة.

ورأى وزير الدولة لشؤون الإعلام بالأردن محمد المومني في كلمته أن الدول العربية والإسلامية تواجه تحديا غير مسبوق، مؤكداً أن «الساحة الإعلامية أصبحت ساحة مواجهة كما الميادين العسكرية»، مشدداً على أن «الإعلام المهني التنويري الوازن يجب أن يكون صاحب الكلمة العليا».

البيان الختامي

وأكد البيان الختامي لاجتماع مجلس وزراء دفاع التحالف الإسلامي العسكري على أن الإرهاب يمثل تحدياً للأمن والسلم الدوليين، يتجاوز حدود الدول، وأصبح أشد فتكا من ذي قبل.

وأقر وزراء دفاع التحالف الإسلامي آليات المواجهة الشاملة للإرهاب فكرياً وإعلامياً وتمويلياً وعسكرياً.

وعلى المستوى الفكري، شدد التحالف على فضح أفكار التطرف ومناهجه، والحد من انتشاره وتأثيره على الأفراد والمجتمعات، مع إبراز قيم الإسلام المعتدل، وقدرته على التعايش مع الآخر.

وفي المجال الإعلامي، قرر وزراء الدفاع استخدام وسائل الإعلام في مواجهة الدعاية الإرهابية، وإيضاح شناعة أفعالها، وكشف أساليب الإرهابيين في الترويج، وفضح معتقداتهم وتعرية تصوراتهم.

وحول محاربة تمويل الإرهاب، أكد البيان زيادة التنسيق وتبادل المعلومات والبيانات بين الدول في هذا المجال، وتطوير النظم والإجراءات الخاصة بحرمان الإرهاب من أي مصادر مالية.

وأعربت دول التحالف عن التزامها بتأمين القدرات العسكرية والموارد اللازمة لإضعاف التنظيمات الإرهابية والقضاء عليها بالدول التي تعاني منه.

وخلال مؤتمر صحافي في ختام اجتماع الرياض، أكد الأمين العام للتحالف الفريق عبدالله الصالح أن "التحالف الإسلامي العسكري منصة بناءة ذات فعالية، وتفتح المجال لفتح تعاون وتكامل وتشارك بين الدول الأعضاء والمنظمات الدولية ذات العلاقة".

وأعلن خططا ومبادرات مؤسسية لتجفيف منابع تمويل الإرهاب، وكذلك تم اقتراح مبادرات عسكرية للدول الأعضاء من أجل بحثها لوضع حد لمن يؤجج التطرف والطائفية.

وكشف القائد العسكري للتحالف أنه يخطط لتنظيم مناورات وتدريبات مشتركة فاعلة بين دول التحالف، وتعزيز مفهوم المسؤولية المشتركة، وقال إن التحالف سيدعم "الدول التي تعاني الإرهاب على عدة جبهات تمكنها من مواجهة هذا الخطر".

وعن تعريف الإرهاب، قال الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي إن "هناك تعريفا أمميا وآخر بالجامعة العربية، وكل التعريفات متشابهة إلى حد بعيد، فالإرهاب هو القيام بأعمال من شأنها أن تحدث فزعا أو تدمير ممتلكات بخلفية فكرية وبواسطة مجموعة منظمة".

وأكد أن هناك حصراً لـ"شبهات ومزاعم الإرهابيين التي تم نشرها والردود عليها من الجذور".

غياب قطري... ولبنان يمثَّل بالسفير

غابت قطر عن الاجتماع الأول لوزراء دفاع دول التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب، الذي انعقد في السعودية، أمس.

ويضم التحالف، بحسب قائمة نشرتها وكالة الأنباء السعودية، الدوحة التي قطعت المملكة علاقاتها الدبلوماسية معها، على خلفية اتهامها بـ"دعم الإرهاب" في يونيو الماضي. ووضعت في قاعة الاجتماع أعلام كل الدول الأعضاء باستثناء العلم القطري. ولا تشمل قائمة الدول الأعضاء إيران وسورية والعراق.

وتمثلت سلطنة عُمان بالأمين العام لوزارة الدفاع محمد بن ناصر الراسبي، فيما لم يحضر وزير دفاع لبنان يعقوب الصراف الاجتماع.

ومثّل لبنان سفيره لدى المملكة عبدالستار عيسى، وذلك بعد لغط سياسي وإعلامي. ويوم الجمعة الماضي فوض رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون وزير الدفاع يعقوب الصراف حضور الاجتماع وتمثيل لبنان، لكن الصراف لم يسافر الى الرياض لحضور الاجتماع، وسط حديث سياسيين لبنانيين عن قرار رسمي بعدم الحضور ومقاطعة الاجتماع. ومثل مصر اللواء وحيد التوفيق نائب وزير الدفاع صدقي صبحي. والمملكة عضو في التحالف الدولي لمحاربة "داعش"، وكانت دشنت مركزا لمحاربة التطرف خلال زيارة للرئيس الأميركي دونالد ترامب في مايو الماضي.

جدير بالذكر أن التحالف تأسس في ديسمبر 2015. وتقول الرياض إن التحالف يضم 41 دولة، بينها افغانستان والإمارات وباكستان وتوغو والصومال ولبنان وليبيا ومصر والمغرب وموريتانيا واليمن وتركيا وماليزيا ونيجيريا.

back to top