التاريخ السياسي للتشكيل الحكومي 7
حتى هذه اللحظة لا توجد بوادر على الخروج بحل لأزمة التشكيل الحكومي. حتى سوق الشائعات حول من سيدخل الوزارة ومن سيخرج منها، والذي عادة ما يكون رائجاً في مثل هذه الحالة، وخصوصاً من تلك الشخصيات والدواوين التي "عروقها في الماء"، تراجع وتوارى، ويبدو أن تلك الشخصيات قد ملت الانتظار. فتخيل أنك تترقب مباراة كرة قدم، وتبدأ المباراة ثم يتم إيقافها قسراً، دون إيضاح الأسباب، ويظل الناس بانتظار تحديد تشكيلة الفريق واستئناف المباراة، وكلما طالت المدة خرج جزء من الجمهور من الملعب، حتى فقد الناس اهتمامهم. حتى تصريحات النواب التي تهدد بعدم قبول وزراء التأزيم، صارت باهتة لا أثر اجتماعياً أو سياسياً لها، وكأن هذا النائب أو ذاك يريد رفع العتب.الحكومة القادمة أياً كان توقيتها هي الحكومة رقم 35، وقد مر التشكيل الحكومي عبر السنين بمتغيرات ملحوظة. ففي الحكومة الأولى بعد الاستقلال، وقبل صدور الدستور كان رئيسها الأمير عبدالله السالم، وكان صباح السالم نائبه ووزير الخارجية. كان عدد الوزراء هو 15 وزيراً، منهم 3 فقط من خارج الأسرة الحاكمة، جميعهم منتخبون للمجلس التأسيسي، وينحدرون من فئة التجار التقليديين. أما الحكومة الثانية التي جاءت مع الدستور فقد صارت ملزمة بسقف 16 وزيراً، إلا أن السمة الغالبة كانت لهيمنة وزراء من الأسرة الحاكمة، حيث بلغ عددهم 11 وزيراً من أصل 15، و4 وزراء من خارج الأسرة بينهم واحد منتخب فقط. ومن المعروف كما أشرنا سابقاً أن هذه الحكومة دخلت في أزمات حادة، أولها استقالات بعض الوزراء الشيوخ، لعدم رغبتهم في الاستمرار بوجود مجلس الأمة، وكذلك صدام حاد بين بعض الشيوخ وصدام مع المجلس الذي استمر في التصاعد لحين إعادة تشكيل حكومة جديدة في يناير 1965. وبالتالي أعيد تشكيل الحكومة بزيادة ملحوظة للوزراء الشعبيين، حيث بلغ عددهم 8 من أصل 16 وزيراً. ثم زاد عدد الوزراء الشعبيين إلى 10، بينهم 4 نواب منتخبين، كما تم دمج وزارتي الداخلية والدفاع للمرة الأولى. واستمر التشكيل بهذه الصورة حيث يحافظ الوزراء من خارج الأسرة على عددهم بين 9 و10 وزراء، بينهم 3 إلى 4 نواب، كما زادت ظاهرة تكليف الوزير الواحد بأكثر من وزارة، وكذلك برز مفهوم وزارات السيادة التي يتولاها فقط أفراد من الأسرة الحاكمة، وهي بشكل أساسي الخارجية والداخلية والدفاع، وتتأرجح بين النفط والإعلام، ولكن في نهاية الأمر استقرت على الوزارات الثلاث فقط.
كان سلوك التشكيل مختلفاً عند حل المجلس حلاً غير دستوري، وهو ما حدث في 1976 و1986، كما سنرى.