«الممانعون»... وفريدمان!!

نشر في 27-11-2017
آخر تحديث 27-11-2017 | 00:19
 صالح القلاب لأنه وصف المرشد علي خامنئي بأنه "هتلر إيراني جديد في منطقة الشرق الأوسط"؛ فإن جماعة حسن نصرالله، في بيروت، لم يجدوا في الحوار الذي أجراه لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، توماس فريدمان، أشهر وأهم صحافي في العالم، مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إلاّ اتهامه بأنه صهيوني متطرف يعمل لحساب إسرائيل! وبالطبع فإن هذه لغة قديمة أكل عليها الدهر وشرب، ولا يلجأ إليها إلا المفلسون الذين لم يجدوا ما يقولونه ضد هذا الشاب المتدفق حيوية ونشاطاً، والذي أقل ما يمكن أن يقال فيه إنه يشبه سهماً منطلقاً من قوس مشدودة الوتر، سوى أنه تحدث لمندوب هذه الصحيفة، التي تعتبر الأكثر تأثيراً من بين صحف الكرة الأرضية كلها.

لا يوجد من بين من يعملون في السياسة، وفي الصحافة، من لا يعرف فريدمان، أو قرأ له، إلا متغابٍ أو جاهل "يتعيَّش" سياسياً وصحافياً على المواقع الإلكترونية الهابطة والصحافة الصفراء الرديئة! وكان على جماعة حلف "الممانعة" قبل أن يوجهوا هذه التهمة التي غدت مستهلكة، وخارج إطار أساليب التعاطي السياسي في القرن الحادي والعشرين أن يسألوا بعض "جهابذة" صحفهم وإعلامهم عن هذا الصحافي العالمي اللامع، الذي كان أقام في بيروت لسنوات طويلة، من بينها سنوات الحرب الأهلية التي كانت تفجرت في نحو منتصف سبعينيات القرن الماضي، والذي يتمنى كبار المسؤولين في العالم أن يجلس معهم ولو لبضع دقائق!

ربما أن لـ "فريدمان" وجهة نظر خاصة تجاه الصراع العربي – الإسرائيلي لا تلائمنا ولا نوافق عليها، وذلك مع أن المفترض أنّ متابعي ما يكتبه في الـ "نيويورك تايمز"، وإنْ عن بُعدٍ، يعرفون أن له آراءً مؤثرة يختلف فيها مع التوجهات الإسرائيلية المتطرفة التي يمثلها في هذه المرحلة بنيامين نتنياهو، كما كان يمثلها إيريل شارون وغيرهما، ولعل ما لا يدركه حسن نصرالله أو أعوانه أن هذا الصحافي العالمي المبدع كان قد أجرى لقاءات خلال حصار بيروت مع القائد الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، رحمه الله، ومع أهم رموز الحركة الوطنية اللبنانية، الذين كان على رأسهم كمال جنبلاط قبل اغتياله على أيدي مخابرات هذا الذي دمّر سورية، قلب العروبة النابض، وشرَّد شعبها.

إنه لا يمكن أن تكون "يهودية" توماس فريدمان اتهاماً له بأنه "صهيوني"، وذلك حتى لو اختلف معنا واختلفنا معه على قضايا كثيرة ورئيسية بالنسبة للصراع العربي-الإسرائيلي، فالمعروف أن كثيرين من كبار السياسيين والمفكرين اليهود في العالم الغربي كله قد انحازوا انحيازاً مؤثراً للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني، وكان ولا يزال لهم دور فاعل في التأثير على الرأي العام العالمي تجاه هذه القضية العادلة والمحقة.

كان "أبوعمار" بحكم تربيته المصرية يردد مثلاً يقول: "ما لؤوش (ما وجدوا) في الورد عيب، قالوا له يا أحمر الخدين"، ويقيناً أن "ممانعي" ضاحية بيروت الجنوبية عندما لم يجدوا ما يمكن أن يكون مأخذاً على ولي العهد السعودي، الذي يتصدى الآن لمهمة سعودية وعربية وإسلامية تعتبر إحدى معجزات الألفية الثالثة؛ بادروا إلى "كبِّ شرهم" على هذا الصحافي العملاق توماس فريدمان، وأخذوا على الأمير محمد بن سلمان أنه تحدث إلى "نيويورك تايمز" عبر ما وصفوه بـ "الصهيوني المتزمت"... وهذا، بالإضافة إلى أنه عيب، غير صحيح.

back to top