تستأنف اليوم في جنيف المفاوضات حول النزاع السوري، وتأمل الأمم المتحدة أن يشكل وجود وفد موحد للمعارضة السورية للمرة الأولى، فرصة لإنجاح هذه المفاوضات التي سبق أن أخفقت في التوصل إلى تسوية، إلا أن إشارات صادرة عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد أمس توحي بأن دمشق غير مستعدة بعد للتفاعل الإيجابي، وتعول على انعقاد "مؤتمر سوتشي"، الذي ترعاه حليفته موسكو.

وأعرب موفد الأمم المتحدة إلى سورية ستيفان ديمستورا، الذي يصف نفسه بأنه "متفائل دائماً"، إذ يشير إلى وجود تقدم تدريجي حتى حينما يتحدث آخرون عن طريق مسدود، عن أمله أن تشكل الجولة الثامنة التي تبدأ اليوم أول "مفاوضات حقيقية".

Ad

وسيتعين على طرفي النزاع تجاوز العقبة التي أدت إلى خروج محادثات سابقة عن مسارها، وهي مصير الرئيس بشار الأسد. وقال ديمستورا، وهو دبلوماسي حذر بطبعه، للهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطراف واسعة من المعارضة السورية، إن "مطلبها برحيل الأسد قد لا يكون أمرا ممكنا".

وأشار في سبتمبر إلى أن على الهيئة العليا للمفاوضات أن تكون "واقعية"، وتدرك أنها "لم تربح الحرب"، في تصريحات أثارت حفيظة المعارضة.

لكن الحقائق على الأرض تدعم موقف الموفد الأممي، إذ استعادت حكومة الأسد المدعومة عسكريا من روسيا أكثر من نصف البلاد، فيما تقع باقي المناطق تحت سيطرة إما فصائل المعارضة أو الجهاديين أو قوات كردية.

وخلال لقاء عقد في العاصمة السعودية هذا الأسبوع، اتفقت تيارات متباينة من المعارضة السورية على إرسال وفد موحد إلى جنيف. وانضمت مجموعات من المعارضة تتخذ من موسكو والقاهرة مقرات لها، ولديها نهج أقل تشدداً حيال مستقبل الأسد إلى الهيئة العليا للمفاوضات.

واستبقت شخصيات معارضة بارزة انطلاق مؤتمر الرياض بإعلان استقالتها من الهيئة العليا للمفاوضات، في مقدمها منسقها العام رياض حجاب، الذي استقال "أمام محاولات خفض سقف الثورة، وإطالة أمد نظام بشار الأسد".

واختارت الهيئة الجمعة نصر الحريري لترؤس وفدها المكون من 36 عضواً إلى جنيف.

وأصر الحريري، الذي كان المفاوض الرئيسي عن الهيئة خلال جولات سابقة، على ضرورة تنحية الأسد، في حين لم تظهر أي إشارات فورية الى أن تكتل المعارضة الجديد سيتراجع عن موقفه حيال الرئيس، إلا أن منصة موسكو تحفظت على هذا البند، الأمر الذي وضع علامات استفهام حول إعلان موسكو انها ساعدت الرياض في توحيد المعارضة.

وترعى روسيا، وبدرجة أقل إيران وتركيا، مفاوضات جرت في أستانا وأثمرت عن إقامة أربع مناطق "خفض توتر" ساعدت في تراجع العنف ميدانيا، رغم استمرار القصف الجوي والمعارك في بعض المناطق.

إشارة سلبية

وفي إشارة سلبية عشية المؤتمر، رحبت الحكومة السورية بعقد مؤتمر الحوار الوطني السوري المزمع عقده في مدينة سوتشي الروسية الشهر القادم، لمناقشة مواد الدستور الحالي، وإجراء الانتخابات التشريعية بعدها.

ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الروسية قوله "بعد الانتصارات المتلاحقة، التي حققها الجيش العربي السوري والقوات الرديفة والحلفاء، والتي دفعت العمل على المسار السياسي، وهيأت الأرضية المناسبة للحوار السوري- السوري، ترحب حكومة الجمهورية العربية السورية بمؤتمر الحوار الوطني، الذي سيعقد في سوتشي بمشاركة واسعة من شرائح المجتمع السوري".

وحسب المصدر "تعلن الحكومة موافقتها حضور هذا المؤتمر، وبما سيتمخض عنه من لجنة لمناقشة مواد الدستور الحالي، وإجراء الانتخابات التشريعية بعدها، بمشاركة الأمم المتحدة اعتماداً على ميثاقها المبني على احترام سيادة الدول وحق الشعوب في تقرير مصيرها".

ويعتبر تصريح "الخارجية" السورية أول موقف سوري علني يظهر موافقة الحكومة السورية على مناقشة الدستور والانتخابات، والتي كانت ترفض وضع أي دستور ما لم يكتب بـ"حبر سوري".

وكان نائب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية رمزي عز الدين رمزي قال، أمس الأول، خلال زيارته للعاصمة السورية دمشق، إن "المبعوث الخاص ملتزم بجميع السلال، ولكن التركيز خلال الاجتماع القادم سيكون على الدستور والانتخابات".

بوتين والماراثون

وأكد دميتري بيسكوف المتحدث باسم الرئاسة الروسية أن الرئيس فلاديمير بوتين سيواصل "ماراثون الدبلوماسية" لحل الأزمة السورية.

ونقل موقع "روسيا اليوم" عن بيسكوف القول، إن مباحثات بوتين مع نظيره السوري بشار الأسد في سوتشي الأسبوع الماضي ساهمت بشكل كبير في نجاح القمة الثلاثية الروسية- الإيرانية- التركية التي عقدت لاحقاً.

ونوه المتحدث إلى أن بوتين سيواصل "ماراثون" التفاوض لحل الأزمة في سورية. وبينما أشار إلى أن بوتين بذل فعلا جهودا دبلوماسية كبيرة ومكثفة، شدد على أنه "لاتزال هناك حاجة للقيام بعمل كبير".

الملك سلمان إردوغان

وبحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، مع العاهل السعودي، سلمان بن عبدالعزيز، في اتصال هاتفي، مساء أمس الأول، العديد من القضايا على رأسها آخر التطورات على الساحة السورية.

وحسب مصادر في رئاسة الجمهورية التركية، أطلع إردوغان سلمان على مساعي حل الأزمة السورية، في إطار مباحثات "أستانا"، و"قمة سوتشي" الثلاثية.

وأكدت المصادر أنّ الزعيمين بحثا أيضاً "الأوضاع الإقليمية والعلاقات الثنائية بين البلدين".

روحاني

وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني قال، أمس الأول، إن مستقبل سورية يجب أن يحدده الشعب السوري بنفسه، ودون تدخل "القوى الأجنبية"، داعياً في الوقت نفسه المعارضة السورية إلى الاستفادة من الفرصة المتاحة بصورة "سلمية".

وفي اتصال هاتفي مع الأسد، أشار روحاني إلى مؤتمر سوتشي، وتجنب الحديث عن جنيف.

مقتل 57 في دير الزور والغوطة

قتل 34 مدنياً بينهم 15 طفلاً أمس في قصف استهدف قرية في محافظة دير الزور شرق سورية، حيث تخوض قوات النظام معارك ضد "داعش".

وقال المرصد السوري لحقوق الانسان، إن القتلى ينتمون إلى "عائلتين أو ثلاث على الأكثر"، مضيفا أن روسيا شنت الغارة.

إلى ذلك، قتل 23 مدنياً على الأقل أمس جراء قصف لقوات النظام السوري استهدف مناطق في الغوطة الشرقية المحاصرة، آخر معقل للفصائل المعارضة قرب دمشق والمشمول باتفاق خفض التوتر.