خاص

مخرج «سرب الحمام» وبطلاه لـ الجريدة. بعد عرضه في مهرجان القاهرة: جزيرة «فيلكا» مكان مثالي للتصوير والفيلم كان حلماً طال انتظاره

نشر في 28-11-2017
آخر تحديث 28-11-2017 | 00:04
عرض الفيلم الكويتي «سرب الحمام» في مسابقة «آفاق السينما العربية» في الدورة الـ 39 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي تتواصل فعالياته حتى بعد غد الخميس، ويتوقع النقاد حصد الفيلم إحدى جوائز المسابقة.
«الجريدة» التقت صانعي الفيلم الذين حرصوا على حضور عرضه العالمي الأول في القاهرة، ومناقشة الجمهور المصري عبر لقاءات مع مخرجه رمضان خسروه، والفنان الكبير داود حسين، والفنان أحمد إيراج.
المخرج رمضان خسروه: «سرب الحمام» حلم تحقق

تحدثت أكثر من مرة عن أن فكرة الفيلم حلم تمنيت تحقيقه؟

فكرة الفيلم أحد أحلامي الذي تحقّق أخيراً. منذ أن بدأت أحلم بالمشروع أدركت جيداً أنه يحتاج إلى أمور عدة صعبة وتنفيذه من دون توافرها كلها سيجعل خروجه إلى النور بلا معنى. لذا عندما توافرت الظروف والإمكانات اللازمة لم أتردد في هذا الأمر مطلقاً، بل على العكس كنت حريصاً على الاهتمام بأدق التفاصيل من الناحية الفنية، ولم أترك أية نقطة للظروف. من ثم، خرج الفيلم بالصورة التي شاهدها الجمهور في القاهرة، وأتمنى أن يستقبله الجمهور في الكويت بالحفاوة نفسها عند طرحه تجارياً في الصالات.

حدثنا عن الصعوبات التي واجهتك.

يحمل تقديم فيلم يعود زمنه إلى 27 عاماً مضت أموراً عدة يجب مراعاتها، من بينها الديكورات والمنازل المطلوب التصوير فيها، والمشكلة في الكويت عدم وجود بلاتوهات للتصوير أو مدينة إعلامية يمكن بناء ديكورات فيها. بالإضافة إلى ذلك، من الصعب إطلاق أصوات الأسلحة الضرورية خلال التصوير في أية منطقة سكنية تجنباً للقلق الذي يمكن أن يسببه ذلك للسكان. لذا بعد البحث، استقريت على التصوير في جزيرة «فيلكا» كونها مهجورة منذ عام 1990 بشكل كامل، ما عدا بعض الدوائر الحكومية. والحقيقة أن ترشيح الجزيرة كان من خلال صديقي مصمم الغرافيك أحمد عبد المنعم الذي جلست معه طويلاً قبل التصوير نظراً إلى ارتباط الغرافيك بالديكورات بشكل أساسي، وقمنا بثلاث زيارات استشكافية إلى الجزيرة قبل الاستقرار عليها.

هل كان التصوير على الجزيرة سهلاً باعتبارها خالية من السكان؟

استمرت فترة التصوير نحو ستة أسابيع متواصلة، ولم تكن فترة سهلة إطلاقاً، لأنني لم أعمل خلالها كمخرج فقط، بل كمخرج ومسؤول عن إعاشة فريق العمل والحفاظ على روحه المعنوية والتأكد من شعوره بالراحة، والاطمئنان إلى راحته النفسية.

تبعد الجزيرة عن البر بين 45 إلى 60 دقيقة بالزورق، ونقلنا معدات التصوير إليها بحراً، كذلك بقي فريق العمل خلال فترة التصوير بعيداً عن أهله وعاش أفراده سوياً خارج التصوير وداخله، ما شكّل عبئا نفسيا بالنسبة إليّ. لكن حالة الحب التي جمعت بين الممثلين في الكواليس سهلت تفاصيل كثيرة.

أعتبر نفسي رغم الصعوبات محظوظاً بالتصوير في هذه الجزيرة التي تعتبر مكاناً مثالياً للتصوير السينمائي حيث تجد كأن الحياة توقفت عند عام 1990، فعلى أرضها استطعنا تنفيذ المشاهد كافة، واستخدمنا الأسلحة وأطلقنا أصوات التفجيرات من دون أية مشكلة، ما أسهم في خروج اللقطات كافة بصورة جيدة.

لماذا قررت أن يكون الفيلم مكتوباً من خلال ورشة سيناريو؟

اختبرت كتابة السيناريو كورشة في فيلم «العتر» الذي أشرفت عليه وشاركت في إنتاجه وعرض بداية العام الحالي. كتّاب «سرب الحمام» درسوا طريقة كتابة السيناريو جماعياً في ورشة مع صانعي السينما المصرية قبل بدء المشروع. ووجود ثلاثة كتاب سببه أن الفيلم يحمل أكثر من بطل، فربما يجد أحد الكتّاب نفسه في شخصية ويركز عليها، وكاتب آخر ستكون له شخصية أخرى يعمل عليها بشكل أكبر من بقية الشخصيات... والحقيقة أن هذا الأمر أسهم في إثراء الشخصيات، ودوري كمشرف على السيناريو أحدث توازناً بينها.

لكن كثرة الشخصيات ربما كانت لتسهم في تشتيت الجمهور وعدم القدرة على مناقشة تفاصيل كل شخصية.

اختصرنا الشخصيات في الأحداث. كان العدد في البداية 21 وخفضناه إلى 13 شخصية، ركّزنا خلال الأحداث على سبع منها، ومن الأخيرة ركّزنا بشكل أكبر على ثلاث شخصيات. عموماً، القصة مكتوبة بطريقة أشبه بالهرم المتدرج، قاعدة كبيرة تضيق كلما ارتفعنا.

رغم مشاركة كاتبتين في السيناريو فإن العنصر النسائي ظهر على استحياء في الفيلم.

اقتصر العنصر النسائي في الفيلم على الأم في البداية، إذ أخذتنا طبيعة القصة إلى ذلك، وناقشنا هذا الأمر خلال تحضير السيناريو. كان يمكن أن نضيف شخصية نسائية في الأحداث باعتبارها زوجة أحد الشباب، لكن ذلك كان سيكون حشواً، وهو ما رفضته بشكل كامل. قصة الفيلم هي المعركة بين المقاومة وبين قوات العدو، لذا لم تحتمل بأية صورة إضافة وجود جاد لأية شخصية نسائية، وأنا أنتمي إلى المدرسة التي ترى أن أية شخصية يجب أن يكون لها دور، والقصة تحدّد ذلك.

لما كان الفيلم إنتاجاً كويتياً ويتناول فترة الغزو العراقي الغاشم فربما يفسر البعض الخناقة التي ظهرت في الأحداث بين الضباط العراقيين بأنها محاولة لإظهارهم في موقف ضعيف؟

لم أفكر بهذه الطريقة خلال التصوير. تدور الأحداث في أجواء مشحونة وسريعة، وثمة ضغوطات على الطرفين، ومثلما شاهدنا خناقة بين عراقيين، ثمة أيضاً خناقة حدثت بين كويتيين ورفض البعض تنفيذ أمر القائد، ذلك أننا بشر وإزاء أجواء مشحونة. لذا فإن هذا الأمر جاء في سياق الأحداث الدرامي.

كيف اخترت الفنان داود حسين؟

رشحت داود حسين بعد تفكير كبير من طرفي كمخرج ومشرف على كتابة السيناريو، وهو وافق من دون أية ملاحظات أو شروط، وأخبرني بأن موافقته جاءت لسببين أولهما فكرة العمل والسيناريو الجيد، وثانيهما كونه متابعاً لأعمالي السابقة التي كانت من وجهة نظره سبباً في قبوله العمل معي. خلال التصوير، أحسست بمتعة شديدة لأننا إزاء تحدٍ في أن يصدق الجمهور تقديم نجم الكوميديا دوراً تراجيدياً، والصعوبة الوحيدة معه كانت أنه بعد انتهاء تصوير المشاهد التراجيدية في موقع التصوير، كان يفاجئنا بأن يلقي «إيفيه» فيتحول الجميع من الحزن إلى الضحك. من ثم، تحدّثت اليه في هذا الشأن أكثر من مرة لرغبتي في الحفاظ على الحالة الموجودة لدى فريق العمل. لكن في النهاية طبيعته الكوميدية كانت تغلبه دائماً، ما أضفى جواً من الحب والخصوصية على الكواليس.

اخترت اسم «سرب الحمام» رغم أن مشاهد الحمام قليلة في الأحداث؟

يحمل اسم الفيلم إسقاطاً رمزياً على ما حدث في تفاصيله، فالمجموعة الفدائية رفضت الاستسلام ورفض أي من عناصرها أن يغادر من دون الآخر. والحمام رمز السلام والعمل الجماعي، إذ لا يطير منفرداً ولا يقطن بعيداً عن رفاقه. أتذكر خلال التصوير أن حمامة أصيبت وأوقفنا التصوير لعلاجها، ثم استكملت التصوير معنا.

هل ثمة مهرجانات أخرى سيشارك فيها الفيلم قبل عرضه تجارياً؟

استقرينا على طرحه تجارياً خلال شهر فبراير المقبل، وثمة مفاوضات ومراسلات بيننا وبين أكثر من مهرجان من بينها «السينما العربية في باريس»، ومهرجانات في تونس والمغرب، وأتمنى أن نحصل على جائزة في القاهرة، خصوصاً أنها ستعزّز المفاوضات مع مهرجانات أخرى لاستقطاب الفيلم وعرضه فيها.

الفنان داود حسين: هنأت نفسي وأصدقائي بالمشاركة في مهرجان القاهرة

حدثنا عن دور قائد المجموعة الذي قدمته في الفيلم.

أتحدث دائماً عن فخري بالعمل واعتزازي به إزاء أبنائي وأحفادي وأصدقائي لأنه يتناول مرحلة مهمة في تاريخ بلدنا الحبيب الكويت، ولا أنكر أنني تحمست له بمجرد تقديمه لي لقناعاتي بأنه سيبقى في ذاكرة السينما الكويتية، وعملت على الشخصية كثيراً قبل بداية التصوير كي تخرج بالصورة التي ظهرت للجمهور.

تمكنت من الإلمام بتفاصيل عدة في الدور.

لكل مجتهد نصيب، وأنا اجتهدت كثيراً في الجلسات التحضيرية التي جمعتني مع المخرج وقمت بتمرينات عدة قبل التصوير، كذلك درست الدور وحفظته جيداً. كنت أقرأ المشهد وأحرص على التأني في تفاصيله، فلم أترك أمر إتقانه للمصادفة أو الحظ، وكنت حريصاً على أن تكون الحركات كافة، حتى حركة العينين، خلال التصوير مدروسة. عموماً، لا يحمل العمل أي مجال للخطأ، لذا حاولت اختيار أفضل الطرائق للتعبير عن المشاعر التي يجب إيصالها في كل مشهد، وناقشنا هذه الأمور خلال جلسات التحضير التي استمرت نحو شهر كامل.

والاستعداد النفسي؟

عشت الشخصية نفسها بحلوها ومرها، فلم يكن ثمة أي معوق نفسي بالنسبة إلي في أن أتعايش معها نفسياً. والحقيقة أن هذا الأمر أفادني كثيراً خلال التصوير.

هل وجدت صعوبة في التصوير بالجزيرة؟

كانت أيام التصوير في الجزيرة صعبة، واتفقنا كممثلين من البداية على العمل سوياً لتقديم تجربة جيدة، وعلى أن أكون خارج التصوير الأخ الأكبر لهم وفي موقع التصوير قائد المجموعة. والحقيقة أن هذا الأمر أدى إلى كيمياء بيننا في الكواليس انعكست إيجاباً إزاء الكاميرا.

ماذا عن أصعب مشهد بالنسبة إليك؟

ثمة مشاهدة صعبة عدة في الفيلم ولا يمكن الحديث عن مشهد واحد. مثلاً مشهد العلم يحمل تفاصيل نفسية كثيرة بالنسبة إلي، كذلك النهاية والاستشهاد. وأحد المشاهد الصعبة أيضاً تحدّثي إلى المجموعة وإخبار العناصر بأن هذه عمليتي. المشهد مكتوب في نحو 15 صفحة وأتحدث فيه مدة 10 دقائق من دون توقف.

لماذا لم تطلب تصويره على مرحلتين؟

تحدث إليّ المخرج حول اعتباره المشهد تحدياً في طريقة تصويره «لقطة واحدة»، وأنا قبلت التحدي، وحفظت المشهد عن ظهر قلب. والحقيقة أن الحماسة للعمل شكّلت حالة من التحدي لدى الجميع، فقدمنا أفضل ما لدينا إزاء الكاميرا.

كيف استقبلت مشاركة الفيلم في مسابقة «آفاق السينما العربية» في مهرجان القاهرة؟

عندما علمت بالخبر لأول مرة، هنأت نفسي واعتبرت ذلك خطوة تمثل نجاحاً كبيراً للفيلم لأن المهرجان يحمل الصفة الدولية وقبول العمل فيه يعني أننا قدمنا مشروعاً جيداً. أما حصوله على جائزة من عدمه فأمر مرتبط برأي لجنة التحكيم.

ماذا عن توقعاتك بالنسبة إلى العرض التجاري للفيلم؟

أتمنى أن يشاهده الجمهور كما شاهدناه كفريق عمل خلال التحضير، فهو تجربة سينمائية مختلفة. بالنسبة إليّ آمل بأن يكون رد الفعل على دوري متناسباً مع المجهود الذي بذلته، لا سيما أنني أبتعد عن الكوميديا.

كيف ترى السينما الكويتية اليوم في ظل الصعوبات التي تواجهها؟

تشهد الكويت حركة سينمائية رغم الصعوبات التي تحدثت عنها، ولدي قناعة بأننا بالإصرار والتحدي نعبر أية مشكلة تواجهنا، لا سيما أن لدينا شباباً يملكون قناعة بالسينما الكويتية وأهميتها ولديهم فرصة لإيصال صوتها إلى الخليج ومصر بشكل أكبر من أي وقت مضى.

ألا تفكر في العودة إلى السينما والدراما المصرية؟

أعتزّ بتجاربي في السينما المصرية، وأتمنى المشاركة في الأخيرة مجدداً إن توافرت الفرصة. ثمة فكرة في الوقت الراهن لعمل درامي مصري، لكن لم نتفق على تفاصيله بسبب المفاوضات المستمرة بين المنتج والقنوات الفضائية، وأتمنى أن يكون تجربتي المقبلة، خصوصاً أنه مشروع جيد.

أحمد إيراج: اخترت شخصية المسعف

كيف رُشحِّت للمشاركة في الفيلم؟

أخذ كل من الشيخة انتصار الصباح والمخرج رمضان خسروه على عاتقهما من خلال الفرقة المسرحية الأولى مهمة تطوير السينما الكويتية والارتقاء بها عبر أعمال فنية تحظى باحترام الجمهور. تعرفت إليهما بسبب حبي لصناعة السينما، وكفنان محب للسينما كانت لدي رغبة في التعاون معهما، وحضرت دورة سينمائية واستفدت منها لأنها ضمّت مجموعة من النقاد وصانعي السينما العربية. بعدها رشحني خسروه للعمل معه في شخصية المسعف في الفيلم، ووجدت نفسي مع قراءة العمل أنجذب إليه بشدة وأتحمس له من دون تردد.

هل شعرت بأن ثمة شخصية أخرى في الفيلم مناسبة لك؟

عندما تحدّث إلي رمضان خيرني بين شخصيتين، إحداهما جمال المسعف التي قدمتها في الفيلم.

كيف استعددت للشخصية؟

حاولنا أن نقدم شكلاً محدداً للشخصية بعيداً مني نسبياً. تدربت كثيراً على نوعية الحركة وعلى حالة الشخصية النفسية، لا سيما أنني لم أمر نفسياً بحالة حروب. أجريت تدريبات مع المخرج للوصول إلى الحالة المطلوبة، وجلست مع أكثر من مسعف لمعرفة طرائق الإسعاف، كذلك شاهدت مجموعة كبيرة من أفلام وثائقية تتحدّث عن المسعف ودوره. استفدت من ذلك كله في تجسيد الشخصية.

ماذا عن أصعب مشهد بالنسبة إليك؟

شكّلت النهاية أصعب مشهد بالنسبة إليّ، خصوصاً أنها تتضمن تفاصيل نفسية متعددة يجب أن أدركها وفي نفس الوقت أستمع إلى صوت القذائف. من ثم، تناقشت في المشهد مع المخرج رمضان خسروه لمعرفة الطريقة التي يرغب في أن أظهر فيها على الشاشة.

كيف وجدت عرض الفيلم في مهرجان القاهرة السينمائي؟

يشكِّل مهرجان القاهرة السينمائي الدولي أحد المهرجانات المهمة على مستوى الشرق الأوسط، حيث تنافس صانعو السينما العربية على مدار تاريخه. لذا نحن فخورون بمشاركتنا فيه وفي مسابقة «آفاق السينما العربية»، ونأمل في أن يكون فأل خير علينا وخطوة محفزة في غزارة الإنتاج السينمائي في الكويت، وأن يكون عرض الفيلم بالقاهرة بداية لجولة حول العالم في المهرجانات.

ماذا عن فيلمك القصير «حاتم صديق جاسم»؟

سيشارك في مهرجان دبي السينمائي الدولي. الفيلم قصير ينتمي إلى الأفلام الكوميدية الخفيفة التي تتطرق إلى معنى الصداقة. نناقش خلاله علاقة بين صديقين أحدهما مصري والآخر كويتي، وهي نموذج لعلاقة الحب التي تجمع بين الشعبين المصري والكويتي، ذلك من خلال أحداث تلامس هموم المواطنين. شارك في بطولته معي كل من أحمد حمدي، وهو أحد نجوم مواقع التواصل الاجتماعي، والممثلة الشابة رانيا شهاب.

هل ستركز في الإخراج خلال الفترة المقبلة؟

التمثيل مهنتي الأساسية من 20 عاماً ويبقى شاغلي الأول خلال الفترة الراهنة. أما الإخراج بالنسبة إليّ فهو خطوة بدأتها أخيراً وسأكمل فيها بالتأكيد.

رمضان خسروه: حالة الحب التي جمعت بين الممثلين في الكواليس سهلت تفاصيل كثيرة

داود حسين: الفيلم يتناول مرحلة مهمة في تاريخ بلدنا الحبيب الكويت
back to top