احتفت السفارة العراقية لدى الكويت بالروائي الأديب الكبير إسماعيل فهد إسماعيل، من خلال إقامة أمسية أدبية كانت بمنزلة ندوة حول روايته «السبيليات»، التي تتحدث عن قريته التي عاش فيها واحتضنته رهطا من الزمن في مدينة البصرة بجنوب العراق.بدأت الندوة بكلمة ترحيبية من سفير العراق لدى الكويت، علاء الهاشمي، الذي أكد أواصر المحبة والعلاقات المتينة التي تربط بين الشعب العراقي والكويتي، واحتفاء السفارة بالروائي الكبير ليس سوى تأكيد على تلك الأواصر القوية بين البلدين، ثم قدم درعا تكريمية باسم السفارة لإسماعيل.
أعقب ذلك مقتطفات من العرض المسرحي لمسرحية السبيليات، المأخوذة عن الرواية التي أعدتها فارعة السقاف وأخرجها المخرج العراقي المتميز رسول صغير، ومثلتها الفنانة الكويتية شرين حجي، وقد حازت المسرحية جوائز عالمية عديدة.وكانت الندوة عبارة عن مساهمة من الكاتب العراقي حميد الأمين بقراءة كان يجب أن تكون مختصرة في رواية السبيليات، إلا أنه أطال قليلا، لكنه تحدث من خلالها عن نقاط مهمة جاءت في الرواية، ثم أعقبه الكاتب محمد جواد بتقديم متميز عرج فيه على علاقة الصداقة المتينة التي تجمعه بالأديب إسماعيل فهد لعشرات السنين، قائلا: «إسماعيل الفهد قامة شامخة في عالم الرواية، إنسان واضح في الزمن الرمادي، تكون معه أو قريبا منه، فهو كبائع الورد إن لم تشتر منه سيمنحك شذى ورده»، مضيفا: «إسماعيل بماذا تقدمه وأي كلمات توفيه حقه؟ فأنا لا أستطيع! ربما لقربي منه أو لتلك الرابطة الإنسانية التي غذاها فيّ والتي جمعتنا منذ عقود، إسماعيل لا توفيه الكلمات، وإنما تخلده أعماله وتمجده أفعاله».«فهو عندما كانت السماء زرقاء، قبلها البقعة الداكنة وتسربت عنها المستنقعات الضوئية، فمسكنا الحبل كي ننتقل للضفة الأخرى لنقرأ ملف الحادثة ونتفحص حالة الشياح، كي نتحدث عن أبجدية الأقفاص واللغة المشتركة».
حكاية حقيقية
وأخذ جواد يتنقل بين أعمال إسماعيل من كتاب إلى رواية إلى دراسة، إلى أن وصل السبيليات قائلا: «ليحدثنا بما لم يرد في سيرة أم قاسم، كل هذا على عهدة حنظلة»، مما أمتع الحضور بهذا التنقل اللافت بين حقول كتابات الروائي الكبير. بعد ذلك تحدث الروائي الكبير عن روايته، مبينا أنها حكاية حقيقية لسيدة عراقية بصرية تدعى أم قاسم، كانت جارتهم في قرية السبيليات، وقد نالت من القرية الحرب التي دارت رحاها بين العراق وإيران في ثمانينيات القرن الماضي، وقد هجر القرية سكانها جميعهم ما عدنا أم قاسم، التي مات زوجها وأصرت على البقاء في قريتها وعدم الخروج منها، وأخذت تتحدى كل شيء كحزنها على زوجها وضغط القوى العسكرية على مغادرة القرية، لأنها ساحة معركة، ثم أثبتت للجميع أن إصرارها وحبها للأرض وتعلقها بقريتها وإخلاصها لزوجها كي تدفنه في أرضه جعلها بطلة حقيقية متوجة في وجه الدمار والقتل والدم والحرب، وبقيت قريتها شامخة.ثم أعطى الكاتب إسماعيل المجال للمعدة أن تتحدث عن إعدادها للرواية باللهجة العراقية، وكيف تعلقت بها وأحبت تلك الشخصية وإصرارها على البقاء والتشبث بالأرض بفطرتها وسجيتها، برغم أنها سيدة غير متعلمة. كما تحدث المخرج رسول عن رؤيته الإخراجية لعمل من نوع «المونودراما»، وقد نجحت البطلة في تحقيق ما كان يريد توصيله إلى الجمهور.الجميل في هذه الأمسية هو ذلك الحضور الطاغي من الكويتيين، وكذلك من الجالية العراقية التي سعدت بهذه الأمسية التي تدل على مدى التواصل والمحبة والألفة بين الجارين الشقيقين.