المنيف: سوق النفط يتجه نحو التوازن بشكل كبير خلال العام المقبل
● اتفاق خفض الإنتاج نحو 1.8 مليون برميل يومياً أدى إلى تعافي الأسعار
● على دول الخليج اتخاذ سياسات اقتصادية وتنويع مصادر الإيرادات
ذكر المنيف أن التطورات التقنية وانخفاض التكلفة والسياسات الحكومية المواتية ستعمل على زيادة حصة الطاقات المتجددة في إجمالي مزيج استهلاك الطاقة.
قال محافظ منظمة «أوبك» والأمين العام للمجلس الاقتصادي الأعلى في المملكة العربية السعودية سابقاً د. ماجد المنيف، إن معظم التوقعات تدلل على أن الطلب على النفط سوف ينمو بمعدلات جيدة نحو 1.5 مليون برميل يومياً تقريباً، لافتاً إلى أن وضع السوق يتجه العام المقبل إلى التوازن بشكل كبير، مرجعاً أسباب التوازن في السوق إلى اتفاق منتجي النفط في «أوبك» وخارجها لخفض الإنتاج.وأضاف المنيف في تصريحات على هامش الندوة، التي أقامتها جامعة الكويت أمس، بعنوان مستقبل البلدان النفطية «التحديات والمخاطر والفرص»، برعاية وحضور مدير جامعة الكويت د. حسين الأنصاري، بالتعاون مع وحدة الطاقة في مركز التميز بكلية العلوم الإدارية، أن اتفاق الخفض بنحو 1.8 مليون برميل يومياً طوال عام 2017 من قبل 24 دولة أدى إلى تعافي الأسعار من النصف الثاني لهذا العام، مشيراً إلى أن الأنظار تتجه إلى تمديد آخر حول خفض الإنتاج فترة أخرى.وذكر أن حالة التفاؤل، التي نلمسها في المرحلة الحالية جاءت نتيجة خفض الإنتاج، مبيناً أن تمديدها مرة أخرى تعتبر خطوة إيجابية لتخفيض حجم الإضافي الموجود في السوق العالمي للنفط، الذي سيؤدي بدوره إلى السحب من المخزون التجاري في السوق، مما يؤدي إلى تعافي الأسعار أو ربما إلى استمرارها على مستوياتها الحالية، إن لم يكن لأعلى من المستويات الحالية.
الصخري
وفيما يتعلق بتعافي إنتاج النفط الصخري توازياً مع تعافي الأسعار، أوضح أن النفط الصخري تعافى فعلياً مع تعافي الأسعار، ووصولها إلى حاجز الـ 60 دولاراً للبرميل، لافتاً إلى أنه مهما حدث من تعافٍ في النفط الصخري لكنه لن يكون قادراً على مواجهة الطلب على النفط البالغ 1.5 مليون برميل، مؤكداً أن الصخري سيتعافى خلال 2018 بوتيرة أكبر من التي كان عليها العام المنصرم.وتناول المنيف أثر التطورات التقنية على الطلب والإنتاج من النفط للسنوات المقبلة، وانعكاس ذلك على دول الخليج العربية، مشيراً إلى أن نمو الطلب المستقبلي على النفط سيكون متواضعاً بسبب مكاسب الترشيد في الطاقة والنفط خصوصاً في جميع القطاعات المستهلكة، وفي أغلب دول العالم باستثناء دول الخليج الأضعف في ذلك المجال بسبب أنماط الاستهلاك فيها، وتدني أسعار الطاقة عن مثيلاتها العالمية بشكل كبير.وأشار المنيف إلى أن التطورات التقنية وانخفاض التكلفة والسياسات الحكومية المواتية ستعمل على زيادة حصة الطاقات المتجددة «الشمسية وطاقة الرياح» في إجمالي مزيج استهلاك الطاقة العالمية، وأن نحو 40 في المئة من طاقة توليد الكهرباء، التي ستضاف خلال العشرين عاماً المقبلة ستكون من الطاقات المتجددة وستستحوذ الدول النامية، خصوصاً الصين على الحصة الأعلى من طاقات التوليد تلك، وستكون الزيادة في حصة الطاقات المتجددة على حساب الفحم والنفط، إذ ستواصل حصة الأخير من مزيج الطاقة انخفاضها الكبير وسيتركز استخدامه في توليد الطاقة في منطقة الشرق الأوسط.التحدي التقني
وبين أن التحدي التقني الأهم والأكبر تأثير الطلب على النفط في الأجل الطويل الجاري حالياً في قطاع نقل الركاب، ويتمثل في استمرار تحسين كفاءة السيارات، التي يسيرها البنزين والديزل من جهة، والتطورات المذهلة في السيارات الكهربائية المتمثل بانخفاض تكلفة بطارية تلك السيارات وإعادة شحنها، والمدى الذي يمكن تسيير السيارة في الشحن الواحد، هذا إضافة إلى التطورات في أنماط التنقل داخل المدن باستخدام التطبيقات الذكية والتشارك في وسيلة النقل ومن تجلياتها «أوبر» وغيرها.وأضاف المنيف أن الصين ستقود جهود تطوير تقنيات وانتشار الطاقات المتجددة والسيارات الكهربائية على مستوى العالم، وأن الطلب في الدول النامية سيغطي الانخفاض في طلب الدول الصناعية، مما سيجعل جل الزيادة في الطلب العالمي حتى عام 2040 مصدرها تلك الدول، مستبعداً أطروحة قرب وصول الطلب العالمي على النفط إلى الذروة خلال النصف الأول من القرن الحادي والعشرين، وإن كان في سيناريو خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون للوفاء بالتزامات مؤتمر باريس - 21 للتغير المناخي ما قد يؤدي بالطلب العالمي إلى الذروة، ومن ثم انخفاضه قبل عام 2040.وفي جانب الإنتاج، أشار المنيف إلى التطورات التقنية وانخفاض تكلفة تطوير النفط غير التقليدي (خصوصاً النفط الصخري منه) إضافة إلى الزيادات المتوقعة في إنتاج سوائل الغاز الناتجة عن تطوير الغاز الصخري في الولايات المتحدة والغاز التقليدي في الشرق الأوسط، وتوقع المحاضر أن يغطي إنتاج النفط غير التقليدي الانخفاض في إنتاج النفط التقليدي من الدول خارج «أوبك» بسبب تقادم الحقول وأن تغطي منطقة الشرق الأوسط أكثر من 70 في المئة.العرض والطلب
واستنتج أن تتمخض تلك التوقعات في جانبي العرض والطلب عن تغير في اتجاه حركة التجارة العالمية في النفط، إذ ستطغى عليها التجارة بين منطقتي الخليج العربي من جهة وشرق آسيا من جهة أخرى، وسيكون للولايات المتحدة وروسيا أدوار في تجارة النفط كمصدرين للنفط، مما سيؤثر على تحالفات الأعمال وعلى العلاقات الجيوسياسية.وفي إطار انعكاس تلك التوقعات على دول الخليج، أشار المنيف إلى أن دورة سوق النفط الحالية والأسعار الناتجة عنها قد تستمر فترة طويلة، وأن على تلك الدول أن تعيد النظر في نموذج التنمية الذي سارت عليه خلال العقود الماضية، الذي قام على الاعتماد على توقع سعر مرتفع للنفط، وعلى دور طاغ للدولة في الاقتصاد، وعلى قطاع خاص معتمد على الإنفاق الحكومي، وعلى أسعار متدنية للطاقة كأداة إعادة توزيع أو تنويع للدخل وعلى سوق عمل يعاني ثنائيات عدة «مواطن ووافد، توظيف حكومي وأهلي، الخ...» وعلى أنماط في الاستهلاك والإنتاج غير مستدامة، وعلى ذهنية من الحكومات والقطاع الخاص تنزع إلى تأجيل اتخاذ الإصلاحات الهيكلية.توقعات
وأكد أن ما يبدو من أن توقعات النفط متشائمة نسبياً، لكن على دول الخليج أن تأخذ تلك التوقعات بجدية وتتخذ سياسات اقتصادية ومالية وتجارية وتوظيف وتسعى إلى تنويع مصادر الإيرادات ومكونات الناتج المحلي ومزيج الطاقة، ولن يتأتى ذلك إلا بتغيير في نموذج التنمية وفي الذهنيات واستيعاب تلك التغيرات في أسواق الطاقة العالمية والتغيرات الديمغرافية في دولها.من جانبه، قال حسين الأنصاري، إن سبعة عقود من الزمن انقضت منذ أن بدأ إنتاج وتصدير النفط في الكويت، والدولة مازالت معتمدة في دخلها اعتماداً شبه كلي على عوائد النفط ومشتقاته، ومازال النفط يمثل حصة الأسد من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، على الرغم من كل الجهود، التي بذلت، والخطط التي وضعت، والسياسات التي رسمت، والتي استهدفت تنويع قاعدة النشاط الاقتصادي المحلي، مبيناً أنه في كل مرة سابقة شهد فيها الطلب على النفط تراجعاً أو شهدت أسعاره انخفاضاً كانت العودة إلى توازن السوق سريعة ومؤكدة، لكن انخفاض أسعار النفط الحالي، الذي بدأ منذ أكثر من ثلاث سنوات قد أسس لمرحلة جديدة تستدعي القلق على المستقبل، وتقتضي شحذ الهمم من أجل البحث عن مخارج وحلول.وأكد الأنصاري أن هناك الكثير من الحلول والبوادر الايجابية التي تدعو إلى التفاؤل وهي: وجود رؤية سمو أمير البلاد بتحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري إقليمي، وهناك الكثير من المشاريع الإستراتيجية مثل مشروع تطوير الجزر الكويتية ومشروع مدينة الحرير- مشروع ميناء مبارك الكبير في جزيرة بوبيان – العديد من المشاريع الشبابية التي يدعمها الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة.المجرن: غني عن التعريف
من جهته، قال مدير وحدة الطاقة في مركز التميز في كلية العلوم الإدارية د. عباس المجرن، إن الخبير النفطي د. ماجد المنيف غنيّ عن التعريف، فهو من المتخصصين في مجال النفط، إذ شغل منصب عضو المجلس الاقتصادي الأعلى بالمملكة العربية السعودية وأمين عام المجلس (2013 – 2016) ومحافظ المملكة العربية السعودية في منظمة أوبك (2003 - 2013)، وعضو في لجنة الاقتصاد والطاقة بمجلس الشورى السعودي (2005 - 2013)، وهو حائز جائزة عبدالله العطية لإسهاماته في "أوبك" 2016، وكان رئيساً لفريق مجلس التعاون الخليجي لحوار الطاقة الخليجي - الأوروبي (2007)، ورئيس مجموعة عمل شؤون الطاقة بمجلس التعاون الخليجي (1995)، وكان مدير عام شركة البترومين لمصافي زيوت التزييت (1996-1990)، وشغل منصب مستشار وزير البترول والثروة المعدنية السعودي (1987 - 2003)، ورئيس الجمعية الاقتصادية السعودية (1987 - 1991)، وأستاذ الاقتصاد في جامعة الملك سعود ووكيل كلية الادارة، وكان المشرف الأول على فريقي العمل الحكوميين الثاني والثالث المعنيين ببرنامج الأمم المتحدة للتغير المناخي (1993 و 2000)، وحالياً عضو مجلس إدارة أرامكو (2013)، وكان رئيس منتدى الطاقة العربي، ونائب رئيس مجلس الطاقة العالمي.وأشار إلى أن د. المنيف حصل على الماجستير في سنة 1977 والدكتوراه في الاقتصاد من أوريغون سنة 1982، وله عشرات الأبحاث والإصدارات وآخرها كتابه النفط بين إرث التاريخ وتحديات القرن الحادي والعشرين.
نمو الطلب المستقبلي على النفط سيكون متواضعاً بسبب مكاسب الترشيد في الطاقة