مصر عصية على «داعش»!
خالص العزاء والمواساة لإخواننا وأخواتنا في جمهورية مصر الشقيقة بشهداء العمل الإرهابي في العريش، من المصلين العزل والآمنين الذين لم يوجدوا في بيت من بيوت الله إلا تعبداً له سبحانه وتعالى، وأداءً لفريضة الجمعة المباركة، ودعاؤنا للمولى القدير أن يتلطف بالمصابين بالشفاء والراحة.هذه الجريمة النكراء لا تزيد شعب مصر العزيز بكل مكوناته سوى المزيد من الصلابة ورسوخ القناعة بالفكر التكفيري الحاقد لشرذمة من المأجورين لدى شياطين الجن والإنس لتشويه سمعة وسماحة ديننا الحنيف، ولا يكسب خوارج العصر إلا الخزي والعار وكشف سوءاتهم كأدوات يتلاعب بهم أعداء الإسلام بل الإنسانية لنشر الفساد والرعب في مختلف أنحاء عالمنا العربي والإسلامي.
حادث مسجد الروضة في عريش مصر مجرد انتقام جبان على سحق فلول "داعش" في كل من سورية والعراق والإعلان عن اجتثاث جذور هذه النبتة الملعونة، في محاولة يائسة لإثبات ما تبقى من وجوده، والزعم بنقل معركتهم إلى مناطق جديدة ومنها أرض الكنانة.الفكر الشيطاني لـ"داعش" وأخواته يتجلى بكل خبث في مصر لزرع الفتنة بين أبناء الشعب المصري، فقد بدأت هذه المجموعات الإرهابية باستهداف الكنائس وتجمعات الإخوة المسيحيين لزعزعة التعايش المدني بين المكونات الدينية، ثم انتقل الهجوم إلى أتباع المدرسة الصوفية لاستثارة المذاهب الإسلامية الأخرى، وبعدها سيكون المستهدف هو عموم الشعب المصري، تماماً مثلما حدث في المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية وفي البحرين والكويت، حيث بدأت عصابات "داعش" بضرب مساجد الشيعة وبعدها تم الإعلان عن استباحة دول الخليج برمتها حكومات وشعوبا.مصر مستهدفة أيضاً باعتبارها القلب النابض في العالم العربي وعمقه الاستراتيجي وعموده الفقري، فخلخلة الأمن والاستقرار عبر ضرب مكونات الشعب تهدف إلى استكمال حالة الفوضى الخلابة في عموم الوطن العربي، كون هذه الجماعات تتغذى على حالة الفراغ الأمني واهتزاز بنية الدولة العميقة، وخير دليل على ذلك الحالة السورية والتجربة العراقية والمثال الليبي، ولكن تبقى مصر بموروثها الحضاري ونقائها وتماسك شعبها عصية على "داعش" وغير "داعش".حادثة الجمعة السوداء في العريش يجب أن تضيف حقيقة واحدة طالما أنكرها البعض أو حاول اللعب على أوتارها لمصالح خاصة أو لأمراض نفسية أو ضيق أفق أو حتى حماقة فكرية وسياسية، وهي أن "داعش" برموزه وفكره وممارساته وأهدافه الشيطانية لا يميّز بين سنّة وشيعة أو مسلمين ومسيحيين أو خليجيين ومصريين وعراقيين وسوريين أو بين نظام ملكي وجمهوري أو ديمقراطي وحزبي، فالكل في منظوره مستباح الدم والمال والعرض، ومع هذا تتناصر كل هذه التقسيمات وتنتصر في "داعش" على بعضها، ليكونوا جميعاً الخاسر الوحيد في هذا الجهل المركّب، فمتى العبرة ومتى الاستفاقة ومتى نتجاوز فوارقنا البسيطة وخلافاتنا مهما كبرت من أجل مواجهة هذا الشر المطلق؟!