تاريخ الهندسة في الكويت... قصة وطن في سيرة ذاتية (الأخيرة)

نشر في 29-11-2017
آخر تحديث 29-11-2017 | 00:04
«كتاب تاريخ الهندسة في الكويت» الصادر عن منشورات «ذات السلاسل» لهذا العام والمعروض في معرض الكويت الدولي للكتاب الذي افتتح يوم الأربعاء 15/ 11/ 2017، يتسلسل في عرض تاريخ الكويت قديما وحديثا، ويركز على الجانب العمراني فيها، وطبيعة العمران والمواد المستخدمة وكيف تطورت، بل يغوص في تاريخ ما قبل الميلاد، وينقل ما اكتشفته الأحفوريات عن الحياة في الكويت قبل الميلاد.

فقسم المؤلف الكتاب إلى عشرين فصلا ليخرج لنا بكتاب كبير غني بالمعلومات الثرية التي تتبع تاريخ الكويت من خلال تفاصيل دقيقة عن موقع الكويت الجغرافي وأسمائها قديما وحديثا، فيصف بيوتها وشوارعها وأسواقها ومميزات كل منها بدقة متناهية، لم تغب عنها عين الباحث المتمكن والخبير العارف.

ويثري المؤلف آراءه بمصادر عربية وأجنبية لمؤرخين وعلماء وأدباء، متوجاً ذلك بصور موثقة وشاهدة على كل الجوانب التي تناولها في الكتاب.

اقرأ أيضا

ولم يفته أن يذكر كل ما يتعلق بتاريخ بلده، مركزا على الجانب الهندسي لبيوت الكويت القديمة وما يتعلق بها من مواصفات، متتبعا تطور العمران في الكويت حتى عصرنا الحاضر.

«الجريدة» تنشر على حلقات بعض ما احتواه الكتاب من معلومات ثرية سطرها الكاتب فيما يفوق الـ650 صفحة، مسلطة الضوء على أهم ما يضمه الكتاب بين دفتيه، وفيما يلي تفاصيل الحلقة الأخيرة:

بدأ الرعيل الأول من المهندسين يصل إلى الكويت في بداية الستينيات، فعمل المهندسون المعماريون والمدنيون في بلدية الكويت ووزارة الأشغال العامة، وعمل خريجو الكهرباء والميكانيك في وزارة الكهرباء والماء ووزارة الإعلام ووزارة المواصلات، وعمل القسم الآخر مع شركة النفط وشركة البترول الوطنية.

وكان لمهندسي الرعيل الأول دورهم الفعَّال في بناء البنية التحتية للكويت، فعملوا في محطات توليد الكهرباء وتحلية المياه، كما عملوا على مصافي البترول الكبرى ووزارة المواصلات، وأرسى هذا الجيل من المهندسين دعائم العمل الهندسي، وضربوا مثلاً في العمل الجاد الذي يحتذى به في الإخلاص.

كلية الهندسة

رغم افتتاح جامعة الكويت عام 1966، فإن كلية الهندسة أنشئت في 4 ديسمبر 1974، وكان لي الشرف أن أكون ضمن أول مجلس أمناء لكلية الهندسة، وكان المجلس يضم أكاديميين ومهندسين في القطاع الحكومي ومهندسين من القطاع الخاص، ووضعنا الأسس لكلية الهندسة.

التاريخ الصحي في الكويت

كانت أمراض العاملين في مهنة الغوص هي أكثر الأمراض المنتشرة في الكويت، وأكثرها أمراض جلدية من طفح وقروح وزليقة، وأمراض الأذن ونقص فيتامين "سي"، وذلك من سوء التغذية، ما يؤدي إلى سقوط الأسنان وأمراض الجهاز التنفسي ومرض السعال، والجدري والسل والزهري والسعال الديكي والحصبة، إضافة إلى الأمراض المعوية وآلام الأسنان وغيرها، ولم يكن لديهم وسائل للعلاج غير الطب الشعبي والأدعية لعلاج الأمراض، واستخدم الكويتيون طرقاً بدائية لعلاج هذه الأمراض، مثل: الكحل لعلاج رمد العيون، والكي لعلاج الأمراض المستعصية، مثل: الأمراض المعوية والسل.

أدوار بطولية

قام العاملون في القطاع النفطي خلال فترة الاحتلال بدور بطولي، بتزويد القيادة في الطائف بالمعلومات الحيوية التي ساعدت قوات التحالف بشكل كبير، كما ساعد هؤلاء بشكل كبير على التخلص من مخزون الأمونيا، الذي كان من الممكن أن تستعمله القوات العراقية لإحداث أكبر قدر من الدمار في المنشآت النفطية. كما أنقذوا في بداية الاحتلال بعض ناقلات النفط التي كانت راسية في الميناء وإبحارها إلى خارج المياه الإقليمية، لكي لا تستولي عليها القوات العراقية، إضافة إلى دورهم البطولي في تشغيل محطات الكهرباء خلال فترة الاحتلال.

المستشفيات

في عام 1914 بُني أول مستشفى نظامي في الكويت، وهو المستشفى الأميركي، واستمر في خدماته الطبية حتى مطلع ستينيات القرن الماضي، وكان د. آرثر هو أول طبيب يصل إلى الكويت، يقوم بزياراته للمرضى على ظهر الحمير.

ويروي ديكسون (Dickson) ما كتبته مسز كالفرلي التي عادت إلى أميركا في ربيع عام 1929: "إن الشعب الكويتي لم يسبق له أن رأى مبنى يضارع هذا المستشفى، المكوَّن من طابقين، والمشيَّد من الاسمنت والصلب، وكان عدد الأسرّة المتاحة به عند افتتاحه أربعة وثلاثين، إضافة إلى الأسرّة المخصصة للأطفال حديثي الولادة، وهناك ثلاث من الممرضات الهنديات الحاصلات على مؤهلات علمية.

في الأربعينيات بدأ العمل في بناء المستشفى الأميري، على أرض تبرع بها حمد عبدالله الصقر، وتوقف البناء خلال فترة الحرب العالمية الثانية، ثم أُكمل بناؤه عام 1949، وكان المبنى من طابق واحد ضم 45 سريراً وغرفة للعمليات وصيدلية ومختبراً، وفي السنوات السبع الأولى من افتتاحه عمل فيه طاقم مكوَّن من 24 طبيباً، وطبيبة واحدة للنساء، وزود بأول سيارة إسعاف في تاريخ الكويت.

أما مستشفى الصباح، فافتتح في 20/ 6/ 1962 تحت رعاية الشيخ عبدالله السالم الصباح، في حين افتتح مستشفى الولادة عام 1968.

العمل في الصين

كنت أنفذ أكبر مشروع سكني للأجانب في بكين يتألف من 500 فيلا، حيث بدأت العمل في الصين منذ عام 1980، وسجلت أول شركة عربية في الصين، وكان في العاصمة فندقان؛ الأول بُني في حقبة الثلاثينيات، وهو مبنى متهالك لا يمكن أن يسمى فندقاً، كما كان هناك فندق آخر من المباني الجاهزة، ويسمى فندق جانغوا.

وخلال وجودي في الصين أثناء الاحتلال عملت على التعليق على ما يكتب في الصحف الصينية اليومية، فقد كانت لدي في الشركة المشتركة مع الصين سكرتيرة صينية ممتازة تجيد الإنكليزية والألمانية والفرنسية، بالإضافة إلى لغتها الصينية، وكانت تترجم جميع ما يكتب في الصحف الصينية الرئيسة من مقالات حول احتلال الكويت، فإذا كانت هناك معلومات مغلوطة أو غير صحيحة أقوم بالرد عليها، وخلال فترة وجودي كتبت أكثر من ثلاثين مقالاً ترجمت إلى اللغة الصينية، ونشرت في الصحف المحلية.

كان الاتصال بالكويت صعباً للغاية، فقد كنت أكتب الرسائل إلى زوجتي وأرسلها عن طريق DHL إلى مكتب أحد الأصدقاء في عمان بالأردن، ومن عمان يقوم أحد الموظفين بالسفر إلى بغداد، ومن بغداد إلى الكويت، ليوصلها إلى زوجتي.

التطوع مع الجيش البريطاني

في ديسمبر 1990 أخبرني أخي غازي الريس، وكان يشغل منصب سفير الكويت بالمملكة المتحدة، أن الجيش البريطاني يعلن حاجته لمترجمين، فسافرت من جدة إلى لندن، والتحقت بالجيش البريطاني، الذي قام بتدريبنا في قاعدة بالقرب من لندن، وذلك على الوقاية من الحرب الكيماوية، ثم نقلنا إلى الرياض، ومكثت مع فريق الترجمة لدى الجيش البريطاني في الرياض عدة أسابيع عملت خلالها مع الجنرال سير بيتر دي لابلييه (Sir Peter De La Billier)، وهو قائد القوات البريطانية، وهو أعلى رتبة في القيادة البريطانية.

الالتقاء بالعائلة

بعد يومين من دخول الكويت مع سلاح الهندسة الأميركي سمح لي بزيارة عائلتي، وكان ذلك في 28 فبراير 1991، وكان اللقاء مؤثراً جداً، فقد فاجأتهم بدخولي عليهم بملابس الجيش الأميركي، ولم يكونوا متوقعين عودتي لهم بهذه السرعة، وكان قد مضى على غيابي عنهم أكثر من ثمانية شهور.

عند دخولي البيت وجدته خالياً تماما من كل شيء، فقد كانت زوجتي خبأت كل ما نملك من سجاد ولوحات فنية ومقتنيات في السرداب، وبنت حائطا سدت به مدخل السرداب، ثم غلفته بورق الحوائط، لإخفاء سدة السرداب، ونجحت تماماً، حيث كان من الصعب عليَّ معرفة مكان هذه السدة.

التحضير لدخول الكويت

أعدت الحكومة الكويتية مشروعين للقطاع النفطي أطلق عليهما "مشروع العودة ومشروع التعمير"، وكان الهدف من هذين المشروعين توفير المساعدات اللازمة للسيطرة على الآبار المشتعلة والنازفة، تمهيداً للبدء بإعادة إنتاج النفط الخام، ولو بكميات محدودة، مع العمل على توفير البنية التحتية اللازمة لعودة الإنتاج الكويتي للنفط إلى سابق عهده.

وعليه، وقَّعت شركة البترول الوطنية الكويتية في منتصف أكتوبر 1990 عقداً مع شركة بكتل لإدارة مشروع "العودة"، كما أنيط بشركة بكتل تجهيز وإعداد كل ما يلزم لإعادة بناء البنية التحتية وإعادة الإنتاج.

سلاح الهندسة الأميركي

دخلت الكويت مع سلاح الهندسة الأميركي، وكان الفريق الذي التحقت به مؤلفاً من نحو 300 ضابط احتياط معظمهم من المهندسين المتمرسين في مختلف مجالات الهندسة، فمنهم الإنشائي والكهربائي والميكانيكي، وكانت مهمتنا المساهمة في إعادة إعمار الكويت، فقد علمنا بالدمار الذي حلَّ بالكويت في جميع مرافقها، خلال وجودنا في الرياض والخبر، ودخلنا الكويت، ولحقتنا كثير من المعدات وقطع الغيار التي نحتاجها لإعادة الحياة الطبيعية للكويت، ولم نكن نتصور حجم الدمار الذي حلَّ بالكويت إلا بعد أن دخلناها عن طريق الخفجي، وكانت الكويت في ظلام دامس، كما كانت آبار البترول تحترق، ما يسبب صعوبة في الرؤية.

إعادة إعمار المرافق الأساسية

فوجئ سلاح الهندسة الأميركي بوجود كمّ هائل وقاعدة بيانات كبيرة حول جميع المرافق الحيوية، فخلال المرحلة الأولى بعد التحرير حصل سلاح الهندسة على أكثر من 2700 مخطط تبين خطوط المياه والمجاري والكهرباء والهاتف والطرق وأنواع الأنابيب المستعملة وأحجامها، كما حصل سلاح الهندسة الأميركي على أكثر من 5 غيغابايت من المعلومات تحتوي على جرد كامل لأكثر من 45 مليون قطعة ومكانها، بالإضافة إلى وصف لأكثر من 145 ألف مبنى في مدينة الكويت.

وكانت مهمة سلاح الهندسة الأميركي الأساسية، إعادة الخدمات الأساسية، مثل: الكهرباء والماء والصحة لما كانت عليه، وبسبب توقف محطات الكهرباء عن العمل، نزل مخزون المياه إلى حد الخطر، وانقطعت المياه عن البيوت والعمارات، ما اضطر الكثير الذهاب إلى محطات المياه والانتظار لساعات للحصول على عدة غالونات من المياه.

الحرائق النفطية

وفي 21 فبراير 1991 فجَّر جنود الاحتلال آبار النفط، وتمَّت عملية التلغيم بطريقة فنية نفذها متخصصون، بوضع المتفجرات على كل بئر، بشبكات موقوتة مرتبطة بكل خمس آبار مجتمعة وتوقيتها لتنفجر بعد تركيبها خلال ثلاث إلى ست ساعات، ونتج عن تدمير القوات العراقية لآبار النفط انسكاب النفط، مشكلاً بحيرات بمساحات كبيرة غطت أكثر من 1,000 كيلو متر مربع بالرذاذ النفطي والحصر القطرانية الناتجة عن حرق الآبار وتدميرها، والتي بدورها غطت أعداداً هائلة من الألغام والذخائر بمخلفات النفط، ما شكَّل صعوبات كبيرة في اكتشاف المتفجرات.

فريق الإطفاء الكويتي

ضرب فريق الإطفاء الكويتي مثلا رائعا وأثر تأثيرا إيجابيا في عملية إطفاء آبار البترول، حيث أجمع الخبراء على أن عملية إطفاء آبار البترول ستستغرق خمس سنوات أو أكثر، فعمل الفريق الكويتي على مدار الساعة، في حين كانت فرق الإطفاء الأخرى تعمل في أوقات محدودة، فجعل الشركات الأجنبية تغير نمط عملها، ما سارع في إطفاء الحرائق، فاختصر الوقت إلى سبعة شهور بدلا من سنوات.

عملية الإطفاء

ولإطفاء الآبار أنشئت 361 بحيرة صناعية صغيرة، لاستخدامها في أعمال الإطفاء، وبلغ إمداد المياه 25 مليون غالون يوميا، ما تطلب استخدام 11.2 مليار غالون لإطفاء جميع الآبار، وهي كمية كافية لتغطية مساحة الكويت كلها بارتفاع 12 سم.

ولتوفير كمية المياه اللازمة لإطفاء هذه الحرائق أنشئت شبكة أنابيب مياه بطول 400 كيلومتر، كما تطلب إنشاء طرق موصلة إلى الآبار المحترقة بطول 280 كيلومتراً، وبلغت كمية تربة الكتج المستخدمة في تجهيز الطرق وإقامة المنصات نحو 1.8 مليون متر مكعب.

الأضرار البيئية

أفادت بعثة الأمم المتحدة بأنها زارت منطقة الأحمدي، حيث علمت من مسؤولي برنامج الأمم المتحدة أن الناس في بعض الأماكن يستنشقون ما يساوي 200 سيجارة يوميا من جراء الدخان المتصاعد من آبار البترول التي حرقها الغزو العراقي، وتبين صور الأقمار الصناعية أن أعمدة الدخان وصلت إلى أكثر من 1200 كيلومتر جنوب الكويت، وأن الأمطار السوداء وصلت إلى الحدود التركية، أي نحو 1000 كيلومتر شمال الكويت.

زاد في تلوث مياه الخليج اضطرار الكويت إلى إلقاء مياه المجاري في الخليج مباشرة، نتيجة تدمير أربع محطات لمعالجة المجاري، واستمر ذلك عشرة شهور، إلى أن تمكنت الكويت من استعادة صحتها.

أضرار الكهرباء والماء والجسور

دمرت محطة الشعيبة بالكامل ومحطة الشويخ بالكامل ومحطة الدوحة بالكامل تقريبا، كما قطعت خطوط الضغط العالي، ودمرت بعض مصافي النفط وخزانات الوقود، ووضع الجيش العراقي "خطة تخريب مؤجلة"، وتوفير كامل عناصر تنفيذها عندما يشعر بالهزيمة، كما دمر حقل أم العيش للمياه الجوفية العذبة.

ولمرور المعدات الثقيلة والدبابات على طرق وجسور الكويت التي لم تكن مصممة أصلاً لهذا النوع من الأحمال، فقد أتلفت ثلاثة جسور تلفاً كبيراً. أما بقية الجسور، فتأثرت بأشكال متفاوتة، إلا أنها لم تتأثر كثيراً، لذلك وضعت وزارة الأشغال بعد التحرير مواصفات جديدة تأخذ بعين الاعتبار هذه الأحمال، بالنسبة للجسور الجديدة. أما الجسور القائمة، فقد قويت، بحيث تتحمَّل أثقال الدبابات وحاملات الدبابات والمعدات الثقيلة.

التدمير والسرقات

كانت السرقة والتخريب مخططا لهما مسبقا، حيث كان من الملاحظ قيام أعداد كبيرة من المتخصصين العراقيين في جميع المجالات من صحة وتعليم وطاقة ومتاحف وثروة حيوانية، بزيارة الكويت قبل الاحتلال بعدة أسابيع أو أشهر، للتحضير لهذه السرقات، ودُمرت جميع المستشفيات، وأغرقت بالماء، وسرقت جميع معداتها، ما تطلب إعادة تأهيلها من جديد، كما لحقت الأضرار البليغة بجامعة الكويت والمدارس والمؤسسات العلمية والتربوية والثقافية الأخرى.

النهضة العمرانية بعد التحرير

بدأت الحركة العمرانية بعد التحرير بتنظيف المباني وإزالة القديمة منها، وبالأخص في حولي والسالمية، اللتين أصبحتا شبه خاليتين بعد أن تركهما آلاف السكان، ما سهل مهمة هدم تلك المباني، بعد أن خلت من سكانها، وكانت فرصة لا تعوض لمُلاكها لبناء مبانٍ جديدة بدلا منها.

المستشفى الأميركي بُني عام 1914 وهو أول مستشفى نظامي في الكويت

كان لمهندسي الرعيل الأول دورهم الفعال في بناء البنية التحتية للكويت

361 بحيرة صناعية صغيرة أنشئت لاستخدامها في أعمال الإطفاء

في الغزو دُمرت جميع المستشفيات وأغرقت بالماء وسرقت جميع معداتها مما تطلب إعادة تأهيلها من جديد

الكويت ألقت مياه المجاري في الخليج بداية التحرير بسبب تدمير جميع محطات معالجة المجاري

الناس في بعض الأماكن كانوا يستنشقون ما يساوي 200 سيجارة يومياً جراء الدخان المتصاعد من آبار البترول
back to top