انطلقت أمس، الجولة الثامنة من مؤتمر جنيف حول الأزمة السورية، برعاية الأمم المتحدة، بغياب وفد نظام الرئيس بشار الأسد، الذي أجّل حضوره إلى اليوم، احتجاجاً على البيان الصادر من المعارضة في "مؤتمر الرياض 2"، والذي طالب برحيل الأسد في بداية العملية الانتقالية.

ويبدو أن المناورة، التي أجراها النظام، نجحت في خفض الآمال، التي كانت معقودة على "جنيف 8" الذي كان ينظر إليه على أنه فرصة للأمم المتحدة من أجل إعادة إحياء جهودها لإنهاء الحرب المستمرة في سورية منذ حوالي سبع سنوات، وأسفرت عن مقتل أكثر من 340 ألف شخص، إذ إنها المرة الأولى، التي تشارك المعارضة في المفاوضات بوفد موحد يضم، بالإضافة إلى الهيئة العليا للتفاوض، منصتي القاهرة وموسكو اللتين كان ينظر اليهما على أنهما أقل تشدداً في الموقف من الرئيس السوري.

Ad

وأكد مصدر سوري مطلع في دمشق لـ"فرانس برس"، إن "الوفد الحكومي يصل صباح الأربعاء إلى جنيف على أن يعلن منها مواقفه من المحادثات".

وقال المصدر السوري، إن المبعوث الدولي من أجل سورية ستيفان ديمستورا تعهد "للوفد (الحكومي) خلال اتصالات كثيفة بين الجانبين، ألا تتضمن هذه الجولة أي لقاء مباشر مع وفد الرياض أي المعارضة، وعدم التطرق بأي شكل من الأشكال إلى بيان الرياض والشروط، التي تضمنها باعتباره شأناً خاصاً بوفد الرياض ولا علاقة له بمسار جنيف".

مفاوضات مباشرة

إلا أن ديمستورا قال أمس للصحافيين في جنيف، إن الحكومة السورية ومفاوضي المعارضة ستتاح لهم فرصة إجراء محادثات مباشرة للمرة الأولى، لكن لم يتضح إن كانوا سيستغلونها.

وقال ديمستورا بعد الاجتماع مع أعضاء وفد المعارضة في فندقهم "سنعرض عليهم الأمر. سنرى، إن كان ذلك سيحدث. لكننا سنعرضه".

موسكو

من ناحيته، شدد ديمتري بيسكوف، المتحدث الصحافي باسم الرئاسة الروسية، على أهمية عملية جنيف للتسوية في سورية، مشيراً إلى أنه يتعين عليها أن تكون شاملة بأقصى قدر ممكن.

وقال بيسكوف في جنيف: "نعتقد أن عملية جنيف هي أساسية للتسوية السياسية، ويجب أن تكون شاملة بأقصى قدر ممكن. إن الشمولية عامل أساسي لحيوية تلك الاتفاقات، التي سيتم التوصل إليها".

ورغم إعلان مصادر روسية أن مؤتمر سوتشي للحوار السوري سيعقد في فبراير المقبل، ذكر بيسكوف أن مواعيد إجراء "مؤتمر الحوار الوطني السوري" لم تحدد بعد، مشيراً إلى أن فعالية هذا المؤتمر هي أهم أولوياتها.

وقال بيسكوف: "لم تحدد بعد مواعيد إجراء مؤتمر الحوار الوطني السوري، ولم يضع أحد نصب عينيه إجراء هذا المؤتمر في الموعد المحدد، قبل عطلة عيد رأس السنة أو بعدها. من الأهمية بمكان إعداد هذا المؤتمر بشكل جيد والتوصل إلى الاتفاق حول قائمة المشاركين فيه، وهذا الأمر صعب جداً".

بدوره، أعلن مندوب روسيا الدائم لدى هيئات الأمم المتحدة في جنيف، أليكسي بورودافكين، أن مطلب المعارضة السورية برحيل الأسد يعرقل أي حوار بنّاء في جنيف.

وقال في حديث لوكالة "تاس" الروسية،إن "كل ذلك يثير حفيظة الحكومة وهيهات أن يساعد على حوار بناء في جنيف". وأضاف أن الجانب الروسي خلال لقاء ممثلي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي عشية انطلاق مفاوضات جنيف حول سورية، "توجه إلى الشركاء، أي الأمم المتحدة والوفود الغربية، التي لها نفوذ وسط المعارضة، لكي تحاول إعادة المعارضين إلى أرض الواقع، إذ إنهم يتحدثون انطلاقاً من مواقف لا تتجاوب مع الواقع".

وجاء حديث موسكو عن شرعية مفاوضات جنيف غداة اتصال هاتفي بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس، وان المحادثات التي تدعمها الأمم المتحدة حول مستقبل سورية في جنيف هي "السبيل الوحيد للمضي قدماً والمسار الشرعي الوحيد" لحل الأزمة السورية.

ويرى مراقبون أن موسكو تحاول فرض تصورها للحل في سورية وإعطاء الأهمية لمؤتمر سوتشي على حساب مؤتمر جنيف، إذ هناك قواعد أممية وحضور دولي أوسع.

الغوطة

من جهة أخرى، كشف المبعوث الأممي، أن الحكومة السورية وافقت على اقتراح روسيا بوقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية بريف دمشق ليومين، موضحاً أن الجانب الروسي في جنيف أبلغه بذلك خلال اجتماع مغلق مع ممثلي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.

وأضاف دي ميستورا: "نحتاج إلى أن نرى ما إذا كان هذا سيطبق"، لافتاً إلى أنه ليس من قبيل المصادفة أن يقدم هذا الاقتراح في بداية هذه الجولة من مفاوضات جنيف".

وكان الفريق سيرغي كورالينكو، رئيس مركز المصالحة الروسي، قد دعا جميع الأطراف المتنازعة في سورية إلى فرض نظام التهدئة يومي 28 و29 نوفمبر في منطقة خفض التصعيد رقم 3 في الغوطة الشرقية، وذلك بغية استبعاد أي خرق لنظام وقف العمليات القتالية.

وأعلنت الأمم المتحدة دخول قافلة تنقل الأغذية والمساعدات الطبية إلى الغوطة الشرقية المحاصرة، آخر معقل للفصائل المعارضة قرب دمشق، بعد أيام من القصف العنيف.

تركيا

في سياق آخر، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمس، إن محادثاته مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الجمعة الماضي كانت أول مرة منذ فترة طويلة يكون فيها البلدان على "نفس الموجة" وإنهما سيتحدثان ثانية هذا الأسبوع.

وكانت العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة وواشنطن قد توترت بسبب عدة خلافات، خصوصاً فيما يتعلق بدعم الولايات المتحدة لوحدات حماية الشعب الكردية السورية، التي تعتبرها أنقرة جماعة إرهابية.

وقال إردوغان، في كلمة لنواب حزب العدالة والتنمية الحاكم في البرلمان، إن المناقشات ستستمر بشأن "وحدات حماية الشعب" الكردي السورية والتعاون في مجال الصناعات الدفاعية والخلاف بشأن شبكة رجل الدين فتح الله غولن المقيم بالولايات المتحدة الذي تتهمه تركيا بتدبير محاولة انقلاب العام الماضي.

ووفقاً لوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أبلغ ترامب إردوغان يوم الجمعة إنه أصدر تعليمات بعدم تزويد "وحدات حماية الشعب" بالأسلحة.

لكن وزارة الدفاع (البنتاغون) قالت أمس الأول، إنها بصدد مراجعة "تعديلات" تتعلق بالأسلحة للقوات الكردية السورية، لكن لم تذهب إلى حد التصريح بوقف نقل الأسلحة، مشيرة إلى أن مثل هذه القرارات ستستند إلى متطلبات ساحة القتال.

وفي سورية قال المتحدث باسم "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)

عبدالعزيز يونس، إن واشنطن وحلفاءها مستمرون بدعمهم عسكرياً من خلال شحنات أسلحة مختلفة تصل تباعاً.