نظمت رابطة الأدباء الكويتيين قراءة نقدية لرواية "طعم الذئب" الفائزة بجائزة معرض الشارقة الدولي للكتاب لأفضل عمل عربي 2017م، للروائي الكويتي عبدالله البصيص، قدمها د. عبد السميع الأحمد.وخلال القراءة تحدث د. الأحمد عن أركان وعناصر الرواية وما تحمله من جماليات ورؤى فنية مختلفة، وأدار المحاضرة الكاتب ماجد المطيري، وحضرها عدد من الأدباء، إضافة إلى الروائي عبدالله البصيص.
الأسلوب التحليلي
وركز الأحمد في قراءته على بطل الرواية "ذيبان"... مشيرا إلى المستوى الشعري الذي تضمنته فصول الرواية، وأسلوبها التحليلي المقتبس من الصحراء التي كانت تتميز بالقسوة، كاشفا أن عنوان الرواية "طعم الذئب" كثف واختصر 221 صفحة هي عدد أوراق الرواية، موضحا أن شخصية "ذيبان" هي الشخصية الرئيسية المتفردة، فقد نشأ يتيما، ومن ثم فقد مرّ بثلاث مراحل في حياته، كما كان ضعيف البنية لا يملك غير ربابته، كي تتأزم حياته بعد قتله لأحد الأشخاص تحت نظرات حبيبته غالية، ومن ثم تركه أرضه والاحتماء بأخواله في ربوعهم، وهناك حدثت مناوشات قتل بسببها اثنان من أولاد خاله، واضطرته الظروف لمبارزة أحد الأعداء، ولأن بنيته ضعيفة آثر الانسحاب، عندها طلب خاله منه الرحيل عن القبيلة، لتأتي مصاحبته للذئب.الذئب البطل
وتساءل المحاضر: "هل من الممكن أن يصبح الذئب بطلا في الرواية؟"، وأجاب: "نعم هو بطل، وقد أثر كثيرا في حياة ذيبان". وتحدث الأحمد عن البيئة في الرواية بشقيها الزماني والمكاني، موضحا أن البصيص راوح في روايته بين مرابع قبيلته وقبيلة خاله، في صحراء نجد، مما يوحي بأننا في مكان تحكمه التقاليد الصارمة، فالزمان لم يكن مقيدا، وإن كان الليل والنهار هما أكثر تعاونا، خصوصا أن الذئاب تحب الليل في سعيها نحو رزقها.كما أشار المحاضر إلى الحبكة من خلال التركيب البنائي، مبيّنا أن البصيص حتى منتصف روايته كان يتلاعب بالقراء بشكل إيجابي، ولم يمكّنهم من خيط الأحداث، في حين بني حبكته بطريقة الاستدعاء، ليبدأ تأزم "ذيبان" بعد مقتله لـ"متعب"، ومن ثم قال الأحمد: "جاء بناء الرواية بناء غرائبيا وراءه مهندس جريء".وأشار المحاضر إلى عناصر التعبير القصصي والأساليب السردية والحوار والمناجاة في متن الرواية، مؤكدا أن السرد من أبرز العناصر من خلال تملك لغة شعرية ومخزون كبير من الألفاظ وحشد من الصور المتلاحقة، وأن الحوار لم يوله المؤلف اهتماما، ولكنه استعان به في تجلياته الفلسفية خصوصا في حواراته مع الذئب.نهاية مفتوحة
وتحدث المحاضر عن التعليق الذي كان حضوره غير مقصود في الرواية، وهو معبر وخادم للسرد، في حين جاءت بعض التعليقات على لسان الذئب الحكيم، وأن معجم الرواية اللغوي فيه كم كبير من المترادفات وجموع بلاغية شاعرية وأسلوب جذل، مع الاستعانة القليلة بالعامية، كما تطرق الأحمد إلى الانزياح اللغوي والتناص مع التراث وغير ذلك.وأوضح أن كل المؤشرات كانت تشي بأن خاتمة الرواية سعيدة، لنرى "ذيبان" أصبح ذئبا مع نجاحه في الوصول إلى الكويت مثلما كان يأمل، ولكن البصيص ترك النهاية مفتوحة ومشرعة لتأويل القارئ، وقال: "أعتقد أن البصيص في روايته منذ البداية حتى النهاية وضع رسالة مفادها الدفع نحو التغيير الإيجابي". وفي الختام قال الأحمد: "رغم كل ما ذكر تظل الرواية حالة متفردة... تستحق الإشادة، لأنها تجيء في زمن خفتت فيه الرواية تحت ضغط الشارع ووسائل التواصل، فالبصيص اتجه للفكر الجاد والكتابة باللغة العربية الفصحى، في وقت اتجه فيه البعض إلى اللغة الماجنة".