بينما تجددت الاشتباكات، أمس، قرب اللجنة الأمنية في صنعاء بين موالين للرئيس السابق علي صالح وعناصر "أنصار الله" الحوثية، بعد مواجهات دامية بينهما أسفرت عن مقتل 14 شخصاً، اتهم حزب "المؤتمر الشعبي"، الذي يتزعمه صالح، الجماعة الحوثية، بالقيام بـ "عمل انقلابي يقوض الشراكة ويضعف مؤسسات الدولة".

وقال الحزب، في بيان أصدره، مساء أمس الأول إن "العاصمة صنعاء وجدت نفسها أمام تحدٍ أمني خطير أقلق سكانها الآمنين، تمثل في قيام مئات من العناصر التابعين لأنصار الله مدججين بكل أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والأطقم المسلحة باقتحام جامع الصالح، وأطلقوا قذائف آر بي جي وقنابل يدوية داخل المسجد، وحاصروا أفراد حراساته الاعتيادية الموجودة فيه".

Ad

وأضاف البيان: "قام المسلحون الحوثيون بالانتشار حول مساكن وممتلكات خاصة بأفراد من عائلة الزعيم صالح، وقيادات من المؤتمر، وعلى عدد من مقرات المؤتمر وحلفائه، فارضين حصاراً مسلحاً أدى إلى اندلاع الاشتباكات وتبادل لإطلاق النار وسقوط عدد من القتلى والجرحى".

وتابع: "تقدم الحوثيون بطلب للسماح لهم باستخدام الأرضية الشرقية لجامع الصالح، لما يعدون له من مهرجان سياسي في ذكرى المولد النبوي، ورغم ما حدث من استفزازات عقب مهرجان 21 سبتمبر الماضي، فقد تم السماح لهم باستخدام الأرضية المحددة، وتعاملت الحراسة معهم، كما تفعل مع كل مناسبة وكل عام".

ومضى البيان: "لقد فرقنا بين خلافاتنا السياسية كمؤتمر وأنصار الله وبين مقتضيات الجبهات ضد التحالف الذي تقوده السعودية، وبذلنا جهودنا لبناء مشروع سياسي توافقي تشاركي بين كل الأطراف الرافضة للعدوان، والتزمنا بالحد الأدنى من المشروعية العامة مراعاة لظروف البلاد، ولم نكن نتوقع على الإطلاق أن نجد أنفسنا مطالبين بالدفاع عن الممتلكات الخاصة، بينما اليمنيون جميعاً يدافعون عن أرض وسماء وبحر اليمن من العدوان الخارجي".

وذكر بيان حزب صالح، أن "استمرار الاقتحامات المسلحة لمؤسسات الدولة ودور العبادة والمحاكم، إلى جانب عدم احترام بنود الشراكة بين المؤتمر العام وحلفائه وأنصار الله وحلفائهم، يعتبر "عملاً انقلابياً" يقوض الشراكة، ويضعف شرعية مؤسسات الدولة بكل سلطاتها الدستورية.

وحمل البيان، الحوثيين كامل المسؤولية عن كل قطرة دم تسال بين اليمنيين، محذرا من التصرفات والممارسات التي لا تخدم الوحدة الوطنية، ولكن تهدد وحدة الصف الوطني وتماسك الجبهة الداخلية.

الحوثيون

في المقابل، قالت وزارة الداخلية الخاضعة للحوثيين، إن عناصرها عثرت في جامع الصالح على "عدد من أجهزة الاتصالات اللاسلكية التي لا تستخدمها سوى الدول وأجهزتها الأمنية والعسكرية"، كانت مع عناصر خارجة عن القانون، في إشارة إلى القوات الموالية لصالح.

14 قتيلاً

وأسفرت الاشتباكات التي اندلعت حول مسجد الصالح قرب ميدان السبعين بالعاصمة، واتسعت لاحقا وشملت أحياء مجاورة يسيطر عليها أنصار صالح، عن مقتل 14 من المتمردين الحوثيين وأنصار الرئيس السابق.

وأفاد مسؤول بأن أربعة من أنصار صالح قتلوا في المكان، في حين قضى خامس متأثراً بجروحه في أحد مستشفيات صنعاء.

وفي صفوف الحوثيين، قتل تسعة مسلحين بينهم قيادي يدعى أبو كهلان، وما زال التوتر حادا في محيط المسجد مع تمركز أنصار صالح داخله والحوثيين في الخارج بآليات عسكرية مجهزة برشاشات.

وهذا التوتر ليس الأول بين الجانبين المتحالفين ضد الحكومة اليمنية التي يعترف بها المجتمع الدولي، وسبق أن خاضا مواجهات نهاية أغسطس بعد هجوم في صنعاء نسب إلى الحوثيين وأدى إلى مقتل أحد المقربين من صالح.

وبعد حرب كلامية واستعراضات قوة تراجع التوتر.

دعوة للمواجهة

في غضون ذلك، دعت أصوات مؤتمرية بارزة، بشكل صريح، إلى حمل السلاح ضد الجماعة الحوثية.

وقال الناشط المؤتمري كامل الخوداني، على "فيسبوك": "قلناها ألف مرة، ونكررها، أنتم تتعاملون مع عصابة لا عهد لها ولا شرف".

وطالب القيادي في حزب صالح كل المنتمين لـ"المؤتمر" بحمل السلاح ومواجهة الحوثيين، مضيفاً بالعامية اليمنية: "كل واحد يشل بندقه، كل من معه كرامة وشرف عيشل بندقه، هي عيشه فوق الدنيا يا نعيشها بعز يا نموتها بكرامة".

وأضاف: "ما بعد جامع الصالح إلا الترحيل إلى قم إيران، الحوثيون يستعجلون نهايتهم، والبندقية ترجعهم إلى الكهف".

وتأتي تلك التطورات بعد يومين من تجديد صالح دعوته إيران إلى إقامة تحالف استراتيجي معه، وإعلانه عن مبادرة لوقف الحرب مقابل وقف إطلاق صواريخ حلفائه الحوثيين على الأراضي السعودية وأي مكان آخر، ونفيه أن تكون طهران قد زودت "أنصار الله" بالصاروخ الذي اطلق أخيرا على الرياض.

سلمان وماي

إلى ذلك، ناقش الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أمس "تخفيف الحصار على اليمن بشكل عاجل لتجنب كارثة إنسانية"، خلال لقاء جمعهما في العاصمة الرياض مساء أمس الأول. وذكر مكتب ماي، في بيان، أنهما "اتفقا على أنه يجب اتخاذ خطوات بشكل ملح لمعالجة هذه المسألة".

والسعودية هي أكبر شريك تجاري لبريطانيا في الشرق الاوسط، وقد وقعت لندن عقود اسلحة مع الرياض بقيمة تفوق 3.7 مليارات يورو منذ مارس 2015.

ثلاثة محاور

وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم الخارجية البريطانية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ادوين سموأل، إن بريطانيا تدعم استعمال التحالف بقيادة ‎السعودية لقوة عسكرية نسبية من أجل استعادة الشرعية باليمن.

وأضاف سموأل، على "تويتر"، أن بريطانيا تعلم جيداً أن الدبلوماسية تشكل حلاً فعالاً بوجود قوة عسكرية تدعمها.

وتابع: "ما نحتاج إليه الآن هو أن يتم التحرك في ‎اليمن على ثلاثة محاور، محور عسكري ودبلوماسي وثالث تنموي".

وأشار المسؤول البريطاني إلى أن ‏أغلبية اليمنيين هم اليوم متعبون ومرضى وجوعى، والسبيل لكسب الحرب هو الفوز بالقلوب والعقول وتوفير الطعام.

إعادة طماح

في سياق آخر، أصدر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي قراراً بترقية القيادي الجنوبي محمد صالح طماح إلى رتبة لواء وإعادته للخدمة العسكرية ضمن قوام الجيش الوطني. وبحسب مصادر مطلعة فإن القرار يأتي تمهيدا لصدور قرار تعيين للقيادي الجنوبي في منصب حكومي رفيع.

ويعد طماح من قيادة "الحراك الجنوبي" والمقاومة الجنوبية البارزين.