كان "تاوباو" وهو سوق "أون لاين" تديره شركة التجارة الإلكترونية الصينية العملاقة "علي بابا" الموقع، الذي يقصده حوالي نصف مليار متسوق من أجل الحصول على خصومات على الأطعمة والملابس والأجهزة، لكن إلى جانب تلك الصفقات، توجد نوعية مختلفة تماماً من البضائع.

وفي السنوات الأخيرة، توجهت المحاكم والبنوك المملوكة للدولة وشركات إدارة الأصول في الصين إلى "تاوباو" أيضاً سعياً وراء مشترين عبر قناة مزاد الموقع التي تدعى "بيمي"، بغية نيل ضمانة إضافية من قروض متعثرة لسلع مثل السيارات والفيلات الفاخرة، إضافة إلى الديون المعدومة، التي تساوي مئات الملايين من اليوان الصيني مع اختبار ذلك البلد لطرق تسويق يمكنها التعامل بقدر أكبر مع مشكلة الديون المتفاقمة.

Ad

وعلى سبيل المثال، يسعى أحد أكبر مديري الديون المعدومة في الصين وهو صندوق سيندا China Cinda Asset Managment لإدارة الأصول المدرج في "هونغ كونغ" إلى التخارج عبر مزاد علني من ديون معدومة من شركتي فولاذ تتخذان من "جيانغسو" مقراً لهما في مقابل 530 مليون يوان (81 مليون دولار).

من جانب آخر، يقوم فرع شنغهاي لبنك "هوا زيا" ببيع شقة في غوانغدونغ بقيمة 645 ألف يوان (98 ألف دولار) وفي العشرين من كل شهر يتم تنظيم مزاد علني لـ"تاوباو" مخصص للحكومات المحلية التي تدعى إلى نيل سيارات ومجوهرات وساعات فاخرة مصادرة.

صفقة بوينغ

ويحتشد مشترون راغبون لشراء كل أنواع الأشياء من الموقع. وفي الأسبوع الماضي اشترت شركة التوصيل الصينية أس.اف.إكسبرس طائرتي بوينغ 747 مقابل 42 مليون دولار في مزاد لـ"تاوباو" رعته شركة إدارة أصول تتخذ من شنجن مقراً لها. وكانت الشركة تحاول بيع الطائرتين اللتين كانت تملكهما شركة جيد كارغو إنترناشيونال عن طريق ستة مزادات أوف لاين، لكن من دون الكثير من النجاح.

وهذه المزادات ليست مقتصرة على مشترين من الشركات، وبحسب صفحة المعلومات العامة من "بيمي" يستطيع أي شخص في الصين التقدم بعرض بعد تسجيل حساب "تاوباو" عبر بطاقته الشخصية، ودفع مبلغ معين على شكل دفعة أولية كما هو مطلوب من قبل البائعين. وسوف تتم إعادة المبلغ المودع خلال ثلاثة أيام إذا لم يكن العرض ناجحاً.

وقال زينون كابرون، وهو مؤسس شركة كابرون آسيا الاستشارية، التي تتخذ من شنغهاي مقراً لها " عندما تنظر إلى التجارة الإلكترونية في الصين، تجد أن من الواضح أن أسواق "علي بابا" تمثل البعض من أفضل الأسواق المشهورة لأنها تملك البنية التحتية من حيث الدفع والتقنية لمعالجة أي حجم من العمليات. ومن ذلك المنظور توجد البنية التحتية لإدارة هذه الموديلات".

ازدياد الديون

المزيد من هذا في الطريق أيضاً. وبحسب "تاوباو" انضم إلى قناة مزاده ما يصل إلى ثلاثة آلاف محكمة والعشرات من فروع البنوك المحلية في الصين. ويكمن وراء هذه الحملة "أون لاين" نسبة تقارب 300 في المئة من الدين إلى الناتج المحلي الاجمالي في الصين و 1.64 تريليون يوان

(246 مليار دولار) من القروض غير المخدومة وهو رقم ارتفع بصورة ثابتة خلال السنوات الأخيرة بعد أن تسبب تباطؤ النمو الاقتصادي في عدم قدرة العديد من الشركات على تسديد المبالغ المقترضة. وقد أفضى ذلك إلى زيادة دراماتيكية في عدد الأصول المجمدة والمصادرة من قبل البنوك والمحاكم المحلية.

وخلال الأشهر السبعة الأولى من هذه السنة، عالجت المحاكم الصينية أكثرمن 4700 دعوى إفلاس وهو رقم في تصاعد منذ عام 2013.

وقال جيو ننغ وهو بروفسور العلوم المالية في جامعة تسنغهوا الصينية إن " المحاكم الصينية تعاني نقصاً في عدد العاملين، وليس لديها الجهاز الكافي لتنفيذ دعاوى الإفلاس. وبالنسبة إلى البنوك، فإن الأصول المحجوزة تملك في العادة سيولة متدنية جداً. وفي وسع تلك الوكالات والمؤسسات بلوغ عدد أكبر كثيراً من المشترين عن طريق عرض الأصول المصادرة "أون لاين".

وتبين للمحاكم الصينية بصورة خاصة أن "تاوباو" "بيمي" كان فعالاً. ومنذ سنة 2012 طرح أكثر من 610 آلاف مزاد على "تاوباو" إذ تم بيع ماقيمته أكثر من 460 مليار يوان (70 مليار دولار) من الأصول، بحسب وكالة أنباء شينخوا الرسمية نقلاً عن محكمة الشعب العليا في الصين.

وخلال الفترة ما بين يناير ويوليو عرضت محكمة واحدة في ناتونغ في مزاد 876 من الأصول بقيمة إجمالية بلغت 2.4 مليار يوان (364 مليار دولار)، وهي زيادة بنسبة 319 في المئة عن الفترة ذاتها من العام الماضي، بحسب صحيفة جيانغسو ليغال اليومية الرسمية.

لكن البعض يحذر من وجود خطر في الطريقة الجديدة التي تعالج الصين عبرها مشكلة ديونها. وبخلاف الأسهم والسندات، فإن التداول في الأصول المحجوزة يتطلب المزيد من الجهد، مما يعني أنها ليست ملائمة بالنسبة إلى مستثمري التجزئة، بحسب أوليفر روي وهو بروفسور العلوم المالية في كلية الدراسات التجارية الأوروبية الدولية في شنغهاي.

صناديق التحوط

وعلى سبيل المثال، فإن صناديق التحوط التي تشتري مثل تلك الأصول تعمل في بعض الأحيان بصورة مباشرة مع الشركات المتعثرة من أجل توفير استراتيجيات التفاف على أمل أن تتمكن من بيع تلك الأصول، التي اشترتها بأسعار أعلى لاحقاً. كما أشار مديرو الديون المعدومة المهنيون أيضاً إلى أن أنظمة الصين المالية والقضائية الغامضة تمثل تحديات كبيرة. وقال روي، إن "الأصول المحجوزة تنطوي على العديد من المشاكل، وهي قطعاً ليست منتجات تداول للعامة".

وقال متحدث باسم "علي بابا"، إن المشترين المهتمين قد تشجعوا "لفحص الأصول بأنفسهم قبل التقدم بعروض" مضيفاً أن الشركة كمنصة طرف ثالث لديها إجراءات مزاد واضحة ومتطلبات إيداع محددة لضمان شفافية البيع".

في غضون ذلك، يرى آخرون أن مثل هذه المزادات "أون لاين" تشكل تحولاً طويل الأمد، في ضوء توسع الكثير من الشركات الصينية، التي سوف تحتاج للاستحواذ على مزيد من الأصول. وقال كابرون من كابرون آسيا" إنها طريقة فريدة للبيع، إذ لا أستطيع أن أتخيل شراء طائرات بوينغ 747 عن طريق الدفع عبر بيبال، لكن في الصين هذا بات متاحاً في ظل تحول الصناعة بعيداً عن ممارسة الأعمال بأساليب تقليدية معتادة".