أظهر تقرير سري أعده مراقبو العقوبات بالأمم المتحدة أن بقايا أربعة صواريخ باليستية أطلقها الحوثيون اليمنيون على السعودية العام الحالي أكدت أنها من تصميم وتصنيع إيران، وهو ما يعطي دفعة لمسعى تقوده الولايات المتحدة لمعاقبة طهران المتهمة بزعزعة استقرار المنطقة.

وقالت هيئة مراقبي الأمم المتحدة المستقلة، في تقرير مؤرخ بتاريخ 24 نوفمبر الماضي، واطلعت عليه وكالة «رويترز» أمس الأول، إنه «ليس لديها حتى الآن دليل يؤكد هوية الوسيط أو المورد» الذي وفر الصواريخ المرجح أنها أرسلت للحوثيين في انتهاك لحظر مستهدف على السلاح فرضته المنظمة الدولية في أبريل 2015.

Ad

وذكر مراقبو الأمم المتحدة أنهم جمعوا أدلة على أن أجزاء الصواريخ نُقلت إلى اليمن ثم قام بتجميعها مهندسون من جماعة «أنصار الله» الحوثية والقوات الموالية للرئيس السابق علي صالح.

وكتب المراقبون «خصائص التصميم وأبعاد المكونات التي فحصتها الهيئة تتفق مع الخصائص والأبعاد التي تم الإبلاغ عنها بالنسبة إلى الصاروخ قيام-1 الإيراني التصميم والتصنيع»، ويبلغ مدى هذا الصاروخ نحو 500 ميل، ويمكنه حمل رأس حربية زنة 1400 رطل.

وجاء بالتقرير، أن المراقبين تفقدوا قاعدتين عسكريتين سعوديتين لرؤية بقايا الصواريخ التي جمعتها السلطات بعد الهجمات على المملكة في 19 مايو و22 يونيو و26 يوليو والرابع من نوفمبر.

كما تفقد المراقبون أربع «نقاط ارتطام» خلفها هجوم الرابع من نوفمبر، وتم رصد بقايا أخرى للصواريخ فيها.

ممرات تهريب

ورجح المراقبون في تقريرهم تهريب الصواريخ إلى اليمن عبر ممرات برية من سلطنة عمان أو الغيظة أو ميناء نشطون في محافظة المهرة اليمنية.

وزار المراقبون السعودية، بعد أن دعوا التحالف إلى تقديم أدلة تدعم ما تقوله الرياض من أن إيران تزود المقاتلين الحوثيين بالصواريخ، وحذروا من أن عدم فعل ذلك ينتهك قرارا للأمم المتحدة.

اعتراض باليستي

ونشر التقرير بعد ساعات من إعلان الرياض اعتراض قوات الدفاع الجوي السعودية صاروخا باليستيا انطلق من داخل الأراضي اليمنية مساء أمس الأول.

وقال المتحدث باسم التحالف الذي تقوده الرياض لدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، العقيد الركن تركي المالكي إن «الصاروخ كان يسير باتجاه مدينة خميس مشيط، وتم اعتراضه دون وقوع خسائر».

وتعد هذه المرة الثانية التي تعترض فيها القوات السعودية صاروخا أطلق من داخل اليمن خلال شهر.

وحذر المتحدث باسم التحالف من أن «السيطرة على الأسلحة البالستية من قبل المنظمات الإرهابية ومنها الميليشيات الحوثية المسلحة يمثل تهديدا للأمن الإقليمي والدولي، وأن إطلاقها باتجاه المدن الآهلة بالسكان يعد مخالفاً للقانون الدولي الإنساني».

وجاء اعتراض الصاروخ بعد ساعات من تهديد زعيم المتمردين عبدالملك الحوثي بالتصعيد في مواجهة السعودية إذا لم يرفع التحالف الحصار المفروض على اليمن.

وتواجه القوات التي تقودها السعودية، والداعمة للحكومة اليمنية، المقاتلين الحوثيين في الحرب الدائرة باليمن منذ ما يزيد على عامين. ووصف ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تزويد إيران المقاتلين الحوثيين بالصواريخ بأنه «عدوان عسكري مباشر».

صمت وهجوم

في غضون ذلك، لم تعلق بعثة إيران لدى الأمم المتحدة على طلب للتعقيب على تقرير مراقبي الأمم المتحدة.

وتنفي إيران تزويد الحوثيين بالأسلحة، لكنها تبرر هجمات الصواريخ على المدن السعودية، وتقول إن دعمها للمتمردين في اليمن يقتصر على الجانب المعنوي والاستشاري.

من جانب آخر، هاجم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الخليج، معتبرا أنها «خطيرة وسيئة التقدير».

وقال إن الضغوط التي تمارسها واشنطن لم تنجح سوى في «تقوية عزم إيران». وفي معرض حديثه في مؤتمر بروما، انتقد ظريف ترامب لسعيه إلى إعادة التفاوض على «الاتفاق النووي» المبرم عام 2015 بهدف الحد من برنامج إيران النووي. كما شكك في موقف الولايات المتحدة تجاه الأزمة بين قطر وجيرانها.

وأضاف أن ترامب لم يفهم طبيعة الاتفاق النووي، ويحاول إثناء المستثمرين الأجانب عن القيام بأعمال في إيران. وتابع: «على الرغم من ليّ الذراع تأتي شركات أوروبية أكثر وأكثر». وقدم الوزير الإيراني الشكر للرئيس الأميركي، معتبرا أن سياسة الضغط التي انتهجها على طهران تسببت في تقويه الجبهة الإيرانية الداخلية.

اقتتال صنعاء

إلى ذلك، استمرت حالة التوتر التي تعيشها العاصمة صنعاء جراء الاشتباكات الدامية التي اندلعت الأربعاء الماضي بين أتباع صالح والحوثيين، وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى.

وقال حزب الرئيس السابق مساء أمس الأول إن ثلاثة من الموالين لصالح سقطوا قتلى في اشتباكات استمرت لليوم الثاني مع قوات الحوثي المتحالفة معهم في العاصمة.

وجاء في بيان أصدره حزب «المؤتمر» أن 3 حراس قتلوا عندما هاجم الحوثيون منزل العميد طارق صالح، ابن شقيق الرئيس السابق، مضيفاً أنهم حاصروا منزل عضو الحزب ووزير الخارجية في الحكومة المتمركزة في صنعاء هشام شرف.

واتهم البيان عناصر الجماعة الحوثية بانتهاك اتفاق لوقف اطلاق النار بينهما، فيما ترددت أنباء عن نجاح وساطة قبلية في تثبيت اتفاق آخر للتهدئة بين الطرفين.

وأجبرت الاشتباكات بعض السكان على الفرار من مناطق الاقتتال الذي دار بالمدفعية الثقيلة وقاذفات الصواريخ، واحتدم لساعات لليوم الثاني على التوالي.

وكان أربعة من مؤيدي صالح قتلوا عندما اندلع اقتتال، بعد أن اقتحم الحوثيون مجمعا يضم مسجد المدينة الرئيس، وأطلقوا قذائف آر. بي. جي وقنابل.

وتبرز الاشتباكات مدى تعقد الوضع باليمن، إذ شهد تحالف الرئيس عبدربه منصور هادي اقتتالا داخليا أيضا بين مقاتليه وقوات جنوبية مطالبة بالاستقلال تدعمها دولة الإمارات العضو الرئيس بالتحالف العربي.