قانون العقوبات الأميركي قنبلة موقوتة لترامب وبوتين
ما زال على إدارة ترامب أن تطبق العقوبات الجديدة على روسيا بالكامل، وثمة إشارات كثيرة إلى أنها تماطل ومترددة في ذلك، لكننا نقترب بسرعة من تلك المهلة الأخيرة في شهر فبراير قبل الانتخابات الروسية.
في روسيا يستمر الأمل الذي تؤججه الدعاية رغم كل الظروف المعاكسة، ويتجلى ذلك خصوصاً في وكالة أنباء تاس، فقد ذكر سيرغي زيليزنياك، عضو في لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما، أن أوروبا بدأت تدرك واقع أن سياسة العقوبات التي تتبعها ضد موسكو "عقيمة ولا طائل فيها"، يجب أن نقر بهذه الميزة الروسية: تسعى روسيا وراء بعض الأهداف بلا هوادة.تكشف الوقائع أن روسيا ترغب بشدة في التخلص من العقوبات الدولية التي فُرضت عليها في أعقاب تدخلها العسكري عام 2014 وضمها بعض أراضي أوكرانيا، صحيح أن هذه العقوبات لا تُناقَش كثيراً في بريطانيا، إلا أنها تبقى مهمة. تُعتبر هذه العقوبات جوهر التحقيق في العلاقة بين ترامب وبوتين وفي التواطؤ المزعوم بينهما: فضيحة ترامب "روسيا غايت" المحتملة. شكّل السعي إلى التخفيف من العقوبات جزءاً من لقاء يونيو الشهير عام 2016 بين مبعوثي روسيا ومسؤولي حملة ترامب، بمن فيهم ترامب الابن. كانت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية عندما فُرضت العقوبات، وكان هذا أحد الأسباب الرئيسة التي دفعت نظام بوتين وجيشه من قراصنة الإنترنت، وروبوتاتها، ومتصيديها للعمل بجد على تحطيمها، هذا إذا لم يساهموا أيضاً في وصول ترامب إلى سدة الرئاسة.لا تزال هذه المسألة تعتمل تحت الرماد، إلا أنها قد تنفجر في شهر فبراير حين يُمرَّر على الأرجح تشريع أميركي يشمل مجموعة واسعة جديدة من العقوبات، وقّع ترامب بتردد مشروع القانون في شهر أغسطس بعدما مُرّر بالإجماع تقريباً في الكونغرس، الذي أراد منع ترامب من التخفيف من العقوبات بمفرده عقب صدور التقارير الاستخباراتية الأميركية عن تدخل روسيا في الانتخابات. وقد دُعي هذا القانون بكل وضوح "التصدي لخصوم الولايات المتحدة من خلال العقوبات".
لن يخضع أثرياء روسيا لتدقيق أميركي غير مسبوق فحسب، بل ستشمل هذه العملية أيضاً أعضاء عائلاتهم وكل مَن يتعامل معهم في الغرب. لكن العقوبات الشخصية التي تستهدف النخبة الثرية الحاكمة تسبب مشكلة حقيقية لسيطرة بوتين على السلطة. تقوم روسيا على نظام كليبتوقراطي مستبد، ويعتمد ولاء النخبة للرئيس إلى حد كبير على الحماية التي يضمنها لها، ويستعد بوتين في سن الخامسة والستين لانتخابات جديدة في شهر مارس، إلا أنه يريد أن يضمن أن يبقى نظام الحكم الذي بناه محصناً. تكره النخبة الثرية الحاكمة العقوبات، وخصوصاً أن هذا يصعّب عليها الاستمتاع بالثروات التي كدستها ووضعتها في الخارج في منشآت فاخرة في لندن، ونيويورك، وريفييرا أو في شبكة واسعة من الحسابات في الخارج، كما تكشف وثائق بنما.ربما يتمتع بوتين بشعبية كبيرة، لكن ليس لدى النخبة الثرية الحاكمة، وفي المقابل يؤكد ترامب أنه لا يملك ما يخفيه، وأنه يصدق إنكار بوتين تدخل روسيا، إلا أن مسألة العقوبات تبقى حاضرةً دوماً في الخلفية، فخلال رحلة ترامب إلى آسيا اشتكى من أن "روسيا تعرضت لعقوبات قوية جداً... فُرضت عليها العقوبات على مستوى رفيع وحدث ذلك مؤخراً. ولكن آن الأوان لبدء عملية الشفاء".ما زال على إدارة ترامب أن تطبق بالكامل العقوبات الجديدة، وثمة إشارات كثيرة إلى أنها تماطل وأنها مترددة في ذلك، لكننا نقترب بسرعة من تلك المهلة الأخيرة في شهر فبراير قبيل الانتخابات الروسية، فقد تفصل بين بوتين وترامب مسافة ثمانية آلاف كيلومتر تقريباً، إلا أنهما يستطيعان سماع تكات الساعة بكل وضوح.* «ناتالي نوغايريد»