تعد هزيمة 5 يونيو 1967، الحدث الأكثر مفصلية في تاريخ مصر والعرب المعاصر، فما كان قبل هذا التاريخ من أحلام عريضة وخطب رنانة وتصريحات تبشر بدنيا جديدة تحطم بقسوة على جدار الهزيمة، فقد استيقظ المصريون ومعهم العرب على كابوس لم تنته تداعياته بعد، فالهزيمة على يد إسرائيل جاءت في وقت استسلم الجميع لغواية دعاية نظام جمال عبد الناصر.صدّق الشعب أن ساعة إلقاء العدو في البحر حانت، الجيش المصري الذي لم يكن يملك من القوة إلا اسمها، انكشف في أداء مخيب يعكس الفساد الذي ضرب بأطنابه في أركان الدولة الناصرية، فحصلت إسرائيل على تفوق غير مسبوق على المجموع العربي الذي خرج من التاريخ ودائرة الفعل.
ومع حلول الذكرى الخمسين لهزيمة يونيو، قرر ستة من الباحثين، هم بلال علاء وخالد فهمي وخالد منصور وسامح نجيب ومحمد العجاتي ومصطفى عبد الظاهر، إلقاء نظرات بحثية مختلفة على الأسباب التي قادت إلى الهزيمة وتركت آثارها على الوضع العربي منذ ذلك التاريخ، في كتاب بعنوان "في تشريح هزيمة يونيو 1967 بعد خمسين عاما"، أصدرته دار المرايا بالقاهرة، وتستعرض "الجريدة" أهم ما جاء فيه على عدة حلقات.يرى خالد منصور، وهو محرر الكتاب، في مستهله أن "الاعتراف بالهزيمة، التي أطلق عليها لأسباب سياسية اسم (النكسة)، ومحاولة فهم أسباب وتعقيدات هذه الحرب، وما أدت إليه من تغيرات ساحقة داخل مصر وإقليمياً على الصُّعُد السياسية والاجتماعية والاقتصادية، أمر مهم قد يساعدنا في فهم تحديات سياسية كبرى راهنة في مصر وسورية والأردن، بل ودول عربية أخرى".وأضاف: "لعل رؤية الأمور بعد خمسين عاما تكون أوضح بالمقارنة بمن كانوا في قلب ضباب الأحداث، ولكن هذا الضباب لم يكن مفروضاً على مصر وقيادتها، بل كان من اختيارها وصنعها، بفعل نظام سياسي قائم على الثقة وأمن الحاكم وجماعته، نظام يفتقر إلى آليات للمحاسبة والمساءلة وينقصه فهم واضح ومدعوم شعبياً لأولويات الأمن القومي... لقد هزمت قيادة مصر ونظامها بيدها قبل أن تهزمها إسرائيل".وأشار إلى أن النظام الناصري خاصم - منذ منتصف الخمسينيات- السياسة بمعناها المؤسسي وفضل عليها تأمين النظام الحاكم، معتقداً أن النظام هو الأكثر دراية ومعرفة بمصالح مصر وأمنها القومي، ارتكن النظام إلى الجيش وأجهزة الأمن، إذ "تنطلق فكرة الكتاب من فرضية أساسية، وهي أن هزيمة 67 ليست فقط ماضياً نتعلم دروسه ولكنها حاضر حي، بمعنى أنها حدث تأسيسي لحقبة ما زلنا نعيشها حتى اليوم، ومن ثم فإن تقييمنا للهزيمة وأسبابها وسياقها هو بحث في جذور حاضرنا ومعانيه الكبرى".
الهزيمة المحتومة
في أول فصول الكتاب يستعرض خالد منصور، سياق ووقائع حروب الأيام الستة والتي أدت إلى هزيمة رآها حتمية، قائلا: "يقلل تعبير (النكسة)، الشائع في العالم العربي، لوصف الهزيمة المروعة، من هول ما حدث ومن آثاره الكارثية على ملايين البشر لعشرات السنين التالية على الهزيمة الساحقة التي ألحقتها إسرائيل بجيوش مصر وسورية والأردن في أقل من ستة أيام، ولذا من المهم أن نقر ونستعمل كلمة (الهزيمة) لوصف ما حدث، إذ إن الإقرار بالهزيمة قد يساعدنا على فهم تحديات سياسية هائلة تواجهها عدة أنظمة عربية". يستعرض منصور المسار الذي أدى لإعلان الحرب، بالحديث عما قيل بشأن تصعيد على الحدود الإسرائيلية السورية، وبدأ العد التنازلي للحرب في 23 مايو 1967، ففي ذاك الصباح، أعلنت إذاعة القاهرة إغلاق مضايق تيران المؤدية إلى خليج العقبة أمام الملاحة الإسرائيلية.هددت تلك الخطة موارد إسرائيل من السلاح والبترول، حيث صار من المتعين على السفن التي تحمل البترول لإسرائيل من إيران، التي كانت ساعتها تزود إسرائيل بقرابة 70 في المئة من احتياجاتها البترولية، أن تدور حول رأس الرجاء الصالح... جاء القرار في وقت أعلنت فيه إسرائيل أنها ستعتبر إغلاق خليج العقبة بمثابة "إعلان حرب" (casus belli) ضدها.ومن الأمور المحيرة، ادعاء دمشق أن هناك حشوداً إسرائيلية على حدودها، لكن مصر لم تصدق السوريين ووزير دفاع حافظ الأسد حتى يوم 13 مايو، عندما وصل تقرير سوفياتي لمصر عن طريق عدة مصادر، يؤكد وجود 11-13 لواء إسرائيليا مقسما بين جنوب وشمال بحيرة طبرية، أخذ عبد الناصر وعامر والسادات التقرير السوفياتي الآتي من قنوات اتصال مختلفة بجدية لا تتناسب مع ظروف نقله، فالأرشيف السوفياتي لا يحوي أية معلومات عن هذا التقرير.زار الفريق محمد فوزي رئيس أركان الجيش المصري بنفسه سورية يوم 14 مايو، وذهب إلى الجبهة، لكنه لم يجد شيئاً مريباً، لكن المشير عامر انطلق في طريقه وقرر حشد قوات عسكرية في سيناء، مؤكداً لناصر أن الإسرائيليين بهذا سيفكرون مرتين قبل الإقدام على غزو سورية.إغلاق المضايق
في 15 مايو اجتمع عامر مع قادة الجيش وقرر إرسال تعزيزات عسكرية إلى سيناء، وعرف العالم في يومين أن مصر تحشد قواتها، وخلال أيام طلبت القاهرة سحب قوات المراقبة التابعة للأمم المتحدة المنتشرة على الحدود مع إسرائيل، والمذهل أن عبد الناصر طلب من المشير عامر أن ينص في الخطاب المرسل للجنرال أي جيه ريكي، قائد قوات المراقبة أن "يعاد نشر القوات" إلى الحدود الدولية ( أي إلى داخل غزة التي كانت مصر تسيطر عليها آنذاك) بدلاً من النص في المسودة التي كتبها عامر على طلب "سحب كل القوات".لكن عامر تجاهل أو تقاعس أو أخطأ وأرسل الخطاب الأصلي دون التعديل الذي طلبه ناصر، ويقول ريكي في مذكراته إن سحب القوات تماماً لم يكن له سوى معنى واحد: أن مصر قررت خوض الحرب.ويخلص منصور إلى أن عامر وناصر يتحملان هذا الخطأ التاريخي مشتركين، لكن لو كان هناك شركاء آخرون في ميدان السياسة في البلاد، برلماناً كان أو إعلاماً أو أحزابا سياسية أو منظمات أهلية، لكان عامر بالتأكيد قد اختفى بمصائبه من على مسرح السياسة بعد أخطائه الفادحة في حرب 1956، وفي إدارة الوحدة مع سورية (1958-1961) وبعد فشله في حرب اليمن (1962-1967)، "لكن في ظل حكم مؤسسة أخرجت الشعب بأكمله من مجال السياسة وقررت الحديث باسمه وتمثيله، فإن الفشل في أحيان كثيرة ليس اختياراً، بل قدر شبه محتوم".نظريات خاطئة
ويفند منصور عددا من الأساطير التي حامت حول الهزيمة، قائلا: النظريات المسيطرة على تفكيرنا إزاء هزيمة مصر في حرب 1967 مع إسرائيل، أن مصر وقعت ضحية مكيدة مدبرة، وهذا ببساطة تفكير أسطوري لا دليل عليه، النسخة الأفضل والأكثر إتقاناً من هذه المقاربة، هي ما يقدمه محمد حسنين هيكل في كتاب "الانفجار" الصادر سنة 1990.يرى هيكل أن عبد الناصر كان ضحية مؤامرة ضخمة قادتها إسرائيل والولايات المتحدة منذ أواخر الخمسينيات وكانت ذروتها حرب 67، وأن أضلاع المؤامرة الثلاثة ومخططيها في الولايات المتحدة كانوا من تجار السلاح وعملاء المخابرات وشركات البترول، وانضمت إسرائيل لهم.المشكلة الرئيسية في نظرية هيكل المفصلة والمحبوكة، بحسب خالد منصور، والتي توفر ببساطتها معاناة كثيرة في محاولة فهم تعقيدات الواقع من زواياه المختلفة، أنها لا تستند إلى أية أدلة قوية أو معتبرة، بل هي مجرد قرائن واستنتاجات ومغالطات منطقية لإثبات نوايا وسياسات أميركية.العلاقة مع واشنطن
وذهب خالد منصور إلى أن العلاقات المصرية الأميركية لم تكن بالسوء الذي يروج له النظام المصري، إذ "لم تكن الولايات المتحدة متجهة إلى صدام حتمي مع مصر، بل كانت تحافظ على شعرة معاوية... فقد استمرت واشنطن في تقديم صفقات قمح بترتيبات تفضيلية إلى مصر، وصلت إلى 904 ملايين طن بين عامي 1960 و1965 بقيمة إجمالية 731 مليون دولار، دفعتها مصر بالجنيه المصري دون الحاجة إلى توفير العملة الصعبة".وتابع: "الفارق كان مرعباً بين ادعاء رفع الرأس أمام الخارج والتشدق بعدم الانحياز في الخطب البلاغية، وبين واقع أن البلاد صارت بعد سنوات طويلة من الاستقلال تحصل على سلاحها وغذائها من الخارج وتقمع أية فرصة للتحول السياسي نحو مشاركة شعبية في دولة بدأ الفساد ينخر في مؤسساتها، خصوصاً المؤسسة العسكرية". ففي أوج التوتر بين مصر والولايات المتحدة، لم يتورع الرئيس ناصر عن السخرية المرة وإطلاق التهديدات الفارغة التي استعملها أعداء مصر في الكونغرس وواشنطن ضده، ففي خطابه في بورسعيد في 22 ديسمبر 1964، تحدث ناصر عن الولايات المتحدة قائلاً: "الذي لا يعجبه سلوكنا يشرب من البحر، والذي لا يكفيه البحر الأبيض يأخذ البحر الأحمر يشربه كمان"، جاء هذا التصريح غير المبرر في السنة ذاتها التي استهلكت فيها مصر ثلاثة ملايين ونصف مليون طن من القمح، منها مليونا طن (أو أكثر من 57 في المئة) حصلت عليهما بأسعار تفضيلية من واشنطن.مرة أخرى، لا أحد ينكر أن واشنطن كانت تسعى إلى إفشال خطط وسياسات مصر الخارجية المناقضة لمصالحها، لكن رغم ذلك فالحرب بين مصر وإسرائيل لم تكن حتمية... ربما كان ناصر بذاته هدفاً لبعض الخطط الأميركية من أجل إضعافه، وذلك لأن الكل يظن أنه إذا اختفى من على المسرح فستختفي معظم سياساته وتوجهاته التي تؤيد الحركات التحررية وتعادي سياسة الولايات المتحدة... وفي الحقيقة كان هذا بالضبط ما أنجزه السادات في وقت قصير بعد وفاة ناصر.وأشار منصور إلى نقطة مهمة تتعلق بإدراك عبد الناصر أن التراجع عن الحرب بات مستحيلاً بعد إغلاق المضايق، "فلماذا لم يبدأ عبد الناصر الحرب؟ لماذا ترك زمام المبادرة في يد إسرائيل؟ هل هو خطأ في التقدير؟ خطأ في الاستراتيجية العسكرية؟ نقص في المعلومات؟ أم تدنٍّ مريع في قدرات وأداء قيادة عسكرية عجز عبد الناصر عن تغييرها وعن إصلاح مؤسسة كانت في اعتقاده هي الضامن الرئيسي لبقائه هو ومشروع الطموح في السلطة؟".خطة إسرائيل
أما إسرائيل، فلم يكن لديها، حسب كل المصادر المتاحة والمعتبرة، سوى خطط طوارئ بديلة، وهي خطط تعدها كل المؤسسات والجيوش والشركات الحديثة لمواجهة الاحتمالات المختلفة... بل إن قطاعاً واسعاً من سياستها، خصوصاً من الحرس القديم بقيادة بن غوريون، كان يسعى بقوة لتفادي أية مواجهة مع مصر، ويظهر ذلك جليا في أحاديث بن غوريون مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إسحق رابين حتى قبل حرب يونيو بأيام، وذلك وفقا للمصادر الإسرائيلية التي يعرضها مايكل أورين في كتابه عن حرب يونيو.على أي حال، فما حدث هو أنه بعد قرار عبد الحكيم عامر غير المدروس بدفع عدة فرق إلى سيناء، زاد قلقل إسرائيل بعد أن انتهى احتفالها بعيد إنشاء الدولة (أي بالنكبة التي لحقت بالعرب في 15 مايو 1948)، كان رابين متردداً بين "ألا نفعل شيئاً مما قد يوحي للمصريين أننا لا نعلم تحركاتهم أو لا نهتم بها، وساعتها ربما زادهم هذا جرأة على مهاجمتنا، وبين أن نبالغ في رد فعلنا فتتأكد مخاوف العرب أن لدينا نوايا عدوانية حالياً، فنساهم ساعتها في إشعال حرب غير مرغوب فيها على الإطلاق".ومن ناحية أخرى، اتفقت تقديرات المخابرات الأميركية مع التقديرات الإسرائيلية على أن التحركات المصرية العسكرية "استعراضية" بغرض التهويش، وربما بغرض تخفيف الضغط الإعلامي المقبل من السعودية والأردن وسورية، من هنا وافق رئيس الوزراء أشكول، وفقا لكتاب مايكل أورين، على القيام برد فعل محسوب، لكن دون استدعاء الاحتياطي.في المقابل واصل عبد الناصر خطبه وتصريحاته عن الاستعداد للحرب، وأنها ستكون حرباً فاصلة، بينما واصل عامر دفع قواته إلى داخل سيناء، على رغم أنه ما كان ينوي سوى التخويف في الأغلب، بعد أن دفعه ناصر للتخلي عن خطط هجومية خيالية، لكن وصول 70 ألف جندي إلى سيناء، هز رابين وقادة العسكرية الإسرائيلية.وفي 17 مايو، قامت طائرتا ميج 21 من سلاح الجو المصري بطلعة استطلاعية فوق مفاعل ديمونة النووي في صحراء النقب، فتذكر الإسرائيليون تهديد عبد الناصر في اجتماع مع الأميركيين في 1964، بأنه لن يقبل أبداً أن يمتلك الإسرائيليون قنابل ذرية، حتى لو اضطر إلى شن حرب انتحارية.خلال ساعات رفع الإسرائيليون درجة استعداد الجيش، ووضعوا سلاح الطيران على أهبة الاستعداد، وفي 19 مايو قدرت المخابرات العسكرية الإسرائيلية برئاسة أهارون يارييف أن لدى مصر 80 ألف جندي في سيناء، معهم 550 دبابة وألف مدفع، وطالب الأميركيون إسرائيل صراحة بعدم البدء بالهجوم، فتعهد الإسرائيليون بهذا شرط ألا تقوم مصر بإغلاق مضايق تيران، لكن مصر أغلقته في 23 مايو.حبر على ورق
وأشار منصور إلى تضارب خطط القوات المسلحة بسبب ضعف مستواها التدريبي، فكانت هناك على الأقل أربع خطط، الخطة "قاهر" للقوات التابعة للمنطقة الشرقية، والخطة "فهد" للقوات الجوية، والخطة "فجر" لعزل جنوب إسرائيل عن ميناء إيلات، والخطة "سهم" لقطع الطريق على القوات الإسرائيلية بين رفح وغزة، لكن كل هذه الخطط لم تكن سوى "حبر على ورق"، إذ لم تكن هناك إمكانات لتنفيذها، ولا معلومات دقيقة عن العدو، ضاربا المثال بمحاولة التصوير الجوي لميناء إيلات والتي التقطت عن طريق الخطأ صورا لميناء العقبة الأردني.فلم يهتم القادة بتدريب وحدات الجيش في مناورات فعلية، إذ لم تقم القوات المسلحة بمناورات للجنود منذ مناورة 1954، في طريق مصر الإسكندرية الصحراوي، فيما كانت تقارير ضرب النار تزيف أحيانا، لذا لم تكن القوات جاهزة عندما أرادت القوات المسلحة التعبئة للحرب، فرغم صدور 178 أمر استدعاء، كان النقص في القوات صبيحة المعركة يزيد على 33 في المئة، فمن بين 120 ألف جندي احتياطي، استجاب 80 ألفاً فقط وتخلف 40 ألفاً، بل إن التخبط دفع جنود الاحتياطي إلى الحدود بـ "جلاليبهم" وبمعدات غير صالحة، وكان هذا الوضع في مختلف الأسلحة الأخرى.بدورها قدمت المخابرات الحربية في 24 مايو تقييما قارنت فيه القوات المصرية بالإسرائيلية ادّعت فيه أن مصر متفوقة عسكريا على إسرائيل، وهو أمر غير صحيح على الإطلاق، إذ كان لدى إسرائيل 1.7 ضعف ما لدى مصر من المشاة، وتقريبا ضعف ما لدى مصر من المدرعات، وأكثر من 250 في المئة مما لدى مصر من طيارين "ربما لو كانت القيادة العسكرية والسياسية قد علمت بقوة إسرائيل الفعلية بدلا من الهراء الوارد في تقارير المخابرات الحربية لفكرت مرتين في قرار الحرب".ويشدد منصور على أنه "لم يكن السبب الرئيسي وراء هزيمة مصر الساحقة في 1967 التخطيط الأفضل والتفوق النسبي في الأسلحة والمعدات على الجانب الإسرائيلي فحسب، بل كذلك تخبط المؤسسة العسكرية المصرية بداية من التعبئة السيئة التي قامت بها للقوات، إلى الخطط المتضاربة للقتال، نهاية بالمأساة التي ستظل نقطة سوداء في تاريخ كل مسؤول عنها، وهي الانسحاب غير الضروري وغير المنظم لعشرات الآلاف من الجنود المصريين".الأداء المزري للمصريين كان بمثابة مفاجأة للإسرائيليين، الذين لم يصدقوا الانسحاب غير المنظم للقوات المصرية، ويخلص منصور إلى أن الأداء الكارثي في إدارة المشهد الذي قاد إلى هزيمة يونيو منح الإسرائيليين كل ما يريدون "على طبق من فضة"، من القضاء على الدول المجاورة، وضم الضفة الغربية والقدس، وإسقاط أسطورة عبد الناصر.وكان طبيعيا انبهار واشنطن بهذا النصر فعمقت تحالفها الوليد مع إسرائيل، وكان هذا كله هزيمة ساحقة لمصر والدول العربية المجاورة لإسرائيل، "هزيمة ما زالت آثارها واضحة على خريطة المنطقة حتى بعد مضي نصف قرن على تلك الأيام الستة في يونيو 1967".