لا يمكن لمتتبع مسيرة مجلس التعاون الخليجي منذ انطلاقه عام 1981 أن يغفل عن البصمة التاريخية والعزيمة الصلبة لدى شخصيات فذة من القادة الخليجيين والآباء المؤسسين الراحلين ممن حولوا الحلم إلى حقيقة رغم كل الصعاب حتى أضحى مجلس التعاون مؤسسة إقليمية رائدة تحمل هوية أصيلة وعلى عاتقها طموحات وتطلعات شعوبها.

ويذكر التاريخ بكل فخر قادة الدول الست الشقيقة ممن أسسوا وعملوا بكد حتى وصل المجلس إلى مكانته الكبيرة وهم وإن رحلوا عن دنيانا فإن أعمالهم وذكراهم تبقى شاهدة عليهم إذ وضعوا لبنات مجلس التعاون الخليجي وهم الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح والأمير الوالد الراحل الشيخ سعدالعبدالله السالم الصباح ورئيس دولة الإمارات العربية الشقيقة الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وعاهل المملكة العربية السعودية الشقيقة الملك الراحل خالد بن عبدالعزيز آل سعود وخادم الحرمين الشريفين الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز آل سعود وخادم الحرمين الشريفين الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز وأمير دولة قطر الراحل الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني وأمير دولة البحرين الراحل (حينما كانت إمارة) الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة رحمهم الله جميعاً.

Ad

وبالنسبة لفكرة مجلس التعاون الخليجي فإن التاريخ يسجل للأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمهما الله جهودهما في بدء رحلة المجلس من أول اجتماع ثنائي بينهما في أبوظبي في سبيعينات القرن الماضي تلته رحلات مكوكية قام بها الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح رحمه الله حين كان ولياً للعهد وزار كلاً من السعودية والبحرين وقطر وعمان مروراً باقتراح الاستراتيجية الخليجية المشتركة في مؤتمر القمة العربية الـ 11 في العاصمة الأردنية عمان في نوفمبر عام 1980.

وبدورها، أولت المملكة العربية السعودية اهتمامها بالشأن الخليجي منذ القمة التأسيسية للمجلس في أبوظبي إذ عبر الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله عما يحمله من رؤية ثاقبة تجاه إنشاء هذا الكيان بقوله عقب وصوله إلى أبوظبي حينها «إننا نتطلع أن يكون في هذا التجمع الخير للأمة الإسلامية».

كما قام خادم الحرمين الشريفين الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله بدور مهم في هذا المجال لما قدمه من عطاء ورعاية للمجلس منذ نشأته ثم انطلاقته إذ وقف في الدورتين الأولى والثانية يشد من عضد أخيه جلالة الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله ثم حمل المسؤولية انطلاقاً من الدورة الثالثة التي عقدت في المنامة عام 1982.

ولا يمكن نسيان الموقف الرائد والمشرف الذي وقفه الملك فهد رحمه الله تجاه الغزو العراقي للكويت الذي دل على شجاعته وحنكته وحكمته فمنذ اليوم الأول للغزو قام بمسؤولياته الثقيلة بكل قوة واقتدار واتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب بوقف العدوان على أرض الكويت وسيادته واستقلاله ومقدراته.

وقال رحمه الله في كلمته بالدورة الحادية عشرة للمجلس في الدوحة 1990 «اتخذنا قراراً بعودة الكويت سلماً ما أمكن السلم وحرباً حين لا يبقى سوى الحرب» ولا ينسى له الكويتيون مقولته الشهيرة

«يا تبقى الكويت والسعودية يا ننتهي سوى.. وإذا راحت كرامة الكويت راحت كرامة السعودية».

أما خادم الحرمين الشريفين الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله فسار على المنوال ذاته ففي الدورة الـ 11 التي عقدت في البحرين عام 2000 ركز رحمه الله وكان ولياً للعهد حينها على ضرورة تطوير التعاون بين الدول الأعضاء وتنمية القدرة الدفاعية الذاتية الفاعلة لدول المجلس.

كما أكد بعد ذلك أن الوقت قد حان «لنجعل من هذا الكيان قوة فاعلة ورافداً للخير والنماء تتفيء ظلاله دولنا وتنعم بثمراته شعوبنا ومنطقتنا» وتابع رحمه الله الاهتمام بالقضايا الخليجية وتحقيق رفعته وعزته.

ولا يمكن أن يغفل المتابع للدور الكبير والبارز لأمير دولة قطر الراحل الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني في تأسيس المجلس وتعزيز التعاون والترابط الخليجي ومساهماته الكبيرة فيه إذ كان رحمه الله عضواً فاعلاً ومشاركاً حكيماً.

بدوره سطر أمير البحرين الراحل (حينما كانت إمارة) الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة رحمه الله سجله الناصع في تأسيس وتاريخ المجلس إذ لطالما أكد رحمه الله ضرورة السعي لإعطاء روح جديدة للعمل الخليجي المشترك وتعزيز الأمن الجماعي وتطوير وتنشيط التعاون الاقتصادي ودفع المسيرة الخيرة نحو آفاق أرحب.