أصدرت أخيراً كتاباً جديداً مستوحى من أربع قصص حقيقية، فما الذي رصدته فيها؟ أطلق كتابي الجديد بعنوان «عاشق سعودي» ضمن حفل توقيع في فعاليات «معرض بيروت العربي الدولي للكتاب»في الثامن من ديسمبر الجاري. يتضمن أربع قصص حب مستوحاة من حكايات حقيقية لأشخاص تعرفت إليهم، وتابعت تفاصيل علاقاتهم العاطفية عن قرب، وكنت شاهدة على لحظات فرحهم وإحباطاتهم. رصدت هذا كله في كتابي الجديد من خلال نبض رومانسي واقعي، في وقت تسرد قصص الحب في كتب أخرى حكايات «متخيلة»، لا تمس إيقاع الحب الحقيقي الذي نعيشه في هذه الأيام.
ما الرسالة التي أردت توجيهها من خلاله؟الحب هو المعادلة الأصعب والأسهل في حياتنا. هو العنوان الذي يرسم البسمة على وجوهنا ويبكينا في الوقت عينه. هو الشيء ونقيضه. ورغم ذلك نلهث وراءه كونه فطرتنا التي من دونها نتخلى عن إنسانيتنا. وبالطبع عندما أكتب عن الحب أسرد الأحداث كما هي بكثير من «الملح والبهار» كما يقولون، وأترك لنفسي حرية اختيار النهاية المناسبة للحكاية بغض النظر إن كانت حدثت مع أبطالها في الحياة أم لا. أيى واحدة من شخصيتيك ترسمين في كتاباتك: الروائية أم المرأة التي تعاني وتحب وتحلم وتطمح؟كلتاهما، المرأة التي تعاني وتحب وتحلم وتطمح، والروائية الجميلة الراغبة في الحب والكتابة عنه. هذا ما أشرت إليه في مقدمة كتابي «عاشق سعودي». أريد أن أشير إلى ما قاله لي أصدقائي حينما أخبرتهم عزمي الكتابة عن الحب، تحمس الجميع، وانهالت علي أفكارهم وتشجيعهم، إلا أن ما جمعهم هو رغبتهم في نهايات سعيدة حتى ينتصر الحب على الورق آملين بأن ينتصر في الحياة. أنا مثل أصدقائي أكتب بنبضي الإنساني المتكئ على الواقع بكثير من الخيال، ليرى القارئ نفسه على صفحات كتبي فيشعر بأنه متماه مع أبطالي، بدلاً من أن يحلق في سماء الفانتازيا!
سلاح الحب
تتمحور روايتك الأخيرة «راقصة داعش» حول قصة حب بين فتاة سورية ومقاتل من داعش، فهل تقصدين من خلالها القول إن الحب لم يصدر نعيه بعد رغم كل البشاعات؟لا يمكن للحب أن يصدر نعيه لأن حتى الشيطان قادر على ممارسة فعل الحب لكن على طريقته!تدور أحداث الرواية بين الرقة ومنبج في سورية، وعرسال اللبنانية وبازرجق التركية، فهل أردت من خلالها التأكيد أن الحدود المصطنعة بين الناس في هذه المنطقة من العالم يمكن كسرها بسلاح الحب؟صحيح أن روايتي «راقصة داعش» تسرد قصة حب بين مقاتل في داعش وفتاة سورية لكن لا يمكن اختزالها في هذه النقطة لأنها أبعد من ذلك بكثير. هي الرواية الأولى في مجال الكتابة الأدبية عن تنظيم الدولة الإسلامية. رسمت فيها خطين دراميين: يتعلق الأول بالبطلة «بتول» التي أجبرت على ترك بلدتها منبج في سورية قبل أن يجتاحها داعش لتعيش حياة اللجوء في عرسال. وفي مقابل ذلك، نرى بطل الرواية «عمر» الذي قرر في لحظة غضب بعد وفاة والدته الانضمام إلى داعش، مروراً بحكايات مقاتلين أعلنوا ولاءهم للدولة الإسلامية بحرق جوازات سفرهم... باختصار، تحكي الرواية حكايات اللاجئين السوريين على طرق الاشتياق إلى وطنهم بين بلدة عرسال اللبنانية وتركيا والرقة الممهورة بالدم والدموع... إلا أن النقطة الأساسية في هذا كله انتهاء العمل بالأمل!أين أصبح مشروع إنتاجه سينمائياً؟ تحوّل العمل إلى مسلسل أعكف على كتابة حلقاته من أجل العرض في نهاية عام 2018 خارج الموسم الرمضاني.«90 يوماً في السعودية»
أصدرت عام 2013 كتاب «90 يوماً في السعودية: يوميات صحفية لبنانية»، كيف قاربت القضايا في المجتمع السعودي، من وجهة نظر الروائية أم الصحافية أم الباحثة؟رأيي ليس موجوداً في الكتاب، لا بل تقصدت أن أضعه جانباً، كوني أكتب عن بلد زرته في مهمة عمل وتحوّل الأمر إلى مشروع عمل أدبي. من الصعب أن تكتب عن غير وطنك لأنك بشكل قصدي تضع نفسك في خانة الخوف من الاتهامات إذا تطرقت إلى أمور قد لا تنال إعجاب الطرف الآخر. من هنا قررت عند كتابة «90 يوماً في السعودية» أن أكتب بنبض صحافي بحت. لم أخطط للكتابة عن السعودية، بل وجدت نفسي منخرطة في هذا الأمر، ومندفعة إليه من دون سابق إنذار، بعدما وصلت إلى الرياض بدافع عملي الصحافي التلفزيوني. ما أبرز ما رصدته في مشاهداتك؟حملت الكثير من الأفكار المسبقة حول النساء وأحوالهن والقيادة والحجاب والاختلاط وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغيرها من أمور جدلية حول الشق الاجتماعي السعودي. لكنني قررت وضع كل ما سمعته جانباً ما إن وطأت قدماي مطار الملك خالد في الرياض. أردت اسكتشاف هذا البلد بنفسي من دون تأثير من أحد، فانخرطت في المجتمع السعودي، وتجولت في الشوارع والمحلات التجارية. استمعت إلى أحاديث سائقي التاكسي السعوديين، وزرت المشاغل النسائية، كذلك حضرت الجلسات النسائية في عطل نهاية الأسبوع، ووقفت على خباياها. واستمعت إلى هواجس المثقفين والعلاقات بين الرجال والنساء وغيرها من أمور. رصدت هذا كله بطريقة عشوائية، فشكل لاحقاً مادة دسمة تستحق التدوين. كان فعل الكتابة خلال أيامي التسعين في السعودية من دون هدف واضح، لأن الرغبة في الاكتشاف كانت أكبر من أي شيء آخر. كنت أمام عالم غني بالحكايات والاختلافات والتناقضات، ما حفزني على تحويل مشاهداتي ويومياتي السعودية إلى كتاب يسجل تسعين يوماً قضيتها بين الرياض وجدة.ما الذي دفعك إلى إصدار هذا الكتاب؟أهتم بقضايا النساء لأنني امرأة، وأنطلق في عملي الصحافي من هموم النساء. كما أن عالمهن غني بالخبايا التي لم يمط عنها اللثام بعد. وأستطيع الادعاء أنني انخرطت في هذا العالم بحكم أنني امرأة. تعرفت إلى فتيات سعوديات، واستمعت إلى حكاياتهن، لذا شكلت المرأة نقطة انطلاقتي بدءاً من علاقتها بالرجل، وكيف تتشكل علاقات الحب بين الرجال والنساء التي يحكمها المنطق الذكوري، وعدم ثقة بالفتاة التي توافق على أداء دور الحبيبة، لأن الرجل في النهاية يخضع لمنطق الزواج التقليدي، الذي تحكمه العادات ورغبة العائلة.عالم التلفزيون
تخوضين مجالي تقديم البرامج التلفزيونية والإنتاج، فإلى أي مدى يساعدك عالم التلفزيون في إغناء تجربتك الروائية، وهل تستوحين من الشخصيات التي تقابلينها مادة لكتبك؟كل شيء مادة محتملة لكتبي. عالم التلفزيون غني وغزير كوننا نرى ونسمع خلال اليوم الواحد قصصاً كثيرة ونلتقي أناساً أثناء التصوير أو البحث ما يسمح لنا بأن نكون جزءاً من عالم واسع وفريد من نوعه، وبالتالي أنا في بيئة ثرية من الشخصيات والحكايات.تتناولين في برامجك التلفزيونية (من بينها «السيدة») قضايا المرأة العربية، كيف تقيّمين واقع المرأة العربية اليوم؟ تراجع. صحيح أنها الرقم الصعب والأقوى في سوق العمل، لكن على الصعيد الحقوقي إلى الوراء در، فمعظم التشريعات والقوانين لا يصبّ في مصلحة المرأة بل هو تطبيق للمبدأ الذكوري السائد في مجتمعنا. أما على صعيد الحريات فهي أكثر تكبيلاً من ذي قبل من ناحية عدم رغبة المرأة في التعبير عن نفسها كما يجب، والأهم عدم تمثيلها في الحقل السياسي أو بمعنى أدق ليست موجودة إلا ضمن ما يختاره الرجل!وفاء للصحافة
بين المجالات التي تتنقل فيها، أيها تطغى على الأخرى الكاتبة الصحافية الروائية أم الإعلامية؟ تجيب أسماء وهبة: «أنا كاتبة وصحافية. هذه الصفة التي أعتز بها وأقدم بها نفسي للناس. أعشق الصحافة والكتابة. ما زلت من المخلصين للحبر والورق وأكتب أعمالي بالقلم ثم أطبعها على الكمبيوتر». تضيف: «عشقت الكتابة منذ نعومة أظفاري حتى أنني ما زلت أحتفظ بنصي الأول الذي نشر في إحدى المجلات الخليجية عندما كنت في السابعة عشرة من عمري. أنا كاتبة وسأبقى وفية للصحافة حتى نفسي الأخير».