تُسارع البنوك إلى اعتماد تكنولوجيا «بلوك شين» التي تجمع بين قواعد البيانات المشتركة والتشفير، مما يسمح لعدة أطراف بالوصول إلى الحسابات وتحديثها في آن واحد، مع ضمان درجة عالية من الأمان.

وجمعت الشركات المطورة لهذه التقنية أكثر من 240 مليون دولار من رأس المال المغامر في الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، بعدما جمعت 367 مليون دولار خلال 2016 بأكمله، وكانت البنوك المصدر الرئيسي لهذا التمويل.

Ad

ووفقًا لتقرير أعدته «فاينانشيال تايمز» استطلعت خلاله آراء عدد من المصرفيين والاستشاريين والمحللين، هناك خمسة مجالات رئيسية تركز البنوك على استخدام تكنولوجيا «بلوك شين» بها.

أولاً: أعمال المقاصة والتسوية

- تشير تقديرات شركة الاستشارات الرقمية والتقنية «أكسنتشر» إلى قدرة البنوك الاستثمارية الكبرى على توفير 10 مليارات دولار عبر الاستعانة بتكنولوجيا «بلوك شين» في تحسين كفاءة عمليات المقاصة والتسوية.

- تقول الشركة إن أول من سيتأثر بهذه الخطوة هو دور المقاصة والبورصات، موضحة أن تلك العمليات تحتاج إلى عدد لا يحصى من الرسائل والتسويات التي تجرى وجها لوجه، بينما يمكن لـ»بلوك شين» هيكلة هذه الأعمال.

- أبرز عمليات الهيكلة المرتقبة ستكون في البورصة الأسترالية، التي تهدف لتحويل الكثير من أعمال المقاصة والتسوية إلى نظام «بلوك شين»، في إطار مشروع يقوده المدير التنفيذي السابق لمصرف «جيه بي مورجان» بليث ماسترز.

ثانياً: المدفوعات

- تدرس البنوك المركزية حول العالم إمكانية استخدام «بلوك شين» في تنفيذ جزء من معاملات الدفع، أو حتى الاستعانة بها في إطلاق عملاتها الرقمية الخاصة، وذلك استجابة للتحديات التي يشكلها ازدهار هذه العملات.

- تترقب المصارف التجارية أخذ البنوك المركزية بزمام المبادرة، لكن ذلك لا يعطلها عن المضي قدماً بمشاريعها الخاصة، مثل «يو.بي.إس» السويسري الذي يعمل على إطلاق عملة رقمية يمكن تحويلها لنقد في صورة ودائع بنكية.

- تستخدم شبكة المراسلة المصرفية «سويفت» عادة لتحويل مدفوعات بقيمة تريليونات الدولارات، لكن هناك تطلعات متزايدة إلى الاعتماد على «بلوك شين» لخفض التكاليف والوقت.

ثالثاً: التمويل التجاري

- لا تزال عمليات التمويل التجاري تعتمد على الكثير من الأوراق، مثل مستندات الشحن وخطابات الضمان، التي ترسل عن طريق الفاكس أو البريد في جميع أنحاء العالم، لكن المصارف تطمع في تحول سريع ينهي التعقيد.

- تقول «أكسنتشر» إن تطبيق «بلوك شين» في هذا المجال سيوفر جهد وتكاليف تداول كميات هائلة من الأوراق، فعلى سبيل المثال يحتاج شحن البضائع من الصين إلى مشاركة المستندات والبيانات مع 50 شخصاً.

- يحتاج شحن النفط من سنغافورة إلى ماليزيا يوماً واحداً لكن استيفاء الأوراق المطلوبة يحتاج إلى أسبوع، لكن إذا تم رقمنة التجارة والعمليات المرتبطة بها باستخدام «بلوك شين» ستقل هذه الأعباء وستتحقق المنفعة للتجار وللبنوك.

رابعاً: الهوية

- يعد التحقق من هويات العملاء والأطراف المتعاملة مع البنوك أمرا حيويا، ومن دونه يفقد المقرضون دورهم كأوصياء موثوق بهم على أموال الناس، كما أن فشلهم في هذا الإجراء يعرضهم لغرامات وعقوبات من السلطات التنظيمية.

- حاولت البنوك منذ سنوات إنشاء أداة رقمية مشتركة لإدراج هويات العملاء وتحديثها، لكنها فشلت في بلورة الفكرة بشكل صحيح بسبب تضارب المقترحات وعدم القدرة على تحديد المسؤولين القائمين على إدارة هذه الأداة.

- يعتقد أن «بلوك شين» ستوفر حلا ملائما بفضل خاصية التشفير التي تمنحها درجة عالية من الأمان، إلى جانب القدرة على مشاركة وتعديل البيانات من العديد من الأطراف.

خامساً: القروض المشتركة

- تستغرق البنوك في الولايات المتحدة 19 يوماً لتسوية عمليات جمع الأموال عن طريق القروض المشتركة التي تقوم بها الشركات، وعندما يتم تداول القرض بين المصارف أو يسدد المقترض دينه مبكرا، تمرر المستندات عبر الفاكس.

- هذه العمليات لم تشهد تطورا ملحوظا منذ مدة طويلة وفقا لـ»كريدي سويس» الذي انضم لثماني عشرة مؤسسة مالية أخرى، في اتحاد يهدف لاستخدام «بلوك شين» في تعاملات القروض المشتركة.

- لكن من المهم أيضا الإقرار بأن تكنولوجيا «بلوك شين» وحدها لن تحل جميع أوجه القصور في سوق القروض المشتركة أو التمويل التجاري، كما لو أنها عصا سحرية، وستحتاج لبعض الوقت من أجل تغيير الأعمال.