«الحوثيون» يصفُّون علي صالح... واليمن يدخل نفقاً جديداً
• 20 سيارة للميليشيات لاحقت موكبه وقتلته في سنحان... وغموض يلف مصير قادة المؤتمر
• هادي يطلق عملية «صنعاء العروبة»... والتحالف يدعو سكانها إلى الابتعاد عن مواقع المتمردين
دخل اليمن، الذي يعيش في حروب منذ سنوات طويلة، نفقاً جديداً أمس، بعد أن أقدمت جماعة «أنصار الله» الحوثية على تصفية الرئيس اليمني السابق علي صالح، بعد 3 أيام من فضه التحالف معها، ومد يده إلى دول الجوار.
بعد 3 أيام من المفاجأة التي أثارها وعودته الى واجهة الأحداث، قتل أمس الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح على يد مسلحين ينتمون الى الميليشيات الحوثية الموالية لإيران أمس في سنحان جنوب العاصمة اليمنية صنعاء.وأعلنت وزارة الداخلية التابعة للحوثيين، مقتل صالح وانتهاء ما وصفته بـ "أزمة ميليشيا خيانة صنعاء" ومقتل زعيمها وعدد من عناصره الإجرامية. وأفادت مصادر بأن صالح كان برفقة الأمين العام لـ "المؤتمر"، عارف الزوكة، والقيادي بالحزب ياسر العوضي، ونجله العقيد خالد.
وقالت المصاددر نفسها لـ "سكاي نيوز" إن الميليشيات تمكنت من توقيف موكب صالح وأنزلته حيا، قبل أن تقوم بإطلاق النار عليه وتصفيته بأمر صادر من معقل الحوثيين بصعدة شمال البلاد.وذكرت أن 20 مركبة لاحقت موكب صالح الذي ضم 3 سيارات مدرعة، وتم توقيفه قرب قرية الوحشي التابعة لسنحان، في وقت لف الغموض مصير الزوكة، وتحدثت تقارير عن إصابة خالد صالح وأسره.وبثت القنوات والمواقع التابعة للحوثيين صور لجثة قالوا إنها لصالح الذي خاض 6 حروب سابقة ضدهم أثناء فترة توليه السلطة.
استشهاد ومقاومة
وأكد حزب "المؤتمر" نبأ مقتل صالح، وأعلن على "فيسبوك"، "استشهاد الزعيم البطل الجمهوري الحر علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية السابق رئيس المؤتمر الشعبي العام".واعتبر القيادي بـ "المؤتمر"، ياسر اليماني، أن "الميليشيات الحوثية تريد أن تقلل من عزيمة الشعب اليمني، من خلال بث صور جثة الرئيس السابق". وقال إن الرئيس السابق انتقل من منطقة الكوين إلى سنحان، وتعرض لكمين عندما كان يقود المعارك. مشددا على أن "الانتفاضة ضد الحوثيين ستستمر حتى بعد مقتل صالح". وبعد 3 أعوام من التنسيق والقتال جنبا إلى جنب في مواجهة القوات الحكومية المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية، دارت مواجهات بين الحوثيين وأنصار صالح الأسبوع الماضي في صنعاء التي يسيطران عليها منذ 2014.وأحدث صالح مفاجأة السبت الماضي، باقتراحه فتح صفحة جديدة مع التحالف العسكري الذي تقوده الرياض.تفجير وسيطرة
وجاءت هذه التطورات في وقت تحولت صنعاء إلى مدنية أشباح، مع اشتداد القتال بين الطرفين، وفجر مسلحو الحوثي أمس منزل صالح، في منطقة حدة بالعاصمة، بعد ساعات من اقتحامه.وسيطرت الميليشيات على مقر اللجنة الدائمة لحزب "المؤتمر" وعدد من الأحياء التي كانت تحت قبضة القوات الموالية لصالح، ومنزل طارق محمد نجل شقيق صالح.في هذه الأثناء، أمر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، أمس، بإطلاق عملية عسكرية واسعة لاستعادة السيطرة على العاصمة، بدعم من التحالف العسكري الذي تقوده السعودية.ووجه هادي نائب رئيس الجمهورية، الفريق علي محسن الأحمر، الموجود في مأرب بسرعة تقدم الوحدات العسكرية للجيش الوطني والمقاومة الشعبية نحو العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون وأنصار حزب "المؤتمر".وتهدف "عملية صنعاء العروبة" إلى إنهاء سيطرة الانقلابيين الحوثيين على العاصمة، فيما تشتد المعارك التي بدأت الأربعاء الماضي بصنعاء بين جماعة "أنصار الله" الحوثية وقوات "المؤتمر" الذي أعلن فتح صفحة جديدة مع "التحالف العربي" ودول الجوار.من جانب آخر، التقى هادي، أمس، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ في الرياض، للوقوف على آخر المستجدات والتطورات الجارية في البلاد. وتناول اللقاء آخر التطورات الحاصلة في العاصمة، والأحداث المتسارعة التي تشهدها وسبل عودة الأطراف اليمنية إلى طاولة المفاوضات لإيجاد حل سلمي للأزمة التي تشهدها البلاد وفقا لمرجعيات السلام والقرارات الأممية ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار رقم 2216.من جهة ثانية، أعلن رئيس الوزراء أحمد بن دغر، من العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، أن "الرئيس هادي سيعلن قريبا عفوا عاما وشاملا عن كل من تعاون مع الحوثيين في الشهور الماضية وأعلن تراجعه".دعم جوي
في موازاة ذلك، طالب تحالف دعم الشرعية في اليمن، أمس، المدنيين في صنعاء بالابتعاد عن مواقع الميليشيات الحوثية لمسافة 500 متر، تمهيدا لشن سلسلة غارات جوية ضد المتمردين لدعم "الانتفاضة المباركة" لليمنيين ضد الميليشيات المدعومة من إيران.ودعا التحالف المدنيين إلى "الابتعاد عن آليات وتجمعات الحوثيين من المناطق الخاضعة لسيطرتهم"، مما قد يكون إشارة إلى احتمال تكثيف الغارات الجوية على صنعاء.وتواصلت الغارات الجوية على العاصمة، أمس، مع استمرار الاشتباكات بين أنصار "المؤتمر" والحوثيين، وانتشارها إلى خارج العاصمة.دعوة إلى هدنة
من جانب آخر، دعت الأمم المتحدة إلى هدنة إنسانية في صنعاء بحلول اليوم، للسماح للمدنيين بمغادرة منازلهم ولفرق الإغاثة بالعمل وللجرحى بتلقي الرعاية الصحية.وقال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، جيمي مكجولدريك، في بيان، إن "شوارع صنعاء تحولت إلى ساحات قتال، وإن العاملين في مجال الإغاثة مازالوا غير قادرين على الحركة".وحذر الأطراف المتحاربة من أن الهجمات المتعمدة على المدنيين وفرق الإغاثة والبنية التحتية الطبية "تمثل انتهاكا صارخا للقانون الإنساني الدولي، وربما تشكل جرائم حرب".سفارة إيران
إلى ذلك، نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، أمس، صحة أنباء عن تعرض السفارة الإيرانية في صنعاء لهجوم أدى إلى اندلاع حريق فيها، مشيرا إلى عدم وجود أي دبلوماسي إيراني في اليمن.وقال القاسمي: "لم نتلق أي تقرير بهذا الشأن، ومن الممكن أن تصيب شظايا الاشتباكات التي وقعت بالقرب من السفارة جدارها بالمصادفة".أبرز المحطات في مسيرة الرئيس السابق
• 21 مارس 1942: ولادة علي عبدالله صالح من أسرة في شمال اليمن من قبيلة حاشد.• 1962: شارك صالح كضابط في انقلاب أطاح بحكم الإمامة في اليمن الشمالي.• 1978: مجلس تأسيسي يعينه رئيسا لليمن الشمالي ليخلف الرئيس أحمد الغشمي الذي قتل في اعتداء.• 1990: توحيد اليمن الشمالي واليمن الجنوبي وصالح يتولى رئاسة البلاد.• 1994: صالح يسحق تمردا جنوبيا.• 2010-2004: دخل في صراع مع متمردين شماليين حوثيين ينتمون مثله إلى الأقلية الزيدية (شيعة).• 2012: غادر الحكم في 27 فبراير بعد أشهر من الاضطرابات، وبعد أن أصيب بجروح في اعتداء يونيو 2011.• 2014: تحالف مع أعداء الأمس الحوثيين الذين استولوا على العاصمة صنعاء، ثم لفترة قصيرة على عدن التي سريعا ما استعادها التحالف العربي بقيادة السعودية.• 2017: أنهى تحالفه مع الحوثيين الذين أعلنوا أمس مقتله في معارك بصنعاء.صالح... جندي «الإمامية» وموحد الجمهورية
أنهت رصاصات الميليشيات الحوثية مسيرة الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح الذي تمكن من قيادة بلده رئيسا منذ عام 1978، وبقي طرفا فاعلا حتى بعد تنحيه عام 2012. ودخل صالح التاريخ سادس رئيس للجمهورية العربية اليمنية، اليمن الشمالي سابقاً، عقب مقتل الرئيس أحمد الغشمي، وأسس علي في عام 1982 حزب المؤتمر الشعبيّ العام الذي ظل يتزعمه حتى آخر لحظة من مشواره الطويل في السلطة وفي الصراع حولها لاحقاً.ولد صالح في 21 مارس 1942 في قرية بيت الأحمر في منطقة سنحان باليمن لعائلة فقيرة تنتمي إلى قبيلة سنحان، وما أن بلغ السادسة عشرة من عمره حتى التحق بـ«جيش الإمامة»، ثم دخل مدرسة الضباط بعد عامين، والتحق بالقوات الجمهورية خلال ثورة 26 سبتمبر 1962.وحمل صالح رتبة ملازم ثان عام 1963، وفي العام التالي التحق بمدرسة المدفعية، وأصبح عام 1975 قائدا للواء تعز.تم إعلان الوحدة رسمياً بين شمال اليمن وجنوبه في 22 مايو 1990 وأصبح علي عبدالله صالح رئيسا للبلاد وعلي سالم البيض نائبا لرئيس الجمهورية اليمنية. ومن المفارقات أن صالح كان قد قام بست حملات عسكرية ضد جماعة «أنصار الله» الحوثية في صعدة بين عامي 2004 ــ 2010، إلا أن خروجه من السلطة الرسمية عام 2012 تحت ضغط ما عرف بـ»الربيع العربي» مهد الطريق أمام زعيمها عبدالملك الحوثي ليصبح العدو اللدود القديم صديقا وحليفا جديدا له في معركة ضروس ضد «التحالف العربي»، إلا أن معركة علي عبدالله صالح السابعة مع الحوثيين، كانت وبالا عليه. فما إن اشتعلت النار هذه المرة حتى أصابته في مقتل، وضاق هامش الحركة أمامه في المعركة، كما لو أنه كان مجبرا على خوضها، ولذلك خسر الرهان ولم يستطع استعمال مواهبه في الخروج من النار بأقل الخسائر، ليظهر في مكان آخر ساخرا من أعدائه. في هذه المرة لم يستطع صالح أن ينتصر على الموت.
حملات تحريض على صالح في إيران
قبل ساعات من قيام الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران بقتل الرئيس اليمني السابق زعيم حزب "المؤتمر" علي صالح، شنت وسائل الإعلام الإيرانية وشخصيات رسمية في طهران حملة انتقادات ضد الرئيس الراحل، على خلفية المواجهات الدائرة بين أنصاره والحوثيين في صنعاء، ووصفته بأنه "ورقة الرياض المحترقة".الصحف الإيرانية شنت هجوما على صالح ومواقفه الأخيرة، وبرز في هذا الإطار ما جاء في صحيفة "كيهان" شبه الحكومية المقربة من المرشد الأعلى، التي وصف مقال فيها صالح بـ"العميل الذي تستر وراء الانسجام الكاذب مع أبناء الثورة اليمنية، منتظرا أوامر أسياده ليضرب الاتفاق في الوقت المناسب".المواقف الإيرانية تجاه الأحداث في اليمن تصاعدت غداة تصريح هادئ للمتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، أعرب فيه عن أمله أن "تحافظ كل الفصائل والأحزاب والتيارات السياسية والاجتماعية اليمنية على وحدة الجبهة الوطنية"، داعياً تلك القوة لمواجهة ما قال إنه "عدوان أجنبي".ونقل موقع الخارجية الإيرانية عن قاسمي إعرابه عن أمله "تسوية كل الخلافات الداخلية في إطار الحوار".