جمال حمدان: والشخصية المصرية
![د.نجم عبدالكريم](https://www.aljarida.com/uploads/authors/23_1682354851.jpg)
ويبدو عموماً أننا كلما ازداد جهلنا بمصر كلما زاد تعصبنا لها، بل الملاحظ أننا كلما ازدادت أحوالنا سوءاً وتدهوراً كلما ازداد تفاخرنا بأمجادنا وعظمتنا، كلما زدنا هزيمة وانكساراً كلما زدنا افتخاراً بأننا شعب محارب، وكلما زدنا استسلاماً وتسليماً زدنا تباهياً بأننا شعب سلام متحضر... الخ.أهو نوع من الدفاع الطبيعي عن النفس للبقاء، أم خداع للنفس قاتل، أم هو الأول عن طريق الثاني؟!".ويضيف في صفحة 39 من نفس الكتاب: • "أيما كان، فنحن معجبون بأنفسنا أكثر مما ينبغي، وإلى درجة تتجاوز الكبرياء الصحي إلى الكِبر المرضي! نحن نتلذذ بممارسة عبادة الذات في نرجسية تتجاوز العزة الوطنية المتزنة السمحة إلى النعرة الشوفونية الساذجة البلهاء أو الهوجاء! إنه مركب عظمة بكامل أبعاده وبكل معنى الكلمة! وهذا - سنرى بل كما نرى حولنا بالفعل - مقتل حقيقي كامل في الشخصية المصرية! من المحقق الذي لا يقبل جدلاً أو لجاجاً أن كل مركب عظمة فعلي أو مفتعل إنما هو (مركب نقص مقلوب): إنه تعويض مريض عن شعور هو أصلاً مريض أكثر! شعور بعدم الثقة، بالعجز والقصور، باليأس والضمور، والإحباط والانحدار... إلخ.وبديهي أن هذا الشعور يرجع في حالتنا إلى ميراث القرون والأجيال الكاتمة الكئيبة من الاستعمار والتبعية والاستبداد والمذلة والتخلف والفقر!ومن هنا جميعاً تبدو الهوة هائلة والتناقض فاحشاً إلى حد السخرية بين واقعنا وحقيقتنا، بين ادعاءاتنا وطنطناتنا، بل ذلك إلى حد قد يُذكر بمقولة (يا أمة ضحكت من جهلها الأمم)"! ***• الدكتور جمال حمدان عندما يشخص هذه الأمراض في المجتمع الذي عاش فيه فهو يضع النقاط على الحروف، ليس بقصد الإهانة أو التشفي، وإنما يدق جرس الإنذار بإبراز مثل هذه السلوكيات التي أشرت إلى القليل القليل منها.ولأن جمال حمدان قد تفرد بهذه الخاصية من الصراحة، فكم أتمنى أن يظهر في عالمنا العربي المعاصر من هم بمستوى جمال حمدان، ليضعوا النقاط فوق الحروف، بعد أن بلغت أمتنا العربية هذا المستوى من الانحدار والتخلف والانحطاط!