دعا سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد إلى ضرورة "تكليف لجنة لتعديل النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي يضمن آلية محددة لفض النزاعات واحترامنا لبعضنا البعض".

وقال سموه في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الثامنة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي عقدت مساء أمس في قصر بيان، إن "الدورة الحالية تكرس توجها رائدا مفاده أن أي خلاف بين دولنا لابد أن يبقى مجلس التعاون بمنأى عنه ولا تتعطل آلية انعقاده".

Ad

وأضاف: "سنواصل دورنا في مواجهة الأحداث المؤلمة والتطورات السلبية التي عصفت بدولنا خلال الأشهر الستة الماضية"، مستطردا سموه "أن خطر الإرهاب لايزال يهدد استقرار العالم والبشرية جمعاء، فالأزمات المستعرة تشكل بؤرا تغذي ذلك الإرهاب".

ودعا سموه، في كلمته، الحوثيين إلى الامتثال لنداء حل الأزمة اليمنية بالحوار وفق المبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن ومخرجات الحوار، كما أعرب عن أمله في أن يتمكن المجتمع الدولي من تحريك عملية السلام الجامدة، لنصل إلى اتفاق شامل يدعم استقرار المنطقة والعالم.

وقال سموه: "نواصل العمل مع الحكومة العراقية لصيانة الاستقرار، ونشدد على المشاركة في مؤتمر إعادة إعمار المناطق المتضررة"، فيما اعتبر أن "تعامل إيران مخالف لقواعد العلاقات بين الدول، ويشكل هاجسا لنا، ونؤكد أن المنطقة لن تشهد استقرارا إلا بالتزام المبادئ".

وفي ما يلي كلمة صاحب السمو:

"بسم الله الرحمن الرحيم...

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين.

صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني - أمير دولة قطر الشقيقة. 

صاحب السمو السيد فهد بن محمود آل سعيد - ممثل صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم، سلطان عمان الشقيقة. 

أصحاب المعالي ممثلي أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. 

معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية. 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... 

يسرني، بداية، أن أرحب بكم في بلدكم الكويت أخوة أعزاء بين أهلكم وأشقائكم، مقدرا عاليا تلبية دعوتنا لحضور هذا اللقاء المبارك، واسمحوا لي أن أتقدم باسمكم جميعا بالتهنئة لأبناء دول المجلس على نجاحنا في عقد الدورة الثامنة والثلاثين في موعدها المقرر، لنثبت للعالم أجمع حرصنا على هذا الكيان، وأهمية استمرار آلية انعقاده، مكرسين توجها رائدا، وهو أن أي خلاف يطرأ على مستوى دولنا، ومهما بلغ، لابد أن يبقى مجلس التعاون بمنأى عنه لا يتأثر فيه، أو تتعطل آلية انعقاده، ولا يفوتني أن أتقدم بالشكر لأخي العزيز جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وإلى حكومة وشعب مملكة البحرين الشقيقة على جهودهم ورعايتهم أعمال دورتنا السابقة.

تعديل نظام «التعاون»

لقد عصفت بنا خلال الأشهر الستة الماضية أحداث مؤلمة وتطورات سلبية، ولكننا وبفضل حكمة إخواني قادة دول المجلس استطعنا التهدئة، وسنواصل هذا الدور في مواجهة الخلاف الأخير، ولعل لقاءنا اليوم مدعاة لمواصلتنا لهذا الدور الذي يلبي آمال وتطلعات شعوبنا.

مضى على مسيرة عملنا الخليجي المشترك ما يقارب الأربعة عقود، حققنا خلالها العديد من الإنجازات، ولكن الطريق لايزال طويلا لتحقيق المزيد من الإنجازات التي تحقق آمال وتطلعات شعوبنا، فنحن مدعوون إلى التفكير الجدي للبحث في الآليات التي تحقق أهدافنا والأطر الأكثر شمولية، والتي من خلالها سنتمكن من المزيد من التماسك والترابط بين شعوبنا، فلنعمل على تكليف لجنة تعمل على تعديل النظام الأساسي لهذا الكيان يضمن لنا آلية محددة لفض النزاعات بما تشمله من ضمانات تكفل التزامنا التام بالنظام الأساسي وتأكيد احترامنا لبعضنا البعض، وترتقي بها إلى مستوى يمكننا من مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.

الإرهاب والوضع اليمني

لقد استطاع المجتمع الدولي أن يحقق نصرا واسعا على الإرهاب في كل من العراق وسورية، إلا أن ذلك الخطر لايزال يهدد استقرار العالم والبشرية جمعاء، فالأزمات والصراعات التي لاتزال دائرة تشكل بؤرا تغذي ذلك الإرهاب، فالكارثة الإنسانية والأزمة الطاحنة في سورية لاتزال دائرة، رغم ما تبذل من جهود دولية لإنهائها، ولكن الأمل يبقى معقودا على نجاح الاجتماعات واللقاءات والحراك لتحقيق التوافق المنشود، وإنهاء ذلك الصراع المدمر، ونشيد في هذا الصدد بدور الأشقاء في المملكة العربية السعودية وجهودهم البناءة في تحقيق اللقاءات بين مختلف أطياف المعارضة السورية، ونجاحهم في توحيد كلمة المعارضة.

وحول الوضع المأساوي في اليمن، فإننا نشيد أولا بالجهود التي يبذلها تحالف دعم الشرعية في اليمن؛ السياسية والاقتصادية والعسكرية التي تعمل على دعم الشرعية، وتقديم كل المساعدات الإنسانية للتخفيف من وطأة الظروف الصعبة التي يشهدها الأشقاء.

ونؤكد هنا أن الحل الوحيد لهذه الأزمة سياسي، وندعو في هذا الصدد جماعة الحوثي إلى الامتثال لنداء المجتمع الدولي في الوصول إلى حل سياسي لهذه الأزمة بالحوار الجاد وفق المرجعيات الثلاث - المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية - قرارات مجلس الأمن، ولاسيما القرار 2216، ومخرجات الحوار الوطني.

السلام وتعامل إيران

وفيما يتعلق بمسيرة السلام في الشرق الأوسط، فإننا نأمل أن يتمكن المجتمع الدولي من تحريك هذه العملية الجامدة، لنصل إلى اتفاق سلام شامل وكامل يدعم استقرار المنطقة والعالم، وذلك وفق مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية.

نهنئ الأشقاء في العراق على تحرير المناطق التي كانت تحت سيطرة ما يسمى بتنظيم داعش، ونؤكد هنا مجددا سعينا إلى مواصلة العمل مع الحكومة العراقية لصيانة استقرار العراق، ونشدد على أهمية المشاركة في مؤتمر إعادة إعمار المناطق المتضررة مما يسمى بداعش، المقرر عقده في دولة الكويت منتصف شهر فبراير من العام القادم.

لايزال تعامل الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المنطقة مخالفا لقواعد العلاقات بين الدول التي ينظمها القانون الدولي، والمتمثلة بحسن الجوار واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، تشكل هاجسا كبيرا لنا، ونؤكد هنا أن المنطقة لن تشهد استقرارا ما لم يتم الالتزام الكامل بتلك المبادئ.

وفي الختام، لا يسعني سوى الدعاء إلى الباري جل وعلا أن يحفظ أوطاننا، وأن يوفق الجميع لما فيه العزة والمنعة لدولنا والرفاه لشعوبنا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".