دخول مبنى المجلس... هل غُرّر بالشباب؟!
قضية دخول المجلس كانت وستبقى قضية سياسية لا أمنية أو جنائية، والحادثة لم تستغرق أكثر من ساعة خرج بعدها الشباب والنواب السابقون وهم يرفعون علم الوطن ويرددون نشيده الوطني، وهو الأمر الذي ينفي النية المُبيتة للتخريب والتدمير أو الإساءة إلى المؤسسات الدستورية التي كانوا، في الحقيقة، يطالبون باحترامها.
ذكرنا في مقالات سابقة الظروف السياسية الموضوعية التي ينبغي أخذها في الاعتبار عند تحديد الموقف من قضية دخول الشباب والنواب السابقين إلى مبنى مجلس الأمة قبل ستة أعوام، والتي تُبيّن أن ما حصل لم يكن سِوى احتجاج سياسي رمزي وسلمي لم يخلُ من بعض التصرفات غير المنضبطة. ومن أراد معرفة حقيقة ما جرى فعلاً فعليه مشاهدة التسجيل المُوثّق بالصوت والصورة والموجود على "اليوتيوب"، والذي يوضح فيه الشباب أنفسهم ظروف دخولهم للمبنى، إذ لم يدخلوه بتخطيط مُسبق بغرض السرقة أو التدمير أو الاعتصام، بل وجدوا أنفسهم فجأة في الداخل فعبروا بشكل رمزي عن غضبهم ورفضهم للفساد السياسي المؤسسي الذي فاحت ريحته بعد فضيحة الرشا السياسية المتهم فيها رئيس الحكومة السابق، وبعض النواب السابقين والمسماة إعلامياً "الإيداعات والتحويلات المليونية"، وأيضاً شطب الاستجواب المُقدّم لرئيس الحكومة آنذاك. ومرة أخرى، فقضية دخول المجلس كانت وستبقى قضية سياسية لا أمنية أو جنائية، والحادثة لم تستغرق أكثر من ساعة خرج بعدها الشباب والنواب السابقون وهم يرفعون علم الوطن ويرددون نشيده الوطني، وهو الأمر الذي ينفي النية المُبيتة للتخريب والتدمير أو الإساءة إلى المؤسسات الدستورية التي كانوا، في الحقيقة، يطالبون باحترامها.
وقد أثبت الشباب، مرة أخرى، نيتهم الصادقة في الدعوة إلى الإصلاح واحترام القانون ومؤسسات الدولة حيث سلموا أنفسهم تنفيذاً لحكم المحكمة القاسي.ومن المؤسف أن هناك بعض الأصوات الطائفية والعنصرية الشاذة التي تتشفى في الشباب، وهي، على أي حال، أصوات أشخاص لديهم عُقد نفسية مزمنة وميئوس من شفائهم.أما ما يردده البعض، عن حسن نية أحياناً، من أنه قد غُرر بالشباب في تلك الليلة فهو كلام "مأخوذ خيره"، إذ إن الشباب الموجودين في السجن الآن هم شباب وطنيون وواعون لتصرفاتهم، وهم معروفون في المجتمع وعلى وسائل التواصل الاجتماعي بنشاطهم السياسي العلني والسلمي المطالب بإصلاحات سياسية وديمقراطية. لذا فإنه من التجني القول إن هؤلاء الشباب المخلصين والواعين كانوا ضحية للنواب السابقين أو أنه قد غُرّر بهم، فذلك يُمثل إساءة بالغة لشباب وطنيين ضحوا بوقتهم ومستقبلهم وبذلوا جهوداً مخلصة في سبيل مكافحة الفساد السياسي المؤسسي، واحترام القانون والمؤسسات الدستورية بصرف النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع توجهاتهم السياسية وأسلوبهم في العمل السياسي.والآن، لتتوحد الأصوات الوطنية والديمقراطية والشعبية التي يهمها استقرار الوطن وتقدمه، وذلك للمطالبة بإصدار قانون العفو الشامل عن كل قضايا الرأي والتجمعات.