وثيقة لها تاريخ : عبدالله المعجل «سكّوني» عمل في «الخالدي» ووالده «نوخذة ماي»
في عام 2012 وفقني الله تعالى لزيارة ناجحة للمكتبة البريطانية في لندن، حيث أمضيت ستة أيام في البحث بسجلات وأرشيف هذه المكتبة العظيمة، وقد عثرت فيها على كمية من الوثائق المرتبطة بالكويت، والتي لم تُنشر من قبل، ومنها وثائق تتعلق باتفاقية الحماية البريطانية، التي وقَّعها الشيخ مبارك الصباح عام 1899. وبعد اطلاعي المتفحِّص على هذه الوثائق، لاحظت وجود اسم عبدالله إبراهيم السمكة (المعجل) في عدة وثائق، لذلك قررت البحث عن أكبر أبناء أسرة المعجل من الأحياء، وقادني البحث إلى العم عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالله المعجل، الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى قبل أسبوعين تقريباً. زرته في ديوانه بكيفان، وتحدثت معه ومع أبنائه، ووافق على أن نسجل معه مقابلة تلفزيونية، فتمَّ ذلك بحمد الله، وتمَّ بثها على قناة الشاهد خلال شهر رمضان عام 2013.
وأقدِّم لكم اليوم ملخصاً للمقابلة، لعل في ذلك ذكرى طيبة للمرحوم العم بوعبدالوهاب، وتوثيقاً لحياة رجل من رجال الكويت الذين عملوا بصمت وماتوا بصمت. وُلد العم عبدالله عام 1924 في محلة العنجري بالحي القبلي بجوار مسجد ياسين القناعي (بيت المعجل ملاصق للمسجد من الجنوب)، ومقابل بيت العنجري (بيت كبير)، وبيت الزبن، وبيت الحنيان، وبيت الجوعان، وبيت الرشود، وبيت فيصل الثويني، وغيرهم. جده عبدالله إبراهيم المعجل عمل نوخذة على سفينة "مشرف"، ملك الشيخ مبارك الصباح، وكان ينقل رسائل سرية بين الشيخ مبارك والإنكليز تتعلق بمفاوضات اتفاقية الحماية البريطانية، وورد اسمه في عدة رسائل، فمرَّة يُذكر باسم عبدالله البراهيم، ومرَّة يُشار إليه باسم عبدالله البراهيم السمكة، وهو اللقب القديم لعائلة المعجل. وقد أخبرني العم عبدالله، بأن جده عبدالله توفي عام 1918 وعمره يزيد على الثمانين عاماً، وله من الذرية ولد واحد، هو عبدالعزيز، وابنتان. عمل بوعبدالوهاب مع والده عبدالعزيز طيلة حياته، وكان والده نوخذة تخصص في جلب المياه من شط العرب للكويت، وكان لديه سفينة ماء اسمها "الخالدي" اشتراها من أسرة الخالد المعروفة. أبلغني بأن السفينة كانت تغادر في الصباح الباكر من نقعة الغنيم، وتعود قبل المساء في نفس اليوم محمَّلة بالمياه العذبة في 12 خزان ماء موزعة في السفينة، منها ستة خزانات في أسفل السفينة (في الخِن) حمولة كل خزان 100 قوطي (تنكة). وأحياناً تتأخر السفينة لثلاثة أو أربعة أيام، بسبب عدم وجود مياه عذبة عند بداية الشط، واضطرار السفينة إلى الذهاب إلى أماكن أبعد، للحصول على المياه. وكانوا أيضاً ينقلون المواد الغذائية الأساسية لسفن الغوص أثناء موسم الغوص، فتارة يتم التسليم في عرض البحر، وتارة على الساحل قرب المغاص. كما عمل أيضاً في نقل الرمل بالسفينة من الكويت إلى عبادان والمحمرة في إيران لحساب التاجر يوسف أحمد الغانم. أخبرني أيضاً بأن سفن المياه التي يتذكرها في ذلك الوقت، منها: سفينة سالم التورة، وسفينة عبدالكريم بوالملح، وسفينة عبدالعزيز الياقوت، وسفينة الأرملي، وسفينة السجاري، وسفينة سيد هاشم الغربللي، وغيرها. درس في بداية حياته على يد الشيخ عبدالعزيز حمادة، ومن بعده هاشم الحنيان، والملا عثمان العثمان. هذه نبذة سريعة عن العم عبدالله المعجل، رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته.