يتفق عدد متزايد من الناخبين البريطانيين على أن عملية خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي قد تمت إدارتها بطريقة سيئة، ولكن ذلك لا يعني أنهم أداروا ظهورهم لفكرة المغادرة –أو لحكومة رئيسة الوزراء تيريزا ماي المحافظة.

ولقد أظهر تقرير نشر في الأسبوع الماضي من قبل المركز الوطني للبحث الاجتماعي، أن 52 في المئة من الأشخاص يعتقدون أن بريطانيا ستحصل على اتفاق خروج سيئ مقارنة مع 37 في المئة في شهر فبراير أي قبل شهر من إعلان ماي بدء إجراءات الانفصال.

Ad

وحتى قبل الانهيار المحرج الذي شهده الأسبوع الماضي قال واحد من خمسة فقط من البريطانيين، إن الحكومة كانت تعالج المحادثات بطريقة جيدة. ومن بين أولئك المؤيدين لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قال 61 في المئة إنهم يعتقدون أن رئيسة الوزراء كانت تعالج المحادثات بطريقة سيئة. واكتملت الدراسة التي شملت 2200 شخص في شهر أكتوبر قبل صدور تقارير تحدثت عن زيادة ماي للمبالغ التي كانت ترغب في دفعها للخروج من الاتحاد، وقبل التحول الدراماتيكي الأخير في الأحداث التي وضعت رئيسة الوزراء تحت رحمة الحليف في ايرلندا الشمالية.

استفتاء سنة 2016

وأشارت الحصيلة إلى الانقطاع بين كيفية شعور السكان إزاء عملية أطلقوها في استفتاء سنة 2016 والوقائع السياسية لحكومة هشة ممزقة بانقسامات ومثقلة بمفاوضات فنية متزايدة. وأظهرت الدراسة تغيراً طفيفاً في موقف السكان ازاء البريكست نفسه. وبحسب جون كيرتس، وهو بروفسور العلوم السياسية في جامعة ستراثكلايد، الذي أشرف على البحث، فإن هذا يشير الى أن الناس بدلاً من الندم على تصويت المغادرة فإنهم أصبحوا يرون ذلك فكرة جيدة تم تنفيذها بطريقة سيئة، وهو أمر قد يساعد حزب العمال المعارض برئاسة جيريمي كوربين.

وفيما يتساءل البريطانيون عما يجري –وربما حتى سبب تعرض عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي إلى كل هذا التعقيد– فإن الاتحاد أمهل ماي حتى نهاية الأسبوع لتقديم حل لمشكلة عسيرة تتمثل في كيفية تفادي حدود صعبة في ايرلندا بعد خروج ايرلندا الشمالية من التكتل مع بقية المملكة المتحدة. ويتعين على بريطانيا تقديم جواب يرضي كل الأطراف بغية التقدم نحو قضية التجارة.

والشيء الواضح هو أن ماي ستتحمل مسؤولية أي فشل، وقد حددت ساعة خروج بريطانيا من الاتحاد في شهر مارس 2019، وكانت تعول على قمة هذا الأسبوع تدفع قادة الاتحاد الأوروبي إلى السماح ببدء مناقشات حول التجارة مع فترة سماح لإعطاء الشركات الوقت للتكيف.

وقال كيرتس "يوجد قسم في مجموعة البقاء في الاتحاد يظن أنه مادام الناس يرون أن عملية البريكست تتعثر فإنهم سيتوصلون إلى استنتاج بأنها كانت فكرة سخيفة. وبدلاً من ذلك يبدو أنهم ينحون باللائمة على السياسيين بسبب عجزهم عن الوصول الى الحل كما يرونه".

استرتيجية ماي

تعرضت استراتيجية ماي لمتاعب على جبهات متعددة في الأسبوع الماضي مع هجوم الحلفاء في ايرلندا الشمالية واسكتلندا على مقترحات طرحتها يوم الاثنين، واعتبرت في صورة تقسيم المملكة المتحدة الى بيئات تنظيمية مختلفة.

ورغم نفي وزير البريكست ديفيد ديفيز أن تكون تلك هي النية فإن التأثير كان لحظة نادرة للوحدة في حزب المحافظين مع اصطفاف مؤيدي ومناهضي البريكست للفكرة. والجواب الذي قدمه الى المشرعين – بعد الحملة عليه بسبب إخفاق اليوم السابق – كان أن على المملكة المتحدة كلها البقاء قريبة من قوانين الاتحاد الأوروبي بعد البريكست. وجعل ذلك المسؤولين في بروكسل يتعجبون.

وقال شخص على اطلاع على طرف الاتحاد الأوروبي طلب عدم الكشف عن اسمه انه كانت هناك مشاعر قلق من أن يفضي هذا النوع من الحديث الى العودة إلى التفكير غير الواقعي لدى الجانب البريطاني. وبالنسبة إلىمحلل مجموعة أوراسيا مجتبا رحمن كان من "الهراء" محاولة إنقاذ المحادثات.

وفي غضون ذلك أصبحت الاتهامات المضادة من قبل الأطراف المختلفة في النزاع أكثر مرارة. وقالت آرلين فوستر وهي رئيسة حزب الاتحاد الديمقراطي في ايرلندا الذي تحتاج اليه ماي للبقاء في السلطة إنها لم تتمكن حتى صباح الاثنين الماضي من رؤية الاتفاق المقترح مع الاتحاد الأوروبي على الرغم من طلباتها المتكررة بهذا الشأن.

وترى كل أطراف الجدال حول البريكست فرصاً الآن في هذه الأزمة. وقال الزعيم السابق لحزب المحافظين ايان دنكان سميث، وهو مؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إن على رئيسة الوزراء أن تهدد بالانسحاب من المحادثات مع الاتحاد ما لم يوافق على "التراجع".

وتوجد مؤشرات أولية أيضاً داخل حكومة ماي على حدوث ثورة. ويعتقد بوريس جونسون ومايكل غوف الذين قادا معاً حملة البريكست في استفتاء العام الماضي أن المقترحات الأخيرة تهدد بإضعاف البريكست – بحسب مطلعين على هذا الأمر.