لم يجرؤ أي رئيس من رؤساء الولايات المتحدة أن يخطو خطوة الرئيس الحالي ترامب بنقل سفارة بلاده إلى القدس، ويعد هذا القرار اعترافاً من إدارته بالقدس عاصمةً للكيان الصهيوني واستفزازاً للشعوب العربية والإسلامية وإحراجاً للحكومات العربية المتحالفة معه بل وتحدياً لها.ولأن ترامب، الذي يصفه البعض بالمجنون والمتهور، أقدم على هذه الفعلة فذلك يدل على أنه أعقل رئيس مر بتاريخ الولايات المتحدة، لاسيما أنه اتخذ مثل هذا القرار بعد "خراب مالطة"، أي بعد أن دمرت معظم عواصم وشعوب الدول العربية الثورية، كالعراق وسورية واليمن ومصر وليبيا، ومرور العرب بأضعف مرحلة في تاريخهم، ولا يمكن لهم أن يفعلوا شيئاً سوى التنديد والاستنكار، وسيقبلون الواقع الجديد دون شيء يذكر قد يقومون به.
ولأن ترامب المعتوه، على حد وصف البعض له، يتذكر مقولة غولدا مائير حين أحرقوا المسجد الأقصى عام ١٩٦٩، وقالت إنها لم تنم تلك الليلة متخيلة أن الشعوب العربية ستدخل عليها أفواجاً من كل صوب وحدب، وعندما أشرقت الشمس وطلع الصباح ولم يحدث ما كانت تخافه حينئذٍ أيقنت أنها تستطيع فعل ما تريد لأنها أمام أمة نائمة، وهو الأمر الذي يدركه ترامب تماماً، بل إنه متيقن بأن قراره لن يحرك ساكناً في هذه الأمة أو في حكوماتها، ولذلك فإن اتخاذه مثل هذا القرار يدل على ذكائه وشجاعته، خصوصا في هذا الوقت الذي تقاتل فيه الأمة، بعضها بعضا، وبعد أن تردد نظراؤه من قبل. وسبق لي أن ذكرت أن ترامب شخصية ذكية ويعرف من أين تؤكل الكتف، وها هو يؤكد لنا ذكاءه ومتى وكيف يتخذ قراراته، في ضوء انشغال بعضنا بقتل بعض، وتدمير جيوشنا وأوطاننا وتشريد بعضنا بعضاً، فاقتنص الفرصة التي عجز عن إيجادها الرؤساء السابقون للولايات المتحدة وقدم القدس للصهاينة على طبق من ذهب، بل قدم لهم الأمن والأمان لمدة طويلة.يعني بالعربي المشرمح: إذا كانت غولدا مائير أيقنت أننا أمة نائمة فدونالد ترامب أيقن أننا لسنا فقط أمة نائمة بل كذلك متخلفة وخائنة وفاقدة لكل معاني الغيرة القومية والإسلامية، ولا نعي شرف عروبتنا وديننا، ولا يمكن لأمة كأمتنا أن تنهض إلا إذا استطاعت القضاء على خونتها ومرتزقتها والخانعين الجبناء بها، وحتى يأتي هذا اليوم لنبكِ زهرة المدائن كالنساء، لعلنا ننجب يوماً ما رجالاً يعيدون لنا كرامتنا وعزتنا.
مقالات - اضافات
بالعربي المشرمح: لنبكِ زهرة المدائن!
09-12-2017