أصيب عشرات الفلسطينيين بالاختناق والرصاص المطاطي أمس، خلال مواجهات مع الجيش الإسرائيلي اندلعت في الضفة الغربية، وعلى أطراف قطاع غزة إثر دعوات لـ"جمعة غضب" نصرة للقدس.

وأكدت جمعية الهلال الأحمر الفلسطينية، أن طواقمها تعاملت مع نحو 95 حالة إصابة بالاختناق والرصاص المطاطي في مختلف مناطق الضفة وشرق القدس.

Ad

وبدأت مواجهات في محافظات رام الله والخليل ونابلس وقلقيلية وبيت لحم، إثر تظاهرات شعبية أعقبت أداء صلاة الجمعة، أصيب خلالها عشرات الفلسطينيين بالاختناق خلال مواجهات مع القوات الإسرائيلية.

وفي السياق، شهدت مناطق متفرقة من أطراف شرق غزة مواجهات بين عشرات الشبان والقوات الإسرائيلية المتمركزة خلف السياج الفاصل.

وأكدت مصادر طبية، أن سبعة شبان على الأقل أصيبوا بإطلاق نار حي من الجيش شرق غزة وصفت حالة أحدهم بالخطيرة فيما أصيب آخرون بالاختناق.

وكانت القوات الإسرائيلية أعلنت نشر تعزيزات في الضفة بعد صلاة الجمعة، تحسباً لوقوع مواجهات، فيما قصف الجيش، مساء أول من أمس، هدفين لـ"حماس" في وسط غزة، رداً على إطلاق صاروخين من القطاع.

كما انطلقت أمس، تظاهرات غاضبة في عدد من المدن الإيرانية. وشهدت بغداد، والمحافظات العراقية الأخرى أمس، تظاهرات حاشدة وموحدة بعد صلاة الجمعة

وتظاهر الآلاف بعد صلاة الجمعة في إسطنبول حيث رفعت السلطات الأمنية التدابير أمام القنصلية الأميركية والقنصلية الإسرائيلية.

ونظم المئات تظاهرات في القاهرة والإسكندرية. وخرج المحتجون في مسيرات عقب أداء صلاة الجمعة في الجامع الأزهر في القاهرة ومسجد القائد إبراهيم في الإسكندرية لإعلان رفضهم أي إجراء ينال من هوية القدس الإسلامية والعربية.

واستنكر شيخ الأزهر أحمد الطيب القرار، وحضّ الفلسطينيين على القيام بانتفاضة جديدة، قائلاً في بيان: "لتكن انتفاضتكم الثالثة بقدر إيمانكم بقضيتكم. ونحن معكم ولن نخذلكم".

وفي بيروت انطلقت مسيرة حاشدة ضمت مئات اللبنانيين والفلسطينيين، وأقيمت وقفة تضامنية مع القدس في كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية في صيدا، جنوب لبنان، في حين اجتمع مجلس النواب اللبناني واعتبر رئيسه نبيه بري "أن ما حصل (قرار ترامب) اعتداء على لبنان".

وخرج آلاف المحتجين في إندونيسيا وماليزيا في مسيرات، فيما شددت السلطات الأمن حول سفارتي الولايات المتحدة في البلدين.

وشهدت باكستان مسيرات في كل المدن الكبرى بعد صلاة الجمعة.

وخرج نحو 300 متظاهر من جماعات إسلامية مختلفة إلى شوارع دكا عاصمة بنغلادش أمس، في مسيرة للتنديد بالقرار.

وفي تونس، استدعى الرئيس الباجي قايد السبسي سفير الولايات المتحدة لدى بلاده لإعلان موقفه الرافض للقرار الأميركي. وعلقت السفارة الأميركية في تونس خدماتها، أمس، تحسباً لاحتجاجات واسعة.

في غضون ذلك، عقد مجلس الأمن أمس، جلسة طارئة لبحث خطوة ترامب، في وقت قدمت بعثة السلطة الفلسطينية لدى الأمم المتحدة في نيويورك، شكوى لدى مجلس الأمن.

توتر فلسطيني - أميركي

وفي بادرة أخرى تعكس التوتر الفلسطيني - الأميركي، تحدثت معلومات عن احتمال إلغاء الرئيس الفلسطيني للقائه مع نائب الرئيس الأميركي مايك بنس الذي سيزور المنطقة قريباً.

وأوضح البيت الابيض أن احتمال إلغاء اجتماع مقرر قريباً بين بنس وعباس سيأتي "بنتائج معاكسة". وقال مسؤول في الرئاسة الأميركية ان بنس "لا يزال ينوي لقاء عباس كما هو مقرر".

ويأتي تصريح البيت الأبيض بعدما أكد المسؤول البارز في حركة "فتح" جبريل الرجوب، إن بنس غير مرحب به في فلسطين.

وقال جبريل: "أنا بقول باسم فتح لن نستقبل نائب ترامب في الأراضي الفلسطينية وهو طالب يشوف الأخ أبو مازن (عباس) في 19 الشهر (الحالي) في بيت لحم لن يكون هذا اللقاء... واحنا بنطلب من بقية العواصم العربية ألا تلتقي مع زعيم أميركي طالما بيقول القدس الموحدة عاصمة لدولة إسرائيل".

خطة سلام

في غضون ذلك، أفاد مسؤولون بأنه عندما أبلغ ترامب محمود عباس بنيته الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، أكد له أن هناك خطة سلام قيد الإعداد من شأنها أن ترضي الفلسطينيين.

ويستهدف ذلك فيما يبدو الحد من تداعيات قراره في شأن القدس الذي يخالف السياسة الأميركية القائمة منذ فترة طويلة حيال تلك القضية الشائكة.

واستهدف الاتصال الهاتفي، الذي أجراه ترامب بعباس الثلاثاء الماضي، أي قبل يوم من إعلانه المفاجئ في شأن القدس، على ما يبدو إلقاء الضوء على جهود خلف الكواليس يبذلها مستشارو البيت الأبيض لوضع خطة سلام من المتوقع طرحها في النصف الأول من 2018.

وقالت مصادر، إن ترامب أبلغ عباس، بأن مخطط السلام النهائي سيعرض على الفلسطينيين تسوية مهمة سترضيهم لكنه لم يقدم تفاصيل.

وذكر مسؤول فلسطيني، أن عباس رد على ترامب بالقول، إن أي عملية سلام لا بد وأن تتمخض عن أن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المستقبلية.

لافروف

في الأثناء، اعتبر وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، أن الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل يخالف المنطق السليم.

وأعلن الكرملين أن اتصالاً هاتفياً جرى بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان، وأنهما أبديا قلقهما الشديد في شأن القرار الأميركي. وأفاد مكتب الرئيس التركي، بأن بوتين سيزور أنقرة الاثنين ويبحث مع إردوغان في الموضوعين "السوري" و"القدس".

كما بحث الرئيس التركي هاتفياً مع بابا الفاتيكان فرانسيس المسألة نفسها.

وأكد إردوغان في اتصال هاتفي مع البابا، أن الخطوة التي أقدمت عليها الادارة الأميركية تبعث على القلق.

وشدد الرئيس التركي على ضرورة قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وفق حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية كشرط من أجل السلام والاستقرار في المنطقة، معرباً عن تقديره لدعوة البابا بشأن الحفاظ على الوضع الراهن في القدس.

وأكد الطرفان على قدسية مدينة القدس بالنسبة للمسلمين والمسيحيين واليهود وضرورة الابتعاد عن كل المحاولات الرامية لتغيير وضعية المدينة.

تيلرسون

وأعلن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، من باريس حيث شارك في مؤتمر من أجل لبنان، أن أي قرار نهائي في شأن وضع القدس سيعتمد على المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين وسيعرض على اللجنة الرباعية الدولية، التي تضم أميركا وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.

وقال تيلرسون: "فيما يتعلق بباقي القدس... لم يشر الرئيس ترامب إلى أي وضع نهائي بالنسبة للقدس. كان واضحاً جداً بأن الوضع النهائي، بما في ذلك الحدود، سيترك للتفاوض واتخاذ القرار بين الطرفين".

وأضاف أن من غير المرجح أن تنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس هذا العام "وربما حتى ليس العام المقبل".