بدأت الدولة المصرية، أمس، استعدادات مكثفة لزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للقاهرة بعد غد، ومن المقرر أن تشهد الزيارة عقد مباحثات مطولة بين الرئيس عبدالفتاح السيسي وضيفه الروسي، تتناول سبل دفع أطر التعاون الثنائي في المجالات المختلفة، خاصة السياسية والتجارية والاقتصادية وفي مجال الطاقة، فضلاً عن التشاور بشأن عدة ملفات إقليمية ذات اهتمام مشترك.

وعلمت "الجريدة" أن وفداً روسياً يضم 35 مسؤولاً أمنياً وسياسياً وصل إلى القاهرة، مساء أمس الأول، للإعداد لزيارة بوتين، وقال مصدر مطلع لـ"الجريدة" إنه من المقرر أن يتم خلال الزيارة التوقيع على عقد إنشاء أول محطة نووية في منطقة الضبعة (غربي مدينة الإسكندرية الساحلية)، والتي تقام بخبرة روسية، وأن الزيارة ستشهد إعطاء شارة بدء المشروع العملاق.

Ad

وأشار المصدر إلى أن القاهرة تعول على زيارة بوتين لإعلان استئناف حركة السياحة الروسية إلى مصر بشكل كامل، عقب قرار تعليق رحلاتها إلى مصر بعد سقوط طائرة روسية في صحراء سيناء نهاية أكتوبر 2015، مما أسفر عن مقتل ركابها الـ224، ومعظمهم من السياح الروس، مضيفا: "لا توجد في الوقت الراهن أي مشاكل أمام عودة السياحة الروسية، بعد مراجعة تأمينات المطارات بشكل كامل".

وأكد مصدر حكومي لـ"الجريدة"، أن من أهم الملفات التي سيتم التطرق إليها، خلال الزيارة، ملف التعاون العسكري بين البلدين، خاصة أن مصر ترغب في الحصول على قمر صناعي عسكري يسهل من مهمة مراقبة الحدود التي تتسلل عبرها عناصر إرهابية إلى الداخل المصري، مشيرا إلى أنه ربما فتح ملف الاستغلال المتبادل للقواعد الجوية، على الرغم من رفض مصر المبدئي لمثل هذه الفكرة.

وأضاف المصدر: "الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة ستحظى بجزء كبير من اهتمام الرئيسين، خاصة الملف السوري، وجهود التهدئة في المناطق المشتعلة في سورية، وتداعيات قرار الرئيس الأميركي باعتراف بلاده بالقدس عاصمة لإسرائيل، كما سيتم مناقشة ملف الأوضاع الأمنية في ليبيا".

من جهته، قال الخبير في الشأن الروسي أشرف الصباغ لـ"الجريدة" أن "الزيارة تأتي في توقيت مهم إقليميا ودوليا، خاصة أن هناك توافقا بين الجانبين في عدد من القضايا، فبالإضافة الى تعزيز العلاقات الثنائية عبر التوقيع على عدد من الاتفاقيات، فإن الزيارة ستركز على مستقبل المنطقة العربية، عبر عرض المقاربات الروسية للأزمات السورية والليبية واليمنية، وإمكانية دعم القاهرة لجهود موسكو في هذا الاتجاه".

مخطط فوضى

أمنياً، وفي حين شهد الشارع المصري تظاهرات في محيط الجامع الأزهر احتجاجا على اعتراف أميركا بالقدس عاصمة لإسرائيل، أعلنت وزارة الداخلية أمس، رصد عناصر الأمن الوطني عناصر إخوانية تعتزم العمل على استثمار القرار الأميركي في تأليب الرأي العام والنيل من استقرار البلاد، وأنها ألقت القبض على خمسة أشخاص في هذه الخلية.

وقالت الوزارة، في بيانها أمس، إنه "تم رصد قيام أحد الأشخاص ببث فيديو عبر شبكة الإنترنت يحث المواطنين على التظاهر وارتكاب أعمال العنف ضد مؤسسات الدولة، أعقبه بث ما يسمى بحركة (غلابة) التابعة لجماعة (الإخوان) الإرهابية الدعوة ذاتها"، وأكدت تحريات الأمن أن الشخص الذي قام بالتحريض عبر الإنترنت هو الإخواني ياسر العمدة الهارب إلى تركيا والقائم على حركة "غلابة".

وأشارت "الداخلية" إلى أنه تم ضبط العناصر المتورطة وعددهم خمسة (بينهم سيدة)، وبحوزتهم 50 كتلة أسمنتية بها العديد من المسامير، كانوا يعتزمون استخدامها بين صفوف المواطنين عقب صلاة الجمعة، والعمل على الاحتكاك بقوات الشرطة لإثارة الفوضى والاعتداء على المنشآت للإيحاء بوجود حالة من الانفلات الأمني وعدم الاستقرار، وقررت النيابة العامة حبس المتهمين أربعة أيام على ذمة التحقيقات.

تأمين الكنائس

في الأثناء، علمت "الجريدة" أن وزارة الداخلية بدأت وضع خطة أمنية محكمة استعدادا للاحتفالات بالأعياد المسيحية التي تبدأ من النصف الثاني من الشهر الجاري حتى 7 يناير المقبل، مع حلول عيد الميلاد المجيد، بحسب التوقيت الشرقي للكنائس الأرثوذكسية، وسط مخاوف من استغلال الأعياد وتجمعات المسيحيين لاستغلالهم، في ظل تهديدات معلنة من تنظيم "داعش" باستهداف المسيحيين في مصر.

وقال مصدر أمني، إنه تقرر إعلان الاستنفار وتكثيف الحملات الأمنية أمام الكنائس، ومع المتابعة الكاملة لكل الكنائس لتأمين الأقباط، بجانب المنشآت الحيوية بالدولة، بخلاف التشديد الأمني حول السفارات الأجنبية، ولاسيما السفارة الأميركية، وأن الخطة الأمنية تعتمد على التعاون والتنسيق مع القوات المسلحة في الفترة المقبلة.

من جهته، كشف راعي كنيسة السيدة العذراء بمسطرد، عبد المسيح بسيط، لـ"الجريدة"، عن أن وزارة الداخلية أرسلت، أمس الأول، إلى الكنائس في مختلف المحافظات، للتأكيد على ضرورة تركيب الكاميرات أمام مداخلها والتأكد من عملها، بالإضافة إلى التأكد من عمل البوابات الإلكترونية، في إطار زيادة التأمينات حول الكنائس، تحسبا لاستهداف الكنائس مع اقتراب الاحتفالات الخاصة بميلاد السيد المسيح.

سد النهضة

وفي حين افتتح الرئيس السيسي، الدورة الثانية لمنتدى "إفريقيا 2017" التي يستضيفها منتجع شرم الشيخ، أمس الجمعة، داعيا لزيادة التعاون الاقتصادي بين دول القارة السمراء، بدا أن وزير الري والموارد المائية، محمد عبد العاطي، يستبق زيارة رئيس الحكومة الإثيوبية للقاهرة الشهر الجاري، بتوجيه انتقادات إلى أديس أبابا، على خلفية استمرار أزمة سد النهضة، الذي سيؤدي إلى الخصم من حصة مصر التاريخية في مياه النيل المقدرة بـ 55.5 مليار متر مكعب. وكشف عبد العاطي، في تصريحات له أمس الأول، أن الحكومة المصرية لديها سيناريوهات بديلة لإدارة الملف، بما يضمن حقوق مصر المائية، مشددا على أن مصر هي أكثر الدول تضررا من بناء السد الإثيوبي.

وأكد أنه يتم العمل على تقليل حجم الضرر الواقع على مصر، مضيفا: "مصر لديها أدوات سياسية مختلفة للتعامل مع الملف، مصر دولة مؤسسات، ووزارة الري جزء من الدولة، لم ولن نيأس من المفاوضات، ولدينا الكثير لكي نفعله في هذا الملف".

وأشار وزير الري المصري إلى أن كل الدراسات الدولية أكدت أن سد النهضة له تأثيرات كبيرة على مصر، وأن مصلحة مصر وإثيوبيا تقتضي العودة للمفاوضات، وأن شعوب حوض النيل لن يفرقها شيء، مشددا على ضرورة أن تأخذ المفاوضات مستوى أعلى، ولقاءات على مستوى وزراء الخارجية ثم رؤساء الحكومات.