بالإضافة إلى «تشارلي ومصنع الشوكولاته»، شهدت الساحة المسرحية في مصر أخيراً نجاح «سنو وايت»، و«فلفول في أرض الغول» الذي يضمّ عدداً من النجوم من بينهم ميرنا وليد، وعبد الله مشرف، فيما تولى التأليف أحمد حسن خالد، والإخراج أسامة سمير. كذلك تحمّس كثيرون لمشاهدة عرض «الملك مروان وحفيد طرزان» الذي يشارك في بطولته أحمد ماهر، وعدد من الوجوه المسرحية الشابة.

هل تشكِّل هذه العروض عودة لمسرح الطفل، وما السر وراء اختفاء أو تراجع هذا اللون من الفنون، وهل يتعلّق الأمر بظهور وسائط فنية أخرى؟ أم أن العكس صحيح، بمعنى أن تراجع العروض المسرحية دفع الأطفال وذويهم إلى البحث عن الجديد؟

Ad

كذلك نسأل، هل أزمة مسرح الطفل جزء من الأزمات التي يعانيها المسرح عموماً، أم أن لوضعه خصوصية ما؟ وهل نحن إزاء مشكلة نصوص أم ميزانيات أم مخرجين يتحمسون لخوض التجربة؟

«تشارلي ومصنع الشوكولاته» عن رائعة الكاتب البريطاني الشهير روالد دال، يحكي قصة صبي فقير يدعى تشارلي يفوز بجائزة تسمح له بزيارة مصنع سحري للحلوى، حيث يمرّ بمغامرات عجيبة. العرض المسرحي الغنائي من كتابة سمر جلال وإخراجها، وهي أوضحت في تصريحاتها أن المسرح مختلف بالنسبة إلى الأطفال عن أية وسيلة إعلامية أخرى، مؤكدة أن التجربة مهمة وممتعة سواء للمتلقي أو للصانعين لأنها تتطلب منهم مجهوداً كي تصل الرسالة إلى الأطفال بوضوح.

كذلك لفتت إلى أن المسرحية لا تستهدف الطفل فحسب، بل الفئات العمرية كافة، كذلك تعتمد على العنصر النسائي، وهو أمر نفتقد إليه كثيراً في المسرحيات، فضلاً عن أن العرض حقّق إقبالاً جماهيرياً كبيراً، ما ينذر بعودة عروض الأطفال بقوة، ويؤكد حاجة الجمهور إليها.

غياب الاهتمام الإعلامي

من جانبه، قال مدير المسرح القومي للأطفال حسن يوسف إن العروض المسرحية المخصصة للأطفال موجودة بشكل مستمر وفاعل، وتشهد إقبالاً جماهيرياً كبيراً، لكن للأسف يغيب عنها الاهتمام الإعلامي، ما يقلل من فرص مشاهدتها ويضيع جهد صانعيها.

وأضاف أننا نحتاج إلى المزيد من الأماكن لتقديم مسرحيات عدة، لأن مسرحاً واحداً لا يكفي، بالإضافة إلى ضرورة العرض في المحافظات المحرومة من أية أنشطة فنية، للأسف.

في السياق ذاته، أكدت الناقدة المسرحية سامية حبيب، أن العروض المسرحية موجودة بشكل مستمر ولها جمهورها الشغوف، والدليل نجاح مسرحية «سنو وايت» اللافت بمقاعد مكتملة. تابعت: «يجهل الناس وجود مثل هذه العروض المسرحية للأسف بسبب تجاهل الإعلام، فيما من المفترض أن تحظى مثل هذه الأعمال باهتمام كبير، لا سيما أن صانعيها بذلوا فيها جهداً كبيراً».

وختمت كلامها: «للأسف، يهتم الإعلام بأعمال الفنانين الكبار فحسب، فيما يتناسى الكوادر الشابة الأحق بالرعاية والاهتمام».

المقولات نفسها أكدتها الناقدة المسرحية مايسة زكي، موضحةً في تصريحاتها أن العروض المسرحية عموماً ومسرح الطفل خصوصاً لم تختف، بل موجودة دائماً، لا سيما مسرح الطفل. لكن للأسف التكنولوجيا قللت من إقبال الجمهور على المسرح، إذ إن الأجيال الراهنة باتت أكثر ارتباطاً بالتلفزيون والأفلام السينمائية والألعاب عبر الإنترنت، يضاف إلى ذلك وهو الأهم أننا أصبحنا نعيش في دولة خالية تماماً من ثقافة الخروج من المنزل ومشاهدة الأداء الحي.

فلسفة مسرح الطفل

في مقال حول مستقبل مسرح الطفل في مصر، رأى الكاتب الصحافي باسم صادق أننا يجب أن نتوقف للتفكير في مستقبل هذا المسرح وفلسفته، وبيّن أنه يحلم بأن يتحوّل مكان ما إلى بؤرة إشعاع ثقافي فني متكامل يقضي فيها الطفل يوماً كاملاً متنقلاً بين مكتبة للقراءة ومسابقات مختلفة، وورش تمثيل وغناء وديكور وأشغال يدوية وأزياء، وحتى تأليف، وخلافه وألا تقتصر الورش على المواهب كما هي الحال الآن.

تابع: «لا مانع من أن يتناوب أبطال العروض المختلفة لمشاركة الأطفال في يومهم الذي ينتهي بمشاهدة العرض وطرح مناقشات مثمرة حوله مع الجمهور، والأهم أن يتوسع هذا النشاط الثقافي المتكامل لينتشر في المحافظات بثيمات تليق بعقلية طفل القرن الحادي والعشرين».