أحيت المطربة سميرة سعيد حفلا غنائيا جماهيريا في ظهورها الأول بالكويت عقب غياب لأكثر من 15 عاما، حيث اعتلت النجمة المغربية المسرح الوطني بمركز جابر الأحمد الثقافي لما يقارب ثلاث ساعات، لتشدو بمجموعة من أبرز أعمالها الغنائية، لاسيما أن مكتبتها متخمة بالعشرات من الأعمال بلهجات عربية مختلفة، فهي من أولى المطربات العرب اللاتي طرقن أبواب الغناء الخليجي، كما لم تنسَ أن توثق لحضورها بلهجتها المغربية.

ويبقى أن السواد الأعظم من أعمالها التي عرفها بها الجمهور باللهجة المصرية، لم لا وسميرة أو "الديفا"، كما يلقبها جمهورها، وإن كانت مغربية الجنسية، لكنها مصرية الهوى والهوية.

Ad

أطلت سميرة في الثامنة من مساء أمس الأول بمعية فرقتها الموسيقية، تحت قيادة المايسترو محمد عرام، ليستقبلها الجمهور بود وحب، جمهور جاء خصيصا للقاء "الديفا" يحفظ أغنياتها، بل تواريخ صدورها، تشاورهم فيما ستقدم، وتنزل عند رغبتهم، وتطربهم بالقديم، وتلهب حماسهم بجديدها، وتشجي كل من تكبَّد عناء الحضور، متحديا برودة الطقس، بأبرز ما غنت في حقبة التسعينيات.

حضور فني وباقة ورد لسميرة

توقف الحفل لدقيقة عندما اقترب واحد من الجمهور من المسرح، وقدم لسميرة باقة ورد، لتشكره قائلة: "شكرا يا جدو".

كما شهد الحفل حضورا فنيا مميزا من الشباب، منهم الفنان مشاري البلام والكاتب فهد العليوة، الذي بدا متحمسا وملما بأدق تفاصيل مشوار سميرة، حيث كان يسبقها في التعريف بسنة طرح كل أغنية، لاسيما "عتاب"، حيث سألت الحضور؛ أي عام طرحت الأغنية؟ فأجاب العليوة عام 1977. كذلك كان ضمن الحضور المذيع علي نجم وعبدالله يحيى.

محطات عدة في مسيرة سميرة شكلت ملامح شخصيتها الفنية، بدءا من تعاونها مع الموسيقار بليغ حمدي، وهي أكثر مطربات جيلها لقاء به في فترة الثمانينيات، من ثم مرحلة الملحن جمال سلامة، الذي تعاونت معه في أعمال عدة، أبرزها: "قال جاني بعد يومين"، من كلمات عبدالوهاب محمد، بعد ذلك محطة التسعينيات، التي شكَّلت نقطة تحوُّل في مشوارها، حيث بدأت في تطوير الأغنية الشبابية منذ ألبوم "خايفة"، الذي تضمَّن مجموعة من أغاني الجاز العربي، مثل "بشتاقلك ساعات"، وأخيرا جاءت حقبة بداية الألفية الثالثة، لتشهد مرحلة جديدة بألبوم "ليلة حبيبي".

كانت النجمة المغربية من الذكاء، بحيث لم تحدد برنامجا مسبقا لحفلها، هي تدرك جيدا أن تفاعل الجمهور سيفرض عليها أنماطا بعينها من الغناء، واختيارات ربما لم تكن في الحسبان، وهو ما كان بالفعل، عندما ألحَّ الحضور عليها في أغنية "لعلمك أنت"، من ألحان صلاح الشرنوبي، وكلمات عمر بطيشة، وهي من إنتاج 1995، حيث أكدت سميرة أنها المرة الثانية التي تقدمها "لايف" خلال مشوارها الغنائي.

وبدأت سميرة الحفل على وقع أنغام أغنية "هوا هوا"، من ألبوم "عايزه أعيش" 2015، والأغنية من كلمات شادي نور، وألحان بلال سرور. وكان استقبال الجمهور لها يليق بحجم الاشتياق لفنانة غابت عن الحفلات بالكويت لسنوات، وهي أيضا ردَّت التحية، ومدَّت جسور التواصل معهم، فحلَّقت في أفق الإبداع كفراشة تعانق الزهور المحيطة بها من كل اتجاه.

بعد ذلك غنت سعيد "يا لطيف يا لطيف"، من الألبوم نفسه، قبل أن تعود إلى حقبة التسعينيات، وتشدو بأغنية "عالبال"، لتنزل عند رغبة الجمهور وتشدو بالخليجي أغنية "غريبة جاية"، من كلمات أسعد عبدالكريم، وألحان طلال.

وتمضي النجمة المغربية في حفلها، لتختار أغنية "بشتقلك ساعات"، من كلمات عماد حسين، وألحان محمد ضياء، وهي من الأعمال المميزة التي قدمتها سميرة مطلع التسعينيات.

إرضاء الجمهور

وتعود سعيد بعد الاستراحة وفي جعبتها مجموعة أخرى من الأغنيات، ولعل التحدي الذي يواجه مطربي جيل سميرة، هو كيفية إرضاء الجمهور العاشق لأعمالهم، وهنا يستخدم المطرب ذكاءه في اختيار ما يلائم أجواء الحفل.

ويبدو أن سعيد أدركت مبكرا أن جمهورها من فئات عمرية مختلفة، منهم من عاصرها منذ بداية مشوارها، وهناك جيل الثمانينيات، الذي عاصر الفترة الذهبية للنجمة المغربية، والتي اختارت أن تدخل المسرح مجددا على وقع أغنية "بالسلامة يا حبيب قلبي"، قبل أن تعود للهجة الخليجية وتنتقي أغنية "يا ابن الحلال"، من كلمات سعود سالم، وألحان د. عبدالرب إدريس، وقدمتها للمرة الأولى عام 1987.

وتسير سميرة على درب الطرب والتميز في هذا المساء، فتشدو بـ"محصلش حاجة"، ثم تتوقف عند واحدة من الأغنيات التي يعتبرها النقاد نقلة في شكل الأغنية العربية، كونها أول أغنية درامية قصيرة، وهي "قال جاني بعد يومين"، من ألحان جمال سلامة، وكلمات عبدالوهاب محمد، وغنتها سميرة مرتين بمعية الجمهور، حيث طلبت استبعاد إحدى السماعات من المسرح، وقالت في منتصف الأغنية: "أتمنى إيقاف هذه الساعة، مش قادرة أسلطن"، لتعيد الأغنية مجددا، وتبدع فيها.

وتقفز "الديفا" لمطلع الألفية عندما تختار أغنية "يوم ورا يوم"، لتلهب حماس الجمهور، قبل أن تشدو بـ"أه بحبك"، من كلمات أحمد شتا، وألحان حميد الشاعر، وإنتاج عام 1999. وختمت سميرة الحفل بأغنية "هوا هوا".

الموسيقى أجمل ما في الحياة

عبَّرت الفنانة سميرة سعيد عن سعادتها بالعودة للغناء في الكويت، بعد غياب يناهز 15 عاما. وأثنت النجمة المغربية على مركز جابر الأحمد الثقافي، مؤكدة أنه تحفة معمارية، ومعلم فني كبير. وأضافت: "سعيدة بالتواجد في الكويت بينكم اليوم، ومندهشة بمركز جابر الأحمد. بالفعل، نحن أمام تحفة معمارية مصدر فخر لنا جميعا، وأشكر الكويت على هذا الصرح الفني الذي يمهد لنا الطريق لنغني بأريحية".

وتابعت: "الموسيقى أجمل ما في الكون، وهي المتنفس الوحيد لنا، بعيدا عن الأخبار السيئة التي تعكر صفو حياتنا".

وكشفت عن أنها بصدد العودة في مشروع غنائي خليجي قريبا: "أنا من أولى المطربات اللاتي قدمن اللهجة الخليجية، وأعتزم العودة مجددا في القريب العاجل بمشروع سأعلن عنه لاحقا".