هل هناك أمل في القادم؟
حسبما نشر في الإعلام حتى الآن لا يظهر أن هناك جديداً في طريقة ونهج التشكيل الوزاري القادم، فالجماعة هم الجماعة، الأمور ثابتة بهم وعندهم، ولو تغيرت الدنيا بمن فيها، فقد تتغير الأسماء لكن النهج دائماً ربما يظل راكداً لا يتغير، الجديد هذه المرة هو دخول الشيخ ناصر صباح الأحمد كوزير للدفاع وكنائب أول لرئيس مجلس الوزراء، وبمنصبه في "الدفاع"، رغم أهميته وكونه منبعاً لثراء الكثيرين تاريخياً، قد تصبح هذه الوزارة مناسبة لوضع الأمور في نصابها الصحيح.أهم من تولي الشيخ ناصر وزارة الدفاع هو مشاركته في التشكيل الوزاري، والأمل أن هذه المشاركة بحد ذاتها ستلقي حجراً في مستنقع الركود للإدارة السياسية، فالشيخ ناصر ظل لفترة طويلة خلال عمله كوزير للديوان الأميري خارج دائرة الجدل السياسي في الوزارة، وكان ينظر للعمل السياسي وصداعه من بعد نسبي، وكانت له رؤيته المستقلة، استقلالية الشيخ ناصر التي تبنت في السابق نهجاً نقدياً للعمل الوزاري برثاثته تجلت في التسعينيات حين كان ناشراً لمجلة الزمن لفترة، واستقطب فيها عدداً من الزملاء من أصحاب المواقف النقدية الوطنية، وتعرض الشيخ ناصر في وقتها، وبعد عمر مجلة الزمن، للكثير من النقد والتجريح من جماعات المصالح، وهذا يحسب له، الآن سيكون الشيخ ناصر تحت دائرة الضوء وفي عمق الحدث الذي يفترض أشخاصاً في مستوى التحدي، فالظرف الاقتصادي وبالتبعية السياسي لم يعودا كما كانا، وهذا يدركه تماماً الشيخ ناصر، ويعلم أن الكثير من التضحيات مطلوبة الآن، وهي تكلفة لن يتقبلها الأغلبية اليوم ما لم تبدأ التضحية من الكبار، وبتقليم مراكز النفوذ والفساد حسب القانون، أي ان يبدأ بتنظيف الدرج من الأعلى.في لقاءات الشيخ ناصر الأخيرة شدد على الهم الاقتصادي، وعبء أن وظيفة ما يمكن أن يقوم بها اثنان خصصت لها الحكومة مئتين من موظفي "تعال باجر"، وهذا العدد يعني البيروقراطية المتحجرة المريضة بكل فسادها، والتي تقف عقبة كبيرة أمام أي محاولة للإصلاح الإداري، وهي صورة مجسدة للحالة الريعية المكرسة في الدولة عبر عقود من "إجازة الاقتصاد والسياسة".
اجتهاد الشيخ ناصر وبرؤية سمو الأمير عن كويت 2035، والتي تتمثل في طريق الحرير واستثمار الجزر، وما يعني هذا من رافد جديد لتوفير الوظائف لألوف القادمين لسوق العمل، يفترض أن تكون له الأولوية في الوزارة الجديدة، ومطلوب في الوقت ذاته بعض التفهم من نواب مجلس الأمة، وتحديداً النخب السياسية المحافظة للتغيرات المطلوبة في قوانين الدولة، ولكي تكون الكويت الباب التجاري الكبير لجيرانها في الشمال.هناك أمل أن تتفهم السلطة ضرورة كسر قيود القمع الكثيرة، كما تجلت بقوانين الجزاء والمطبوعات والنشر والمدونات وتطبيقها القضائي القاسي، فهناك العشرات من أصحاب الرأي في السجون أو خارج الحدود، بعد أن ضاق بهم وطنهم، وهذا لم يمر على تاريخ الدولة من قبل، وهؤلاء ليسوا جناة من السارقين وقطاع الطرق وبلاعي المال العام، هم دعاة إصلاح سواء اتفقنا أو اختلفنا مع طريقة طرحهم، وآلمهم ما يحدث في إدارات فاسدة فما مناسبة رميهم في السجون؟!لم تعد الكويت تحمل الوجه القديم المتسامح، بل أصبح وجهها قاسياً متجهماً، ولكي تكون بداية إصلاح جدية لابد من تحطيم هذا القناع القاسي القبيح، وتفتح السلطة صفحة جديدة في علاقتها مع المختلفين معها والمعارضين لها، فقوة الدولة تكون في تلاحم أبناء الوطن ووعيهم بالبعدين الوطني والإنساني.ماذا يمكن أن تفعله الحكومة الجديدة؟ وهل يمكن للشيخ ناصر ومن خلال عمله في "التيم" الحكومي بكل تراثه الثقيل أن يصنع شيئاً ويكسر هذه الدائرة المغلقة؟! لننتظر.