مع خطوة القدس خرّب ترامب عمليته للسلام في الشرق الأوسط
ألقى ترامب قنبلة دبلوماسية في عملية السلام في الشرق الأوسط بقراره المزدوج: الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إليها، فكسر هذا القرار سياسة أميركية اتبعتها الإدارات الجمهورية والديمقراطية على حد سواء طوال سبعة عقود، لكن الوجه المحير والمتناقض على الأرجح في إعلان ترامب كان توقيته، وخصوصاً أن عملية الانتقال هذه قد لا تُنفَّذ إلا بعد العثور على سفارة جديدة أو بنائها، علماً أن هذه العملية قد تستغرق ثلاثة إلى أربعة أعوام، وفق المسؤولين الأميركيين.ذكر رئيس الوزراء الفلسطيني رامي حمدالله أن هذا الإعلان "يقوّض عملية السلام"، وقد كرر هذا التحذيرَ الكثيرُ من المسؤولين الفلسطينيين البارزين الذين رحبوا بمفاوضات السلام وتحاوروا مع الإسرائيليين طوال أكثر من ربع قرن منذ اتفاق أوسلو عام 1993.كان خليل الشقاقي أحد الفلسطينيين الأوائل الذين عملوا مع نظرائهم الإسرائيليين على دراسة مدى إمكان إحلال السلام بإجراء استطلاعات للرأي العام قبل الاتفاق في مطلع تسعينيات القرن الماضي. أسس الشقاقي إحدى المجموعات الأولى لاستطلاعات الرأي المستقلة في العالم العربي، المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في رام الله، فضلاً عن أنه قدّم عددا كبيراً من المحاضرات أمام مجموعات من اليهود الأميركيين، كذلك أصبح عام 2005 باحثاً بارزاً في مركز كراون لدراسات الشرق الأوسط التابع لجامعة براندايس.
أخبرني الشقاقي: "إذا اتخذ ترامب هذه الخطوة بمعزل عن كل الجهود التي يبذلها في سبيل السلام، تكون منافية للمنطق لأنها ستقضي على أي فرصة لاعتبار هذه الجهود ذات مصدقية". ولا عجب في أن العالم الإسلامي تفاعل بغضب شديد مع قرار ترامب، فقد كشفت تركيا عن خطط لعقد قمة لقادة الدول الإسلامية بغية تنسيق الرد، كذلك أثارت هذه الخطوة قلق العالم الأشمل، فقد عبّرت روسيا والصين عن خوفهما من تنامي التوتر في منطقة تشتعل بنيران أربع حروب في سورية، والعراق، وليبيا، واليمن. أدركت وزارة الخارجية الأميركية مخاطر قرار الرئيس وتفاعلت معه بسرعة، فيوم الأربعاء منعت الدبلوماسيين الأميركيين وعائلاتهم "حتى إشعار آخر" من السفر إلى مدينة القدس القديمة والضفة الغربية، بما فيها بيت لحم وأريحا، إلا لإنجاز "أعمال ضرورية"، كذلك طلبت من كل المواطنين الأميركيين "تفادي مناطق تجمّع الحشود وانتشار رجال الشرطة والجنود بشكل كثيف".لكن تطبيق سياسة ترامب قد يكون بعيد الأمد، إذ تملك الولايات المتحدة راهناً قنصلية أميركية في القدس تشكّل صلة الوصل مع السلطات الفلسطينية، علماً أنها ليست تابعة لسلطة السفارة الأميركية في إسرائيل، ومن الخيارات التي نوقشت في الماضي إمكان تحويلها إلى سفارة والعثور على منشأة جديدة لقنصلية تتولى شؤون الفلسطينيين.في القدس تفاعلت الحكومة الإسرائيلية مع هذا الإعلان بإضاءة أسوار المدينة القديمة التاريخية بالأحمر، والأبيض، والأزرق ترحيباً بقرار الولايات المتحدة. كذلك أثنى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على إعلان ترامب، معتبراً إياه "خطوة مهمة". وتعهد "بمواصلة العمل مع الرئيس الأميركي وفريقه لتحويل حلم السلام إلى حقيقة"، ولكن نظراً إلى رد فعل الأطراف الأخرى، قد يكون احتمال إحقاق السلام أبعد مما كان عليه قبل عشرة أشهر عندما وصل ترامب إلى البيت الأبيض.* روبن رايت* «ذا نيويوركر»