تصدر اسم الفنان أبوبكر سالم "ترند" السعودية على موقع "تويتر"، بعد إعلان وفاته مساء أمس الأول، عن 78 عاماً، وأشعل مواقع التواصل عبر نشر مواقع لأغنياته ولقاءاته، إضافة إلى كلمات التأبين التي كان يقدمها محبوه لأسرته.

لا يمكن اختزال تجربة الفنان الراحل في الغناء فقط، فقد كان عازفاً وملحناً وشاعرا ومثقفاً ومربياً، حيث التحق بسلك التعليم في بواكير حياته، لذلك كان رحيله صدمة لمحبيه، لاسيما أنهم اعتادوا خلال الفترات السابقة على سماع هذه الشائعات، لكن الصدمة هذه المرة أن الخبر لم يكن شائعة، بل حقيقة.

Ad

انتكاسات متكررة

ضمن هذا الإطار، تحدث أحمد نجل الفنان الراحل، عن حالة والده الصحية والأمراض التي عاناها وأدت إلى انتكاسة حالته الصحية قبل وفاته. فقال عن مراحله الأخيرة إن "والده عانى مشكلات في القلب وفشلا كلويا في فترة سابقة، وإثر ذلك أوصى الفريق الطبي المعالج بضرورة استكمال علاجه في ألمانيا، وحدث ذلك فعلا، وعقب رحلة علاجية طويلة عاد إلى السعودية عقب شعوره بتحسّن كبير، لكن حالته كانت تشهد هبوطا وصعودا بين الراحة والمرض".

وتابع: "لكن والدي تعرض لأزمات متكررة أثرت سلبا على صحته، لاسيما أنه أجرى عملية قلب مفتوح قبل 5 سنوات في ألمانيا".

صوت أصيل

ونعى كثير من الفنانين والإعلاميين العرب الراحل أبوبكر سالم بلفقيه، مستذكرين مناقبه، ومشيرين إلى أن الغناء العربي فقد صوتا أصيلا.

بدوره، نعى الفنان راشد الماجد وفاة سالم معلقا: "نعزي أنفسنا وأسرة الفقيد الراحل الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى، وأتقدم بخالص العزاء لأسرة المغفور له بإذن الله تعالى، سائلين المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، إنا لله وإنا إليه راجعون".

أما المطرب رابح صقر فقدم التعازي لأهل الفن: "نعزي أنفسنا أولا ونعزي الجميع برحيل هرم موسيقي رافقنا صوته في كثير من ذكرياتنا، رحم الله أستاذنا أبوبكر سالم، وغفر له وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان".

وشارك في التأبين الفنان عبدالمجيد عبدالله، معتبرا رحيل الفنان خسارة للفن العربي، وقائلا: "رحمك الله يابو أصيل، وأسكنك فسيح جناته، إنا لله وإنا إليه راجعون".

بكلمات مفعمة بالحزن والحسرة، قالت الفنانة أحلام عن الراحل مغردة: "وترجّل الفارس ورحل عنا، ودعنا أبانا الغالي أبوبكر سالم بلفقيه، اللهم أبدله دارا خير من داره وأهلا خيرا من أهله، واجعل مثواه جناتك جنات النعيم، فلنوحد الدعاء لأبينا، وداعاً أبوبكر سالم، ادعوا له بالرحمة".

ونشر الفنان نبيل شعيل صورة له مع الفنان الراحل على "إنستغرام"، وعلق عليها قائلا: "فقدت اليوم عامود ارتكازي ومحوري الفني ووالدي الروحي أبو أصيل".

وكتبت الفنانة نوال في وداعه: "رحل عنا الفن الأصيل، رحمك الله يا أبوأصيل، وأسكنك فسيح جناته".

وأعرب الممثل حسن البلام عن حزنه الشديد لوفاة سالم، متقدما بأحر التعازي لأسرة الراحل: "نتقدم بأحر التعازي إلى أسرة الفنان القدير الراحل"، ومضيفا "إخواني: أديب وأصيل وأحمد، رحم الله فقيدكم وفقيدنا الغالي، وأسال الله تعالي أن يرحمه ويغفر له".

وعبرت الفنانة أنغام عن حزنها لرحيل سالم قائلة: "رحم الله أستاذنا الكبير، أبوبكر سالم، نسأل الله أن يسكنه فسيح جناته"، في حين، كتب عاصي الحلاني على "تويتر": "وداعا أبوبكر سالم، رح بتضل عايش معنا بأعمالك وفنك الراقي".

وضمن السياق ذاته، قالت شيرين عبدالوهاب: "يرحلون وتبقى أعمالهم خالدة في قلوبنا، رحم الله الفنان القدير أبوبكر سالم".

أما الفنانة دنيا بطمة فكتبت رسالة عن الراحل قالت فيها: "انتقل الى رحمة الله الأسطورة والكبير بفنه الراقي الذي أطرب قلوبنا، وتعلمنا من فنه وصوته الكرواني الكثير، الله يصبر كل أهلك ويصبرنا ويصبر كل أهل الخليج واليمن على فقدك... ستبقى في قلوبنا إلى الأبد".

وعبرت الفنانة أسما لمنور عن حزنها البالغ وكتبت: "يرحمك الله، ويعوض محبتنا لك صبر حبيبي يا أبوأصيل، فقدانك قاس، شكرا على عطائك طوال هذه السنين، وشكرا لكل نوتة موسيقية تعلمتها منك، تعازي لعائلتك كلها، ولأسرة الفن كلها على فقدان لبنة مهمة في تاريخ موسيقانا العربية".

وغردت الفنانة بلقيس معبّرة عن حزنها قائلة: "من الصدمة مو قادرة أصدق، لا حول ولا قوة إلا بالله، ربي يرحمه ويغفر له، فهو معلم ومدرسة في الفن، ورنة صوته ستبقى عالقة في أذهاننا إلى الأبد أحر التعازي لأهله وذويه وأبنائه".

ونعى الفنان فؤاد عبدالواحد وفاة الراحل معلقا: "هكذا هم الكبار، هكذا هم الأساتذة، يعلمونا الفرح والسعادة أحياء ويعلمونا الحزن بالرحيل، رحلت جسدا وبقيت صوتا وتاريخا لا يموت، رحمك الله يا أستاذنا".

كما أعربت المطربة ديانا حداد عن حزنها الشديد لوفاة سالم، حيث نشرت صورة تجمعها بـ "أبوبكر" عبر "تويتر"، وعلقت: "وفاة سالم رحمة الله عليه، وأسكنه الله فسيح جناته". ووجّه عدد كبير من الفنانين العرب تعازيهم إلى جمهور أبوبكر سالم وأسرته، ومنهم سميرة سعيد ونانسي عجرم والإعلامي نيشان، إضافة إلى تعاز قدمها العديد من الجهات الثقافية والفنية برحيله.

يشار إلى أن آخر أعمال سالم كان بعنوان "يا بلادي واصلي" في سبتمبر الماضي.

ألوان غنائية

من المعروف أن الراحل من مواليد 17 مارس 1939 بمدينة تريم التاريخية في حضرموت، ثم انتقل إلى السعودية في سبعينيات القرن الماضي، وعاش متنقلا بين عدن وبيروت وجدة والقاهرة، إلى أن استقر في الرياض. وتميز بعذوبة صوته وقدرته على أداء الألوان الغنائية المختلفة، والحرص على انتقاء الكلمات الهادفة.

وقدم مجموعة كبيرة من الأغاني من أشهرها "يا ورد محلا جمالك"، و"قال المعنى لمه"، و"مسكين يا ناس"، و"يا ليل هل أشكو"، و"مجروح"، و"24 ساعة"، و"كما الريشة"، و"يا بلادي واصلي"، و"غيار" و"سر حبي فيك غامض"، إضافة إلى قصائد بالفصحى للشاعر التونسي أبوالقاسم الشابي وجده أبوبكر بن شهاب.

وحقق شهرة إقليمية كبيرة من خلال الحفلات التي قدمها في معظم الدول العربية، كما كتب ولحن للعديد من المغنين العرب، ومنهم الراحلة وردة الجزائرية.

وعانى سالم من المرض خلال السنوات العشر الأخيرة في حياته، حيث خضع لعملية قلب مفتوح، ثم رقد داخل إحدى المصحات الطبية فترة امتدت عدة أشهر.

وكان آخر ظهور عام له خلال حفل أقيم في جدة خلال سبتمبر بمناسبة اليوم الوطني السعودي، حيث أطل من فوق كرسي متحرك، وتم تكريمه ومنحه درعا، بصفته رمزا وطنيا فنيا.

جوائز وشهادات تقدير

حصل سالم خلال مسيرته الفنية على العديد من الأوسمة والجوائز والتكريمات، منها الكاسيت الذهبي من إحدى شركات التوزيع الألمانية، وجائزة منظمة "اليونسكو" للفن، ووسام الثقافة في عام 2003، وتذكار صنعاء عاصمة الثقافة العربية عام 2004، وقلده الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، وسام الفنون من الدرجة الأولى عام 1989، ومنحته جامعة حضرموت درجة الدكتوراه الفخرية في عام 2003.

وكرّم أيضا أبوبكر من قبل دولة الإمارات، إذ حصل منها على وسام من الدرجة الأولى في الفنون والآداب، وأهداه الشيخ زايد بن سلطان سيفا من الذهب الخالص احتفظ به حتى وفاته.

الرئيس اليمني يعزي أسرة الفقيد

أجرى رئيس الجمهورية اليمنية عبدربه منصور هادي، اتصالاً هاتفياً بأحمد أبوبكر سالم بلفقيه، حيث عزاه في وفاة والده الفنان الكبير أبوبكر سالم بلفقيه، الذي توفي أمس الأول.

وأشاد هادي بمناقب الفقيد الفنان أبوبكر سالم، التي جسدها خلال مشوار حياته الفنية التي أثرى من خلالها الساحة الفنية والثقافية في اليمن والوطن العربي بأعمال غاية في الروعة، من خلال جمال صوته وعذوبة كلماته وشجي ألحانه.

ووفق الموقع الرسمي للرئاسة اليمنية قال هادي إن "الفنان الكبير أبوبكر سالم مدرسة فنية شاملة، وتتلمذ على يديه الكثير من الفنانين العرب، وأسهم بشكل كبير في صقل المواهب الشابة من خلال أعماله المتميزة في اللحن والكلمات".

وأضاف: "الفنان أبوبكر حلّق بصوته الجهوري وأدائه اللافت في عدد من المحافل العربية والدولية، وكان يحمل معه هم الوطن والمواطن، وذلك من خلال أغانيه وأناشيده الوطنية الخالدة التي قدّمها، والتي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الثقافة اليمنية التي يرددها الكثير من الفنانين الشباب وعامة الناس؛ نظراً لما تحمله تلك الكلمات من معانٍ نبيلة وقيم الحب والتسامح والوحدة والقيم الإنسانية الرفيعة".

وأردف: "الفنان أبوبكر حمل رسالة قيمة، واستطاع إيصالها باقتدار إلى مختلف شرائح المجتمع، من خلال أغانيه الوطنية والدينية التي تميز بها دون غيره، وهو يعد من أسرة لها صيتها وتشتهر بالنجابة والذكاء والعلم والأدب، ومن أسرة متدينة ومثقفة، وهذا ما ساعده في عمله الفني ومكّنه من إيصال الرسالة الفنية والدينية إلى عقول ومسامع الناس بطريقة يصعب على فنان آخر إيصالها".

وثمن الدور الكبير الذي لعبه الفنان أبوبكر سالم في إثراء الساحة اليمنية والخليجية والعربية بالعديد من الأعمال الغنائية والفنية المتميزة؛ لتفرده في أداء الألوان الغنائية المختلفة.

وأعرب عن قناعته بأن أعمال الفقيد ستظل خالدة في تاريخ الفن اليمني والعربي والخليجي؛ لأنها اتسمت بالحكمة والموعظة، وحملت الطابع الأخلاقي والاجتماعي والهموم التي يعانيها المغترب؛ لأنه عاش مغترباً عن وطنه الأصلي، وبحكم نشأته في بيئة دينية محافظة.

وقال الرئيس اليمني: "رحيل الفنان أبوبكر سالم يمثل خسارة كبيرة للفن اليمني خاصة، والعربي والخليجي عامة، وسيترك أثراً بالغاً في الوسط الفني يصعب تعويضه".