تحرير القدس!
لم يعد في هذا العالم الرحب سوى العرب الذين ترتعد فرائصهم من دونالد ترامب، فبعدما أكرموه بمئات الملايين من الدولارات وأحسنوا ضيافته ووثقوا بوعوده الكاذبة بتحويل المنطقة العربية إلى نعيم استنفر قواه لتفجير الصخور الصماء في عموم أميركا لاستخراج النفط الحجري وبتمويل عربي لينافسهم في تصدير الطاقة.
تشدق العرب طويلاً بتحرير القدس منذ احتلالها عام 1967 بعد معركة هزمت خلالها إسرائيل كل الدول العربية المحيطة بها في ستة أيام لا غير! ومنذ ذلك الحين بلغت النفقات العسكرية للدول العربية مجتمعة أكثر من 10 تريليونات دولار أميركي، وبلغ حجم الجيوش العربية نحو 7 ملايين جندي، ووصلت النفوس إلى 400 مليون نسمة، في حين تجاوز الاقتصاد العربي سقف 4 تريليونات دولار سنوياً!لم يتم تحرير القدس، ولكن بجرة قلم ومن على منصة خشبية صغيرة قيمتها حفنة من الدولارات أعلن الرئيس الأميركي القدس عاصمة لإسرائيل، ولم يكمل عامه الأول في البيت الأبيض، ولم يتقلد أي منصب حكومي رغم تجاوز عمره السبعين عاماً!هذه هي المفارقة التي تكشف حقيقة الذل والهوان الذي يعيشه العرب، وهذا هو الوهم الذي ركضنا خلفه سراباً لأكثر من نصف قرن بأن العرب بحكامهم وجيوشهم ومنابرهم الإعلامية وثرواتهم الخيالية يريدون أن يحرروا فلسطين وعاصمتها القدس!
اليوم بالكاد توجد عاصمة عربية غير مهددة، بل إن عواصم مثل دمشق وبغداد وصنعاء وطرابلس والقاهرة وبيروت قد تحولت إلى مرمى مستهدف بالإرهاب والدمار والمؤامرات بإدارة وإرادة وتمويل ومرتزقة من العرب أنفسهم! فإلى من نركن لتحقيق حلم تحرير القدس إذا كان هذا هو واقعنا المر؟!الرئيس الأميركي ترامب شخصية باتت منبوذة ومقيتة، لم يعد يخشاه أحد في العالم أو يحترمه سوى العرب، فقد تحداه فتى كوريا الشمالية العشريني، وقد وبّخه الرئيس الفرنسي اليافع، وشتمته سيدة ألمانيا الأولى، وداس على صورته رئيس الوزراء الأسترالي الشاب، واستهزأ به الإيرانيون، وتحداه أردوغان، وصمد في وجهه السوريون والعراقيون، وقلب عليه الأفغان، وتجاهلته امرأة ميانمار الجلادة، وقال له أقرب حلفائه في أوروبا واليابان "الله يعطيك"، أما بوتين فما زال يركل فيه ككرة في أكبر ملعب سياسي أولمبي، ولم يعترف بقراره المشؤوم سوى صهره اليهودي ونتنياهو الصهيوني!لم يعد في هذا العالم الرحب سوى العرب الذين ترتعد فرائصهم من دونالد ترامب، فبعدما أكرموه بمئات الملايين من الدولارات وأحسنوا ضيافته ووثقوا بوعوده الكاذبة بتحويل المنطقة العربية إلى نعيم استنفر قواه لتفجير الصخور الصماء في عموم أميركا لاستخراج النفط الحجري وبتمويل عربي لينافسهم في تصدير الطاقة، ثم طعنهم في ظهرهم بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل!هل المطلوب اليوم هذا الحجم من المظاهرات والاحتجاجات وخروج الملايين من الشباب والنسوة إلى الشوارع وهم يتعرضون للضرب والغازات المسيلة للدموع لرفض هذا القرار الحقير فقط؟ أليس الأولى أن يكون الرد متمثلاً بمقولة العين بالعين والسن بالسن ثم "القلم بالقلم"، حيث بقرار على ورقة لا تكلف قيمتها 10 سنتات أميركية نعلن مقاطعة الرئيس غير المحترم وحكومته دون الخوض في إشغال أنفسنا وبعضنا ببعض؟ لكن مثل هذا القرار السهل والبسيط ينقصه شيء واحد وهو توافر الرجال!