بوتين والأسد... آمر ومأمور!
ربما لاحظ كثيرون أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بقي "يتقصد" لقاء بشار الأسد في قاعدة حميميم الروسية بالقرب من اللاذقية، على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، ولعل الانطباع الذي ترسخ لدى بعض المتابعين أن المقصود هو إفهام مضيفه، وحقيقة إنه غير مفهوم من هو المضيف، أن القرار السوري الرئاسي أصبح في هذه القاعدة التي ستبقى تتحكم في سورية إلى ما لا نهاية إذا بقي شعار "الأسد إلى الأبد" مستمراً ومتواصلاً، وهذا يبدو مستحيلاً وغير ممكن، وحتى وإن لم تكن هناك ثورة بقيت تتجدد كل سنة منذ أكثر من سبعة أعوام!في المرة السابقة التقى بوتين بشار الأسد في منتجع "سوتشي" الشركسي على شواطئ البحر الأسود الجميلة، وكانت المدة الزمنية لتلك الزيارة أربع ساعات (معدودات) فقط، ولعل ما أعطى انطباعاً أن تلك الزيارة كانت استدعاءً من متبوع إلى تابع أن الرئيس الروسي حرص على أن يكون في قاعة استقبال ضيفه طابور من كبار الجنرالات، وكأنه أراد أن يقول له إن سبب بقائك حتى الآن هو هؤلاء، وإن عليك أن تنفذ تعليماتنا بحذافيرها، ولا تذهب بعيداً في مراهنتك على الميليشيات الإيرانية.
والمؤكد أن كثيرين قد شاهدوا كيف أن "التذيّل" قد وصل ببشار الأسد إلى حد أنه وضع رأسه على كتف بوتين، وربما أنه شهق شهقة طفل وضع رأسه على كتف أبيه في لحظة استجداء عاطفية، وخلال الأربع ساعات التي أمضاها هناك واصل استجداءاته بأن يبقى الوجود العسكري الروسي في سورية وألا يتركه وحيداً، لأن الإيرانيين غير قادرين على توفير الحماية التي توفرها له القوات الروسية.والمهم أنه قد ساد اعتقاد، بالاستناد إلى أن بشار الأسد قد جاء إلى "حميميم" استدعاءً، أن الحوار بين الضيف والمضيف كان في هيئة تعليمات وأوامر، وأن بوتين أبلغ بشار الأسد أن عليه أن يتوقف عن الألاعيب الصبيانية التي بات يلعبها في الآونة الأخيرة، وألا يراهن كثيراً، وأكثر من اللزوم، على الإيرانيين، وألا يحاول التمادي في "التحرش" بالروس، كما أن عليه ألا يلعب لعبة تأخير وفده إلى مفاوضات جنيف وغير جنيف مرة ثانية. وهذا يعني، إنْ صحت هذه التقديرات، وهي بغالبيتها صحيحة، أن بوتين بعد تأمين قواعد لروسيا في "حميميم" في اللاذقية وفي طرطوس أيضاً، وإلى الأبد، أصبح معنياً أكثر وأكثر باستعادة علاقات بلاده السابقة في زمن الاتحاد السوفياتي بمصر وغيرها من الدول العربية، وأصبح معنياً بحل كل إشكالات روسيا العالقة، ولم يعد قادراً على تحمل تدخل إيران المتمادي في الشؤون الداخلية للعديد من الدول العربية، و"تحرشها" المتواصل بإسرائيل، وهكذا وبالتالي فإن عليه، أي الأسد، أن يهيئ نفسه لإدراك أن هناك في الحلول المطروحة للأزمة مساحة زمنية تم الاتفاق عليها والاتفاق على أنها مرحلة انتقالية، والسؤال هنا: هل يا ترى هذه الورقة هي آخر أوراق هذا الرئيس السوري الذي قالت أطراف كثيرة إنه سيكون آخر رئيس "علوي" لهذا البلد؟!