يبقى بعض الأمل
مؤكد أن توزير النائب الجبري في الإعلام أمر محبط، فمطالبته بمنع "ندوة" جلال الدين الرومي، أو بتفسير أكثر خبثاً منع الشاعر الصوفي ذاته من دخول الدولة، بالقياس لمطالبة نائب قبله بحرمان معروف الرصافي من زيارة الكويت، لا تعني غير إظهار الحال المزري لواقع الثقافة والفكر في الدولة، والأكثر بؤساً الآن هو توليه أمر الثقافة والبحث الفكري بالدولة لبشر لا علاقة لهم لا بالفكر ولا بالثقافة، لكن ما العمل؟ ليتها حصرت في قضايا مثل قمع كاتب أو مصادرة كتاب من ولاة الجهل، ما هو أكبر هو البحث عن بصيص نور ينقذ الدولة من مستقبل مظلم، إذا استمر النهج السياسي على حاله في اختيار قيادات العمل بالدولة، وإذا استمرت معايير الاختيار رهينة الاسترضاءات لجماعات النفوذ وأصحاب المصالح.الأمل بتغيير النهج الحكومي قد يكون حلماً غير قابل للتحقيق، تتغير الأسماء كل مرة ومع كل تشكيل وزاري، لكن يبقى المضمون الجامد "على حطة إيدكم"، وزراء يأتون من فوق، لم يخترهم المواطنون وليس للمواطنين رأي فيهم، غير أن هذا ولد حلال، وهذا طيب وهذا نعرفه... وإلى آخر الكلام من قاموس مفردات الخواء في دولة التوارث القبلية وهيمنة أصحاب المصالح على مقاديرها. ما الجديد؟ لا شيء، مكانك راوح، ونظل نجتر الأزمات والأخطاء إلى ما شاء الله.
السؤال الآن، ما إذا كان دخول الشيخ ناصر صباح الأحمد بالوزارة قد يبشر بتغيير ما في نهج الإدارة البالية، وهل يستطيع أن يفعل شيئاً يحرك المياه الآسنة في العمل السياسي؟! من المبكر أن نصدر الحكم الآن، لكن تبقى أسئلة مثل ماذا يمكن أن يفعل الشيخ ناصر، فهناك مراكز قوى وأصحاب مصالح لا يريدون أي تغيير لا يكون لمصلحتهم، بعضهم يتواجد في الدائرة القريبة منه عائلياً، وآخرون في مراكز احتكارية وهيمنة مالية بالدولة، وهناك جماعات فساد متمددة بعرض الدولة وطولها، كيف يمكن مواجهتهم وبأي ثمن!ليس الشيخ ناصر البطل المنقذ، ولا أحد يراهن بأنه يملك الوصفة السحرية لانتشال الدولة من حالها، لكن أين هي الخيارات الأخرى، ونحن نرى جمود العمل الشعبي الآن، أو ربما عجزه عن التحرك بفعل القمع الرهيب الذي تعرض له بالسنوات القليلة الماضية؟ ماذا بقي "واقعياً" يمكن أن نراهن عليه الآن؟ لتكن البداية بطي صفحات القسوة التي أصابت الكثيرين من أصحاب الرأي المعارض، العديد منهم في السجون الآن، أو في حالة هجرة قسرية، ليكن أول الأمور إعادة الطمأنينة إلى أسر الكثيرين بعودة أبنائهم لهم، ولتكن هذه بادرة حسن نية وبشارة بعهد جديد، فمهما طال الحديث عن أزمة النهج الحكومي وجموده، يبقى هناك بعض الأمل بتغييره وكسر هذه الدائرة المغلقة.