قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أخيراً بجولة تعبر عن الانتصار شملت سورية ودولاً في الشرق الأوسط، وتؤكد عزمه على اظهار قدرته على ضمان اليد العليا ضد الولايات المتحدة في المنطقة.

وفي زيارة مفاجئة إلى القاعدة الجوية الروسية على الساحل السوري استقبل الرئيس السوري بشار الأسد، كما خاطب قوة من الجنود الروس في تلك القاعدة، قائلاً: «أيها الأصدقاء الوطن في انتظاركم، وأنتم تعودون حاملين راية النصر».

Ad

وفي غضون ذلك، وفي الغوطة الشرقية في ضواحي العاصمة السورية دمشق التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة، وحيث أعلنت روسيا في وقت سابق من هذه السنة أنها سوف تشهد هدنة، يتعرض الأطفال الذين يعيشون تحت الحصار إلى مجاعة.

وتجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من اتفاق «خفض التصعيد» الذي تم التوصل إليه في تلك المنطقة تواصل قوات الحكومة السورية قصفها مدعومة من إيران وروسيا في محاولة لضمان نصر حاسم هناك. ويتحدث هذان المشهدان بالكثير جداً عن حسابات روسيا وعن الحقائق التي ساعدت على فرضها على الأرض. ويتعين عدم التعويل بشدة على إعلان الرئيس الروسي حول سحب قوة كبيرة من قواته من سورية لأن وعوداً مماثلة أعلنت في الماضي ولم تجد طريقها إلى التنفيذ حتى الآن، وفي الأسبوع الماضي أعلن المتحدث باسم الكرملين أن روسيا سوف تحتفظ بقوة عسكرية كبيرة في سورية لمحاربة الارهابيين، ويشبه تعريف موسكو للإرهاب ما تقوله الحكومة السورية عنه.

ويحرص الرئيس فلاديمير بوتين بشدة على التحدث عن انتصار في الميدان، وفي موسكو أعلن عزمه على الترشح للانتخابات الرئاسية في العام المقبل، وإعادة بعض القوات الروسية من سورية، ويقال إن تلك القوات انتشرت إلى جانب الآلاف من المتعاقدين الخاصين من ذوي الصلة بالكرملين، هذه الإعادة سوف تكون جيدة لخدمة أغراضه السياسية.

وتعتبر الإصابات الروسية في سورية من الأسرار التي تحظى بكتمان وحذر كما هو الحال في ما يتعلق بتكلفة العمليات في ذلك البلد، ومن حيث المنظور الجيوسياسي كانت حرب بوتين في سورية استثماراً مربحاً للكرملين، وقد عول على الفوضى الاستراتيجية الغربية وتردد الولايات المتحدة بشأن التورط بقدر أكبر في النزاع.

وبعد سورية، توجه بوتين إلى مصر حيث اجتمع مع الرئيس عبد الفتاح السيسي وثمة حديث عن إمكانية استخدام الطائرات الحربية الروسية للقواعد المصرية.

وقد حرص بوتين على الاشارة إلى انتصاره على تنظيم داعش الارهابي، ولم تكن استعادة مدينة الرقة السورية إنجازاً روسياً، بل نتيجة حملة برية كردية- عربية مدعومة بغارات جوية من ائتلاف تقوده الولايات المتحدة.

ومن خلال تغيير توازن القوى على الأرض ومباغتة القوات الغربية عندما أرسل قواته إلى سورية في سنة 2015، استطاع بوتين تحقيق تأثيره المنشود، ولكن لعبة القوى الجيوسياسية لم تنته في سورية، ولا القتال فيها، وقد عادت روسيا إلى الشرق الأوسط في نهاية المطاف.