قال تقرير "الشال"، إن منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" عقدت اجتماعها الأخير بداية شهر ديسمبر الجاري في الكويت، وقررت تمديد اتفاق خفض إنتاجها حتى نهاية عام 2018، ذلك الاتفاق القديم، والتأكيد عليه، مكّن سوق النفط من بعض التوازن، ومعه حافظ برميل مزيج خام "برنت" على معدل مستوى سعري أعلى قليلاً من 60 دولاراً أميركياً.

ووفق التقرير، يحظى الاتفاق بدعم منتجين خارج "أوبك"، أهمهم إنتاجاً وتصديراً ونفوذاً، روسيا، واتفاقات خفض الإنتاج، أي التحكم اصطناعياً في جانب العرض، لا تصمد طويلاً في العادة، لكنها مهمة في الوقت الحالي لأنها تمنح فرصة لبعض الدول النفطية للحفاظ على استقرارها على المدى القصير.

Ad

وفي التفاصيل، دامت حقبة رواج سوق النفط الأخيرة ما بين بدايات القرن الحالي وعام 2014، أكثر من عقد من الزمن، تضاعفت خلالها أسعاره نحو 5 أضعاف، وارتكبت معظم دول النفط نفس خطايا الماضي بمضاعفة نفقاتها العامة نحو 5 أضعاف أيضاً.

وتسببت فترة الرواج تلك في مشكلتين كبريين، الأولى، هي اتساع كبير في فجوة الخلل المالي -العجز المالي- أصبحت حالياً معها استدامة المالية لمعظم دول النفط مستحيلة، والثانية، هي تغيير جوهري في اقتصادات بدائل النفط، وأهمها النفط غير التقليدي، الذي بات إنتاجه اقتصادياً كما حدث لحقول بحر الشمال الصعبة مع زيادة أسعار النفط في حقبة سبعينات القرن الفائت.

المشكلة الأولى، بات علاجها هدف سياسات الإصلاح المالي والاقتصاد في دول النفط، وبينما قد ينجح بعضها في الإفادة من دروس الصدمة، بعضها الآخر، إما فقد استقراره مثل فنزويلا، أو في الطريق إلى ذلك. بينما المشكلة الثانية، وضعت سقفاً أعلى لأسعار النفط أدنى بنحو 50 في المئة من أسعار آخر سنوات رواجه، أي أسعار عام 2013، ومازال التهديد قائماً بتطوير تقنيات إنتاج النفط غير التقليدي لتصبح أدنى كلفة. ذلك يعني، أن دول النفط المدمنة على إيراداته، تتضرر في الحالتين، حالة ارتفاع الأسعار، أو حالة انخفاضها، وعليه هي مجبرة على الدفاع عن أسعار معتدلة، هابطة بما يحفظ استدامة الحاجة إلى النفط التقليدي، ومرتفعة بما يضمن استقرار هش لبعض دول النفط على المدى القصير إلى المتوسط.

وعودة إلى اجتماع "أوبك" الأخير، في تصريح لاحق، يرى وزير النفط الكويتي السابق ضرورة عقد اجتماع في يونيو 2018 لمراجعة مبدأ خفض الإنتاج، وفي اعتقادنا أنها دعوة في مكانها، إذا كان الهدف هو ضمان استدامة الحاجة إلى النفط التقليدي.

وأي اتفاق قادم، لابد أن ينظر إلى المدى الطويل، وأن ينعقد بعد دراسة عميقة لمستوى السعر الذي يضمن استدامة الحاجة إلى النفط، وذلك لن يحدث إذا استمر الهدف الغالب هو استقرار بعض دوله العاجزة عن إصلاح أوضاعها، فالمدى الزمني الذي أتاحه الاتفاق، لابد أن يكون كافياً لمعظم دول النفط لتكيف ماليتها العامة مع أدنى سعر ممكن له، أما البديل، فهو استقرار المدى القصير، وربما المتوسط، مقابل فوضى عارمة على المدى الطويل.