«عبق الصبار»!
![مجدي الطيب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1458322261627985900/1458322269000/1280x960.jpg)
بـ «المغناطيس» بسبب قوة جاذبيتها! تزرع «عايدة» زهرة صبار في شرفة شقتها، ربما لأنها تشبه شخصيتها كثيراً، وهناك أحاديث متفرقة عن قنابل تنفجر هنا وهناك، في إيحاء بالاضطرابات الأمنية التي تعيشها مصر، وحديث أكثر أهمية عن «حرب المياه»، التي تنتظر مصر، وبدأت مقدماتها بالفعل، من خلال العربة نصف النقل التي تحمل صهريج ماء عذب «مفلتر وصاف»، لكن المخرجة تنتقد الوضع بعين المحب، ومع كل مشهد تبث مشاعرها الدافئة تجاه «القاهرة العامرة»، رغم المشاكل التي تحاصرها، وتختزلها المخرجة / كاتبة السيناريو في مشهد طرد «عايدة» و«سميحة» بواسطة صاحبة البناية، بحجة عجزهما عن سداد الإيجار، ليجدا نفسيهما في الشارع!بحساسية فائقة، وحسابات هندسية دقيقة، ولمسات تشكيلية راقية، تتحرك المخرجة طارحة رؤيتها، ولغتها، ففي داخل البناية ترصد كاميرا عبد السلام موسى المصعد من أعلى، والسلالم الملتوية تطل برأسها، وكأنها تتنبأ بالخطر المقبل، وفي مشاهد طفولة «عايدة» تتحول الشاشة، عبر الصورة والإضاءة والديكور والأكسسوار والألوان، إلى صخب جميل، لا يخلو من إيحاءات لها مغزاها (رؤوس وعقول سجينة في أقفاص العصافير)، وحتى دخول الشاب «ياسين» (مروان العزب) حياتهما تم بسلاسة، وعذوبة، ولم يكن مقحماً أو مفتعلاً، بعكس الظهور المفاجئ، والمرتبك درامياً، لشخصية «باسم» (باسم وديع) المصاب باكتئاب، بعد مروره بأزمة عاطفية مع صديقته الألمانية، وتشجيع البطلة وجارتها له على الغناء!تبحث «عايدة»، وجارتها، عن مأوى، ومجتمع يحتويهما، بعدما أصبحتا لاجئتين، فيما تعيش «هند» (فرح المصري)، صديقتها القديمة في الدراسة، استقراراً زائفاً، في مجتمع لا يعترف بغير الزيف والانتهازية، وتطلب لها الهداية، فيما تتعثر علاقة «عايدة» وحبيبها «أحمد» (الوجه الجديد صدقي صخر)، الذي يرفض الزواج منها، كونه صاحب قناعة بأن «الممثلة سيئة السلوك ورخيصة»، فالنظرة المناهضة للفن تعكس العقلية غير السوية التي تحكم قطاعات عديدة في المجتمع، وهو ما ترصده المخرجة بذكاء، ووعي، ونعومة، وهو الأسلوب الذي اختارته، وفرضته، وأبدعت من خلاله عملاً سينمائياً يتسم بحساسية واضحة، بل إنها نجحت في أن تجعل لـ «زهرة الصبار» عبقاً وألقاً ورائحة طيبة!