«الفرجة المسرحية» عنوان الندوة الفكرية الثانية التي أقيمت أمس الأول تحت مظلة مهرجان الكويت المسرحي الـ18، وشارك فيها أستاذ النقد والأدب المسرحي بالمعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت، د. محمد المهنا، ببحث تحت عنوان «أنساق الفرجة في المسرح الكويتي»، في دراسة لأثر المثاقفة في تكوين الفرجة المسرحية، عبر نماذج مختارة، كما قدم أستاذ التعليم العالي للمسرح وفنون الفرجة بجامعة مولاي إسماعيل، د. سعيد كريمي، ورقة بحثية بعنوان «الفرجة والثقافة الأنثروبولوجيا... فرجة كناوة بالمغرب نموذجاً»، بينما أدار الندوة د. أحمد صقر.في البداية، تحدث د. المهنا قائلا: يعبر رهان المسرح الكويتي في العقدين الماضيين عن حالة تباين في توجهات المشتغلين في المسرح بكل تفريعاتهم، فبقدر ما يعاني المسرح من حالة ضعف وسكون، خصوصا في إطار العروض التي تندرج تحت تصنيفات من قبيل «المسرح التجاري – المسرح الاحترافي»، فإننا نجد في مقابل ذلك مسرحا ينمو على نحو خاص في إطار تجارب فنية نوعية فريدة يقودها مجموعة من المبدعين والفنانين والكتّاب والمخرجين المعاصرين.
مفهوم الفرجة المسرحية
وحول المسرح الكويتي وتجاربه في هذا الإطار يؤكد المهنا أن هذه الدراسة تسعى إلى البحث في مفهوم الفرجة المسرحية وتطورها في الأطر النظرية المتصلة بالمسرح المعاصر، كما تلقي الضوء على التحديات التي يواجهها المفهوم النظري للفرجة المسرحية خلال انتقاله إلى الدراسات النقدية في الثقافة العربية، ومن ثم تقارب هذه الدراسة بين الإطار النظري وأنساق الفرجة المسرحية في المسرح الكويتي المعاصر، وذلك عبر دراسة نماذج مختارة من عروض المسرح النوعي، وتلقي الضوء على تلك النماذج في بعديها الفني والثقافي، لتثير تساؤلات حول مدى إمكان أنمذجتها باعتبارها تجارب مسرحية تثاقفية تدفع بالمسرح الكويتي نحو آفاق جديدة.واستعرض المهنا جملة من الآراء النظرية التي تسعى إلى البحث في دور الفرجة المسرحية في العملية الإبداعية، متطرقا الى الفرجة المسرحية في النقد العربي، ومشيرا إلى الانعكاسات الكولاجية في تجارب المخرج الكويتي خالد أمين، عبر مسرحيات «من منهم هم»، و»ما وراء» كنماذج تطبيقية تعكس تأثيرات مثيرة للاهتمام أسهمت في تشكيل الفرجة المسرحية اعتمادا على النص المسرحي.
ثيمة أساسية
ففي تلك العروض - التي يتم إعدادها دراماتورجيا عن طريق انتخاب ثيمة أساسية – نتلمس محاولات جادة لوضع النص المعتمد في سياق ثقافي جديد، عبر استخدام تقنيات فنية خاصة تهدف إلى إعادة اكتشاف النص الشكسبيري من جديد.من جانبه، قدم د. كريمي ورقة بحثية بعنوان «الفرجة والثقافة الأنتربولوجية... فرجة كناوة بالمغرب نموذجاً»، أكد خلالها أن المسرح باعتباره إنتاجا فنيا وفلسفيا، لابد أن يحيلنا إلى المرجعيات التي استلهم منها تصوراته ومناهجه، وآليات اشتغاله. ومادام المسرح بصيغته الغربية المتداولة فن طارئ ودخيل على الثقافة العربية الإسلامية، فإن محاولة استيعابه واحتوائه في ظل المثاقفة غير المتكافئة، والصراع الحضاري المتنامي أفرز وضعا إشكاليا مقلقا، وولّد أسئلة «مستفزة» بشأن الهوية، وعلاقة الذات بالآخر، والإبداع والاتباع، وهذا ما دفع بمجموعة المسرحين العرب إلى الدعوة للبحث عن قالب مسرحي عربي متميز، مستفيدين من التراث الشفاهي اللامادي والمكتوب، والظواهر الفرجوية المنتشرة في ربوع العالم العربي.