احترام مقبرة الكلاب
عام 1975 التحقت بجامعة جنوب كاليفورنيا في مدينة لوس أنجلوس، ولما كنت مصطحباً عائلتي المكونة من زوجتي وثلاثة أطفال نُصحت ممن سبقوني بشراء بيت بدلاً من التأجير.وبالفعل اشتريت بيتاً في منطقة لاس فيلاز، التابعة لناحية هوليوود، وكان سعر البيت ستين ألف دولار، دفعت منها عشرة آلاف وقُسط الباقي على دفوعات شهرية.وليس هنا بيت القصيد من هذا المقال، وإنما هو في كيفية إتمام الإجراءات الخاصة بتوابع شراء البيت من إيصال الكهرباء، والمياه، والهاتف، وكل ما له علاقة بهذا الموضوع.
***• في مكتب الوكيل، الذي تم شراء البيت منه، قمت بالتوقيع على عدة أوراق لإتمام الإجراءات القانونية، ثم استلمت المفاتيح، وسكنت البيت الذي توفرت فيه كل الخدمات المطلوبة، دون أن أذهب إلى أي جهة رسمية، فبمجرد التوقيع على أوراق الشراء في مكتب الوكيل العقاري تم إخطار كل الدوائر المسؤولة عن إيصال الخدمات دون الحاجة إلى المرور بهذه الإجراءات البيروقراطية التي ترهق الإنسان في بلداننا العربية.***• لكن من أطرف ما صادفني في هذا الموضوع أنني تلقيت عدة مكالمات هاتفية من مقبرة ضاحية هوليوود فقابلتها بالتجاهل، لكن مديرة المقبرة أصرت على أن أقوم بزيارتها لأمر في غاية الأهمية، ولما سألتها:- ما الموضوع المهم الذي تريدين أن تريني من أجله؟- يا سيدي ضاحية هوليوود تسير وفق نظام لا يجوز الإخلال به.- وما علاقتي بهذا النظام؟- أنت منذ أن سكنت في هذه المنطقة أصبحت طرفاً فيه.- كيف؟- لكي يتم تحديد عدد القبور التي تحتاجها.- لكننا يا سيدتي لم نزل أحياء!- صحيح، لكنكم يوماً ما ستواجهون هذا الواقع ولابد من الاستعداد له. - وما المطلوب مني؟- أن تأتي لتحديد عدد القبور ومكانها والسعر المناسب لكل واحد منها.• عند هذا الحد من الحوار وجدتني أعجب بالفكرة، لما تحمله من غرابة غير معهودة بالنسبة لي.***• في مكتب مديرة المقبرة عُلقت العديد من الصور الفوتوغرافية لنجوم سينما وشخصيات أخرى من مشاهير المجتمع الأميركي.استقبلتني سيدة ستينية بترحاب شديد:- أنت من الكويت؟- نعم. - لدينا قبور لشخصيات من الهند، ولكن أنت العربي الأول في منطقتنا!ثم أطلعتني على خارطة تحتوي على أماكن لقبور أسماء شخصيات مدفونة فيها، سألتها: - كيف هي الأسعار؟- هذا يعتمد على المكان الذي تختاره، فالسعر بالقرب من قبر مارلين مونرو هو الأكثر ارتفاعاً.- والأسعار الأدنى من ذلك؟- توجد أسعار أقل من ذلك بالقرب من قبور كلاب المشاهير.***• خرجت من مكتب مديرة المقبرة وكتبت:"حتى الكلاب يستفاد منها بعد موتها، بينما هناك ملايين من البشر الأحياء لا قيمة لحياتهم!".