ما إن طُرحت فكرة أن الوافدين هم سبب تراجع الكويت في مجالات مختلفة من بعض السياسيين في الانتخابات الماضية، حتى تحولت هذه الفكرة إلى قناعة لدى الكثيرين؛ لينسفوا بهذه الفكرة كل ما يتصل بالمنطق والموضوعية.فتحولت الفكرة الساذجة التي تقول إننا ما دمنا نعاني الازدحام في المرافق المختلفة وفي الطرق فلا بد من استبعاد مجموعة من الناس بسبب هذه الزحمة!
ولأننا لا نستطيع استبعاد الكويتيين فإننا نتجه إلى الحلقة الأضعف وهم الوافدون، متغافلين عن حقيقة أن كل المهن الطاردة للكويتيين لا يعمل فيها سوى الوافدين، وأسطوانة "عطوا الكويتيين فرصة" أثبتت عدم صحتها مؤخراً بعد أن رفض الكويتيون العمل في الجمعيات التعاونية، ورغم النداءات المتكررة من اتحاد الجمعيات التعاونية فإن تلك الوظائف لم تلق القبول لدى الكويتيين مع أن الرواتب المخصصة لتلك الوظائف عالية.على أي حال قرأت في اليومين الماضيين خبرا يتطرق لدعوى قضائية رفضتها المحكمة، ولله الحمد، إلا أن فحواها هو ما استفزني بشدة، فالدعوى تطالب بمنع الوافدين من الدراسة في مدارس الحكومة، ومنع أي استثناء من هذه القاعدة.لا أعرف إلى أي انحدار سنصل أكثر مما نحن عليه، فقد تجاوزنا أي حد منطقي مقبول في تعاطينا مع الناس، وكأننا نطلب منهم أن يعيشوا في أكبر قدر ممكن من القيود، فلا صحة ولا تعليم ولا رواتب مجزية ولا حتى ترفيه، بل هناك أشغال شاقة مستمرة، وأحيانا بلا رواتب لأشهر طويلة، ويجب عليهم أن يتحملوا ذلك برحابة صدر، وأن يقدموا أفضل ما لديهم، وأكاد أجزم أنه لا يوجد كويتي من المطالبين بكل تلك القيود يستطيع أن يتحمل جزءاً بسيطاً مما يرغب في تطبيقه عليهم.إن هذه النوعية من المطالبات والقيود ما هي إلا مؤشر على انحدار أخلاقي كبير، يشير بأصابع الاتهام إلى ما يقدم لمجتمعنا من علم وثقافة طوال السنوات الطويلة الماضية، ويتطلب صحوة أخلاقية عنيفة تنتشلنا من هذا القاع السحيق الذي وصلنا إليه.
مقالات
«وايد انحدرنا»
20-12-2017