خدعنا الحب!
وثقنا بالحب، وآمنا بما كان يقول، أوهمنا سنين أن عدالته فوق الشبهات، ونزاهته حد قاطع، وأن مشاعره لا تحيد مقدار شعرة في تعاطيه مع المحبين.كنا نزعم أن الحب لا يفرق بين أنثى وذكر، لكليهما نفس الحقوق والواجبات. سنون ونحن نستغيث هذه الكذبة الزرقاء، لتمطرنا رغيفاً من الظن نضعه على مائدة قلوبنا كل صباح، ونمضغه متلذذين بطعمه، لأننا على يقين بأن من نحب يشعر بذات الطعم، ومؤمنون بأن الحب يوحِّد قياس المشاعر، لا فرق بين أنثى ورجل، للاثنين ذات القدر من اللؤلؤ الذي تحيكه الجروح من ماء العيون، ولهما ذات العدد من الزهور التي تنبت تحت الجلد من أثر لمسة، ولخطاياهما ذات المواصفات، وذات المسمّى، ولذنوبهما ذات العقاب، وان جرح أي منهما لا يمنح كرزاً لآخر، بل وجعاً بنكهة الكرز، وغيمة صفراء جافة في كف أحدهما لا تلد سمكة في كف الآخر، ولا يمكن لهجير جفن قاحل في عين أي منهما أن تخرج من قبعته حمامة سهر كحيلة ساحر هرم.
إن آدم وحواء الحب يتحدان بهوية واحدة بفعل الهوى، هذا ما كنا نؤمن به، وما رسّخ هذا الإيمان فينا، أنه عند حدود الحب وقبل الدخول تم تغيير بياناتنا في الهوية الرسمية، إذ تم شطب خانة تصنيف الجنس من معلومات تأشيرة الدخول!إلا أن ذلك كان خدعة، وتضليلا مقصودا، وعملية نصب واحتيال بتدبير من الحب، للإيقاع بنا نحن الرجال! نحن الرجال ضحية انحياز مكشوف من الحب. إن الحب ليس منصفاً بين المرأة والرجل، ولديه تمييز فاضح على أساس الجنس! مخطئ من يعتقد أن الحب يقف على مسافة واحدة بين الأنثى والرجل، وإن لحظها منه مثل حظه، وان لهما نفس النصيب من خزائن رضاه. إن الحب يزهّر شوك المحبوبة، فيما يجعل شوك الحبيب مسموماً. الحب مع خطايا الحبيبة غفور رحيم، ومع نفس الخطايا على الحبيب شديد العقاب، يجمّل ذنوب المحبوبة بالكحل وأحمر الشفاه والسكّر، ويغسل الخصال غير الحميدة في الحبيبات، لتصبح جزءا من فتنتهن. الغرور يزيد من إغوائهن وجاذبيتهن، ويجعلهن تحديا مجرد الحصول عليه غاية بحد ذاتها، في حين يخفض الغرور منزلة الحبيب بقدر سماء. الشك لدى الحبيبة غيرة نساء، والغيرة لدى الحبيب شك صادر عن عدم ثقة. التردد في الإمساك بالجناح الآخر للحظة ذهبية يسميها الحب من خفر الإناث، وربما بعض ما تمدّ به كف الغنج، فيما إن قام بها حبيب فذلك فعل مشين يدل على عدم اكتمال الأهلية. عند إدانة الحبيبة –في حال حدث ذلك- بفعل ما، فإن العقوبة المخففة هي ما ينطق به الحب، وغالبا مع وقف التنفيذ، لأن قلب الحبيبة الأنثوي لا يحتمل. أما ما تقوم به من ممارسات تجعل الأنفاس موقد جمر يصنفها الحب دلعا يضيء النجوم على حسن أنثى، في حين هي من خصال الاستبداد الدنيء إن قام بها حبيب.بعد سنين من حسن الظن بالحب اتضح أنه لا يقاوم تأثير الأنوثة!