لاشك أن الفترة المقبلة تحمل في جعبتها الكثير من التحديات الجسام أمام القطاع النفطي، في حين يرى بعض المتخصصين في مجال النفط ضرورة الوصول إلى الإنتاج المرجو في الكويت، الذي سوف يفوق، حسب تصريحات المسؤولين، أربعة ملايين برميل يومياً خلال الفترة ما بين عامي 2030 و2040 مع أهمية الاعتماد، بشكل أوسع، على الصناعات التحويلية المرتبطة بالنفط.في البداية، يرى الباحث في اقتصادات الطاقة د. مشعل السمحان أن أهم التحديات أمام قيادات النفط الجديدة هي عودة الإنتاج في منطقة الخفجي والوفرة (المنطقة المقسومة) إضافة إلى تبيان أسباب استمرار الموظفين هناك في تسلم رواتبهم على مدى السنوات الثلاث الماضية، وعدم تحويلهم إلى مختلف قطاعات النفط.
وأشار السمحان إلى ضرورة توضيح الرؤية حيال الاستعانة بالشركات النفطية الأجنبية، وهل هناك أفكار للتوسع في التعامل معها أم الاكتفاء بالشركات الوطنية فقط؟ فضلاً عن أهمية الشرح الوافي لاستراتيجية الوصول بالإنتاج إلى أربعة ملايين برميل يومياً بحلول عام 2030 بحيث تكون هناك ضمانات مؤكدة لتحقيق سقف الإنتاج المستهدف، وعلينا أيضاً تبيان مدى احتياجنا للشركات الأجنبية للوصول إلى هذا الكم من الإنتاج إذا قررنا ذلك.وتساءل السمحان عن قرار البحث عن الغاز في البلاد المتخذ منذ عشر سنوات؟ مردفاً: ألم يحن الوقت للبحث بجدية في استخراج الغاز؟ولفت إلى ضرورة وضع التصور الكامل والشامل للانطلاق في الصناعات التحويلية المرتبطة بالنفط من أجل تخفيف آثار تذبذب أسعار النفط، فضلاً عن النظر بجدية في تلك الصناعات التحويلية والتعامل مع المنافسة في المنطقة بشكل أكثر دراسة وتوسعاً، إذ إن التأخر في اتخاذ قرار التوجه لمثل تلك الصناعات سيفقدنا حصصنا في السوق العالمي.من ناحيته، قال رئيس مجلس الإدارة في شركة الخدمات البترولية عمران حيات، إن القطاع يسير عبر خطة استراتيجية واضحة ومرسومة للوصول إلى مبتغى تلك الاستراتيجية، أي إنتاج أربعة ملايين برميل يومياً، مضيفاً أن القطاع الخاص، الذي يعمل في السوق النفطي، يجدول خططه بناء على توجه الدولة، لكنه لا يرى أي تأثير يذكر ناجم عن تذبذب أسعار الخام، على حد قوله.وشدد حيات على ضرورة توفير قاعدة بيانات ومعلومات أكثر وضوحاً من القادة المسؤولين عن القطاع حول ما يختص بالمشاريع الحالية، وحتى التي يمكن تأجيلها، لأن ذلك يخلق روحاً إيجابية في الأوساط النفطية، لاسيما شركات القطاع الخاص العاملة في المجال.وقال إن القطاع النفطي من أفضل القطاعات الحكومية لناحية الأداء والمشاريع، التي يسندها إلى الشركات الخاصة، إضافة إلى توفيره فرص عمل حقيقة ومجدية للمواطنين، موضحاً أن القطاع تنقصه المرونة، التي تتوافر بقوة لدى القطاع الخاص، وأن الصناعات البتروكيماوية تخلق أسواقاً كبيرة نحتاج إليها لزيادة الموارد المالية للدولة.من جانبه، قال الخبير والاستشاري النفطي د. عبدالسميع بهبهاني، إن هناك عوامل متعددة مؤثرة في السوق النفطي، على رأسها الأسعار وعليه، فإن بهبهاني يرى أن على الكويت الإسراع في زيادة الإنتاج للاستفادة القصوى من الأسعار الحالية والمرشحة أن يتجاوز فيها سعر برميل النفط الستين دولاراً للبرميل خلال العامين المقبلين.وبين أن الكويت تأخرت كثيراً في هذا الشأن، رغم المسوحات الاستكشافية المختلفة، التي قامت بها لافتاً إلى أهمية الاستعداد بكل القدرات الممكنة للعمل على استخراج النفط الثقيل، الذي اعتبره بهبهاني الأكثر ربحية لأنه لا يحمل الكثير من المادة الكبريتية.وشدد على ضرورة منح مزيد من الاهتمام بالصناعات التكريرية لافتاً أيضاً إلى تأخر الكويت في استخراج الغاز لأنه بديل عن الطاقة المتجددة التي اعتبرها ترويجاً سياسياً لا طائل منه.وفيما أكد المحلل النفطي أحمد كرم أن مؤسسة البترول الكويتية وضعت برنامجاً لاستراتيجيتها حتى عام 2030 لإنتاج نحو أربعة ملايين برميل نفط يومياً، فقد أشار إلى أن تلك الاستراتيجية مستمرة حتى عام 2040 وتتضمن عدة مشاريع حيوية منها زيادة مشاريع الإنتاج والوقود البيئي ناهيك عن الاستثمارات الخارجية في فيتنام على سبيل المثال، فضلاً عن مشروع مصفاة الدقم في سلطنة عمان، لافتاً إلى أن تلك المشاريع تبلغ قيمتها الاجمالية 20 مليار دينار.وقال كرم، إن ذلك يدلل على أن القطاع النفطي لم يهتم بأسعار الخام قدر اهتمامه بالمضي قدماً في تنفيذ الخطط الموضوعة وبخطوات ثابتة مشيراً إلى أن تنفيذ تلك الاستراتيجية يعد من أهم التحديات، وبالإضافة إلى ذلك فإن القطاع النفطي يولي أهمية بالغة بالتحول تدريجياً إلى الصناعات التحويلية المعتمدة على النفط لأن معظم دول المنطقة قطعت فيها خطوات كبيرة فيما تأخرنا نحن في إنجازها.
اقتصاد
تحديات جسام تواجه القطاع النفطي خلال الفترة المقبلة
21-12-2017