عاد التوتر بين مصر والسودان إلى الواجهة مجددا أمس، بعدما جددت الخرطوم مزاعمها بأحقيتها في مثلث حلايب وشلاتين المصري، عبر إعلانها الاعتراض رسميا أمام الأمم المتحدة على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية في البحر الأحمر التي وقعت في أبريل 2016، وتضمنت المنطقة البحرية المشاطئة لمثلث حلايب، وهو ما رأت فيها الخرطوم اعترافا من الرياض والقاهرة بملكية الأخيرة للمثلث، وسط اتهامات مصرية للخرطوم بالانحياز لجانب أديس أبابا ضد مصر في مفاوضات سد النهضة الإثيوبي.

وقالت «الخارجية» السودانية، في خطاب رسمي للأمم المتحدة نشرته الصحف السودانية، إن «حكومة السودان تعلن اعتراضها ورفضها لما يعرف باتفاقية تعيين الحدود البحرية» بين مصر والسعودية، وشددت الخرطوم على أنها تعترض على الاتفاقية وكامل رفضها لما جاء فيها من «تعيين للحدود البحرية المصرية بما يشمل إحداثيات لنقاط بحرية تعتبر جزءا لا يتجزأ من الحدود البحرية لمثلث حلايب السوداني».

Ad

وجاء التصعيد السوداني في ملف مثلث حلايب المصري، بعد نحو أسبوع من تصريحات لوزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور، بأن بلاده متمسكة بمطالبها في «حلايب وشلاتين» «حتى عودتها إلى حضن الوطن»، ودعا الجانب المصري إلى التحاور كما حدث بخصوص جزيرتي تيران وصنافير، أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، كما «فعلوا مع إسرائيل حول طابا».

ورفض مصدر مصري رفيع المستوى التحركات السودانية جملة وتفصيلا، مؤكدا

لـ «الجريدة» أن معاهدة تعيين الحدود البحرية مع السعودية تتضمن المجال البحري لمثلث حلايب باعتباره أرضا مصرية «وهي حقيقة لا تقبل النقاش»، مضيفا: «الجانب السوداني يتحدث فيما لا حق له فيه، والغريب وغير المفهوم هو السعي المستمر من جانب النظام السوداني لإثارة التوتر بين البلدين»، وأشار إلى أن مصر تمتلك الخرائط والوثائق التي تثبت صحة موقفها.

من جهته، أكد مصدر مطلع لـ «الجريدة»، أن القاهرة شكلت فريقا قانونيا يضم خبراء في القانون الدولي لمتابعة تحركات الحكومة السودانية فيما يتعلق بإثارة الجدل حول المثلث الحدودي، وأضاف: «رغم أن مصر تمتلك محفظة مستندات تثبت ملكيتها للمثلث، فإنها ترفض التفاوض مع السودان حوله بشكل قاطع، لأن الملف مغلق بالنسبة للقاهرة».

بدوره، قال مدير وحدة السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، هاني رسلان، لـ «الجريدة» إن الموقف السوداني جزء من حالة التصعيد طويلة المدى التي تقوم بها حكومة عمر البشير ضد مصر، عبر إثارة ملف حلايب وشلاتين، وشن حملات كراهية ضد مصر في وسائل الإعلام المحلية، وأضاف: «هذا المخطط نوع من أنواع التوظيف السياسي الذي يحاول البشير من خلاله تبرير انقلاب موقفه وتحالفه مع إثيوبيا في ملف سد النهضة والذي يطيح بحقوق مصر التاريخية في مياه النيل».

شريحة جديدة

في الشأن الاقتصادي، واصل صندوق النقد الدولي الإشادة بإجراءات مصر للإصلاح الاقتصادي، بحسب بيان المدير العام للصندوق، ديفيد ليبتون، الذي قال إن برنامج القاهرة للإصلاح الاقتصادي يحقق نتائج مشجعة، وأعلن الصندوق أن مصر ستحصل على ملياري دولار عقب كل مراجعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تطبقه الحكومة المصرية منذ نهاية العام الماضي، وذلك من قيمة القرض الموقع بين الصندوق الحكومة في نوفمبر 2016 بقيمة إجمالية 12 مليار دولار.

وذكر بيان الصندوق أن مصر بعد حصولها على دفعة بقيمة ملياري دولار على خلفية موافقة المجلس التنفيذي للصندوق أمس، سيصل إجمالي ما حصلت عليه من القرض إلى 6 مليارات دولار، أي نصف المجموع الكلي لقيمة القرض، فيما أكد مصدر حكومي لـ «الجريدة»، أهمية اعتماد مبلغ الملياري دولار، لدعم خطط الحكومة، وكشف عن أن الأولوية تتمثل في خفض معدلات التضخم، الذي يشكل خطرا على استقرار الاقتصاد الكلي ويضر بالطبقات الأقل دخلا.

عودة إسماعيل

في غضون ذلك، قال مصدر مطلع إن رئيس مجلس الوزراء شريف إسماعيل، سيعود إلى القاهرة خلال ساعات، بعد رحلة علاجية إلى ألمانيا استغرقت نحو الشهر، لإجراء عملية جراحية تتعلق بمرضه سرطان البنكرياس، وأشار المصدر إلى أن إسماعيل سيعود إلى منزله في القاهرة، بعد أن تم تجهيزه بشكل كامل لكي يستطيع ممارسة مهام منصبه، إلا أنه استبعد أن يعود إسماعيل إلى مقر عمله في الفترة القريبة.

في سياق منفصل، أثار إقرار البرلمان المصري قانون التأمين الصحي الشامل، الاثنين الماضي، ردود فعل مختلفة، إذ أعلن اتحاد المهن الطبية الذي يضم نقابات الأطباء والصيادلة والأسنان والطب البيطري، في اجتماعه أمس الأول، تعليق انعقاد الجمعية العمومية الطارئة التي كان من المفترض عقدها اليوم، لرفض قانون التأمين. ورأى أعضاء مجلس الاتحاد أن القانون بعد إقراره بشكل نهائي لا جدوى من الاعتراض عليه، لذا قرر المجلس طلب لقاء عاجل مع رئاسة الجمهورية لعرض وجهة نظر الاتحاد، والمطالبة بعدم تصديق رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي، على القانون، وإعادته إلى مجلس النواب لإعادة المداولة حول بنوده التي تتعارض مع مواد في الدستور.